خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبةُ الجمعة القادمة : “إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه”. د. مُحمد حرز

خطبةُ الجمعة القادمة : “إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه”. د. مُحمد حرز … بتاريخ: 11 ذي القعدة 1446 هـ- 9 مايو 2025م
الحَمدُ لِلَّهِ الرّحِيمِ الرّحمَنِ، أَكرَمَنَا بِالقُرآنِ، وَجَعَلَهُ قِيَامًا لِحَيَاةِ الإِنسَانِ، وَصَانِعًا لِلعُلَمَاءِ وَالعُبّادِ وَالفُرسَانِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ المَنّانُ، وَأَشهَدُ أَنّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ المَبعُوثُ بِالقُرآنِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ ذَوِي التُّقَى وَالإِحسَانِ، أَمَّا بَعدُ:فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَرَاقِبُوهُ، وَأَطِيعُوهُ وَلَا تَعصُوهُ)): ‌يَا أَيُّهَا ‌الَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌اتَّقُوا ‌اللَّهَ ‌وَكُونُوا ‌مَعَ ‌الصَّادِقِينَ.((
عبادَ اللهِ: (( إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه)) بل إن شئت فقل(( مواجهةُ القرآنِ للشبهاتِ الفكريةِ))عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.

خطبةُ الجمعة القادمة word : “إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه”. د. مُحمد حرز

خطبةُ الجمعة القادمة pdf : “إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه”. د. مُحمد حرز

عناصرُ اللقاءِ:
أولًا: القرآنُ منهجُ حياةٍ..
ثانيًا: القرآنُ حَصَانُكَ من الشبهاتِ والفتنِ.
ثالثــــًا وأخيرًا : علموا أولادَكم القرآنَ والقرآنُ سيعلمهم كلَّ شيء!!
خطبةُ الجمعة القادمة : "إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه". د. مُحمد حرز
خطبةُ الجمعة القادمة : “إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه”.
د. مُحمد حرز
أيُّها السادةُ :ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن مواجهة القرآن والسنة للشبهات الفكرية وغيرها التي انتشرت بين شبابِنا وشباتِنا بسبب مواقعِ التواصلِ الاجتماعي ولا حول ولا قوةَ إلا بالله، وخاصةً من الواجبِ على الدعاةِ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها أن يحذروا الناسَ من تلكم الشبهاتِ وتلكم الفتن التي انتشرت كالنارِ في الهشيمِ، وخاصة والقرآنُ هو الْكِتَابُ الْمُبِينُ، وَالْحِصْنُ الْحَصِينُ، وَالْحِرْزُ الْمَكِينُ مِنَ الْأَبَالِسَةِ وَالشَّيَاطِينِ، فِيهِ عَجَائِبُ لَا تَنْقَضِي، لَا يَمَلُّ مِنْهُ قَارِئُوهُ، وَلَا يَسْأَمُ مِنْهُ سَامِعُوهُ، هو حبلُ اللهِ المتينُ ونورهُ المبينُ وهو الذكرُ الحكيمُ وهو الصراطُ المستقيمُ وهو الذي لا تزيغُ به الأهواءُ ولا تلتبسُ به الألسنةُ ولا يشبعُ منه العلماءُ وهو الذي مَن قالَ به صدق، ومَن حكمَ به عدل، ومَن عملَ به أُجر، ومَن دعي إليه هدي إلي صراطٍ مستقيمٍ. قالَ جلَّ وعلا((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ((العنكبوت51)).وخاصةً والقرآنُ الكريمُ بمناهجِه المختلفةِ وأدلتِه القويةِ وبراهينِه الساطعةِ، له دورٌ كبيرٌ في الردِّ على الطاغين في دينِه وشريعتِه، والمفترين على نبيِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم، بالبراهين الواضحة، والحجج البالغة، والأدلة القوية للردِّ على الشبهات وإبطالها، وللهِ درُّ القائلِ
لك معجزاتٌ باهراتٌ جمةٌ*** وأجلهَا القرآنُ خيرُ مؤيدِي
ما حُرفتْ أو غُيرتْ كلماتُه*** شُلّتْ يدُ الجانِي وشاهَ المعتدِي
أولًا: القرآنُ منهجُ حياةٍ..
أيُّها السادة: إِنّ مِن أَعظَمِ مَكرُمَاتِ الرَّحمَنِ، وَبَرَكَاتِهِ عَلَى الإِنسَانِ، أَن أَنزَلَ عَلَيهِ القُرآن.هَذَا الكِتَابُ الَّذِي هُوَ نُورٌ وَهِدَايَةٌ وَإِسعَادٌ، وَرُوحٌ لِلقُلُوبِ وَدَلَالَةٌ وَإِرشَادٌ، أَنزَلَهُ اللَّهُ عَلَى قَلبِ سَيِّدِ المُرسَلِينَ وَخَاتَمِهِم مُحَمَّدٍ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسّلَامُ، فَفَتَحَ بِهِ أَعيُنًا عُميًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلفًا. وكيف لا ؟ ولقد امتنَّ الله علينا بأنْ أنزلَ علينا هذا الكتاب المبين؛ الذي يتلوه علينا خيرُ رسولٍ بُعث إلى البشريَّة، قال جل وعلا: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].
وكيف لا ؟ والله ُ جل وعلا حَمِدَ نفسَه على إنزالِ هذا الكتابِ العظيم ِ، فقال جلّ في عُلاه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا} [الكهف: 1].
واللهُ إنَّما يَحْمَد نفسَه على أمرٍ مهمٍّ عظيمٍ، وعلى إفضالٍ كبيرٍ تفضّل به على هذه البشريَّة، إنَّه إنزالُ هذا القرآن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، بل عظَّم نفسَه وقدَّسها حيثُ أنْزَلَ هذا القرآنَ، قال جل وعلا {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1.
وكيف لا ؟ والله ُ جل وعلا حثَّ على تدبُّرهِ وتفهُّمِهِ والنّظرِ في معانيهِ، فإنَّه إنّما أُنزِل مِن أجلِ ذلك، كي يكون هذا وسيلةً إلى العملِ به، ولم يُنزَّل من أجل افتتاحِ الحفلاتِ والمناسباتِ ، أو أن يُعلَّق على الجدرانِ، إنّما أُنزِل ليكون منهجاً ودستورًا في هذه الحياة؛ يُطبَّق ويسيرُ النّاسُ على ضوئهِ، قال جل وعلا {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمّد: 24.وأخبرَ أنَّه إنَّما أنْزله لهذا المعنى قال جل وعلا : {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29) لذا جعلَ اللهُ نزولَ القرآنِ علي الأمةِ المحمديةِ نعمةً لا تحصَي ومنةً عظمَي، قالَ ربُّنَا: { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)}، وقال جل وعلا: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) } قال ابنُ عباسٍ: فضلُ اللهِ :الإسلام ،وَرَحْمَتُهُ :أَنْ جَعَلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ” فالحمدُ للهِ علي نعمةِ الإسلامِ وكفَي بها نعمة، والحمدُ للهِ علي نعمةِ القرآنِ وكفَي بها نعمة،
وكيف لا ؟ وخَيْرُ النَّاسِ فِي الدُنْيَا أَهْلُ الْقُرْآن، تلَاوتُه كلُّها خَيْرٌ، وَلَا تَأْتِي إِلَّا بِالخَيْرٍ و { الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ فَلَهُ أَجْرَانِ“، مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَة، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. والقرآنُ الكريمُ كتابُ رحمةٍ للعالمين، قال جلّ وعلا(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 57. لذا قال أحدُ السلفِ: اطلبْ قلبَكَ في ثلاثةِ مواطنٍ عندَ سماعِ القرآنِ، وعندَ مجالسةِ الصالحين، وفي أوقاتِ الخلوةِ، فإنْ لم تجدْهُ فسل اللهَ أنْ يمنَّ عليك بقلبٍ فإنَّه لا قلبَ لك .لذا قال عثمانُ رضي اللهُ عنه: واللهِ لو طهرتْ قلوبُنَا ما شبعنَا مِن كلامِ ربِّنَا)) وكيف لا ؟ والقرآنُ سبيلُ النجاةِ في الدنيا وسبيلُ النجاةِ في الآخرةِ، ونسيانُ القرآنِ سببٌ مِن أسبابِ العمَي عمَي القلوبِ، كما قال ربُّنَا: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) }، قال ابنُ عباسٍ -رضي اللهُ عنه-: “ذِكْرُ اللهِ -تعالى- هنا هو القرآنُ تَكَفَّلَ اللهُ -تعالى- لمن أخذَ بالقرآنِ ألّا يَضِلَّ في الدنيا ولا يَشقى في الآخِرَة، ثم قرأ: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)[طه:123]”. وكراهةُ القرآنِ تُؤدِّي إلى إحباطِ ثوابِ الأعمالِ، كما قال ربُّنا: ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (😎 ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) }، فالقرآنُ سبيلُ النجاةِ في الدنيا وسبيلُ النجاةِ في الآخرةِ.
وكيف لا ؟ وهَذَا القُرآنُ الَّذِي هُوَ كَلَامُ الرَّحمَنِ، نَزَلَ عَلَى تِلكَ القُلُوبِ كَالغَيثِ الصَّافِي عَلَى الأَرضِ العَطشَى، فَأَثمَرَ فِيهَا أَلوَانَ الطَّيّبَاتِ، وَصَيّرَهَا مِن أَرَاضٍ جَردَاءَ إِلَى حَدَائِقَ وَجَنَّاتٍ، وَهَذَا مِن عَجِيبِ تَأثِيرِ القُرآنِ وَإِعجَازِهِ، الدَّالّ عَلَى أَنَّهُ لَم يَأتِ بِهِ وَلَا يَأتِي بِمِثلِهِ بَشَرٌ، بَل هُوَ تَنزِيلُ الحَكِيمِ الحَمِيدِ.يَقُولُ الخَطّابِيُّ رحمه الله: «مِن إِعجَازِ القُرآنِ صَنِيعُهُ بِالقُلُوبِ، وَتَأثِيرُهُ فِي النُّفُوسِ، فَإِنَّكَ لَا تَسمَعُ كَلَامًا غَيرَ القُرآنِ مَنظُومًا وَلَا مَنثُورًا، إِذَا قَرَعَ السَّمعَ خَلَصَ لَهُ إِلَى القَلبِ مِن اللَّذَّةِ وَالحَلَاوَةِ فِي حَالٍ، وَمِن الرَّوعَةِ وَالمَهَابَةِ فِي أُخرَى، مَا يَخلُصُ مِنهُ إِلَيهِ.
تَستَبشِرُ بِهِ النُّفُوسُ، وَتَنشَرِحُ لَهُ الصُّدُورُ، حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ حَظَّهَا مِنهُ، عَادَتْ مُرتَاعَةً قَد عَرَاهَا الوَجِيبُ وَالقَلَقُ، وَتَغَشّاهَا الخَوفُ وَالفَرَقُ، تَقشَعِرُّ مِنهُ الجُلُودُ، وَتَنزَعِجُ لَهُ القُلُوبُ، يَحُولُ بَينَ النَّفسِ وَبَينَ مُضمَرَاتِهَا وَعَقَائِدِهَا الرَّاسِخَةِ فِيهَا؛ فَكَمْ مِن عَدُوٍّ لِلرَّسُولِ ﷺ مِن رِجَالِ العَرَبِ وَفُتّاكِهَا، أَقبَلُوا يُرِيدُونَ اغتِيَالَهُ وَقَتلَهُ، فَسَمِعُوا آيَاتٍ مِن القُرآنِ، فَلَم يَلبَثُوا حِينَ وَقَعَت فِي مَسَامِعِهِم أَن يَتَحَوّلُوا عَن رَأيِهِمُ الأَوَّلِ، وَأَن يَركَنُوا إِلَى مُسَالَمَتِهِ، وَيَدخُلُوا فِي دِينِهِ، وَصَارَتْ عَدَاوَتُهُم مُوَالَاةً، وَكُفرُهُم إِيمَانًا!…
بَعَثَ المَلَأُ مِن قُرَیشٍ عُتبَةَ بنِ رَبِيعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيُوَاقِفُوهُ عَلَى أُمُورٍ أَرسَلُوهُ بِهَا، فَقَرَأَ عَلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ آيَاتٍ مِن حمٓ السَّجدَة، فَلَمَّا أَقبَلَ عُتبَةُ وَأَبصَرَهُ المَلَأُ مِن قُرَيشٍ قَالُوا: أَقبَلَ أَبُو الوَلِيدِ بِغَيرِ الوَجهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ!وَلَمّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ القُرآنَ فِي المَوسِمِ عَلَى النَّفَرِ الَّذِينَ حَضَرُوهُ مِن الأَنصَارِ آمَنُوا بِهِ، وَعَادُوا إِلَى المَدِينَةِ فَأَظهَرُوا الدِّينَ بِهَا، فَلَم يَبقَ بَيتٌ مِن بُيُوتِ الأَنصَارِ إِلَّا وَفِيهِ قُرآنٌ. بل لمّا سمعَ الجنُّ القرآنَ مِن أطهرِ فمٍ عرفَهُ الوجودُ وهو فمُ المصطفَى ﷺ ( فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}. ولَيسَ أَعظَمَ فِي وَصفِ تَأثِيرِ القُرآنِ عَلَى القُلُوبِ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ الـمُتَكَلّمُ بِهِ إِذ يَقُولُ: لو ‌أَنزَلنَا ‌هَذَا القُرآنَ ‌عَلَى ‌جَبَلٍ ‌لَرَأَيتَهُ ‌خَاشِعًا ‌مُتَصَدِّعًا ‌مِن ‌خَشيَةِ ‌اللَّهِ، ويقول تعالى: ‌اللَّهُ ‌نَزَّلَ ‌أَحسَنَ الحَدِيثِ ‌كِتَابًا ‌مُتَشَابِهًا ‌مَثَانِيَ ‌تَقشَعِرُّ ‌مِنهُ ‌جُلُودُ ‌الَّذِينَ ‌يَخشَونَ ‌رَبَّهُم ‌ثُمَّ ‌تَلِينُ ‌جُلُودُهُم ‌وَقُلُوبُهُم ‌إِلَى ‌ذِكرِ ‌اللَّهِ))
ثانيًا: القرآنُ حَصَانُكَ من الشبهاتِ والفتنِ.
أيُّها السادة: هَذَا زَمَنٌ انْفَتَحَ فِيهِ الْعَالَمُ عَلَى بَعْضِهِ، وَكُسِرَتْ عُزْلَةُ الْأَفْرَادِ وَالْأُمَمِ، وَتَخَطَّتِ الْأَفْكَارُ وَالمَعْلُومَاتُ حَوَاجِزَ الدُّوَلِ وَالرَّقَابَةِ.. وانْتَقَلَتْ ثَقَافَةُ الشَّكِّ وَالْإِلْحَادِ والشبهات والشهوات مِنَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ فَوَصَلَتْ كَثِيرًا مِنْ أَبْنَاءِ المُسْلِمِينَ وَبَنَاتِهِمْ، فَضِعَافُ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ اسْتَسْلَمُوا لَهَا، وَغَرِقُوا فِي لُجَّتِهَا، فَنَخَرَتْ قُلُوبَهُمْ، وَأَزَالَتْ إِيمَانَهُمْ، وَعَاشُوا مُنْبَتِّينِ عَنْ أُسَرِهِمْ وَمُجْتَمَعَاتِهِمْ، والقرآنُ الكريمُ هو المخرجُ والمعين وَلَا شَيْءَ أَقْوَى من التَّحْصِينِ بكتابِ الله جل وعلا وسنةِ نبيِه ﷺ ،فالقرآنُ الكريمُ كتابُ هدايةٍ وكتابُ دعوةٍ، أنزله اللهٌ جلّ وعلا ليُخْرِجَ به الناسَ من الظلماتِ إلى النورِ، ومن ظلماتِ الكفرِ والشركِ وضلالةِ الشبهاتِ والشهواتِ، إلى نورِ الإيمانِ والهدايةِ، وذلك بيانُ الحقِّ وإحقاقه، وكشفُ الباطلِ وإبطالُه قال جل وعلا(( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)) (سورة ابراهيم الآية 1) ومن المعلومِ ياسادة أنَّ عالَمَنا اليوم يشهد تغيُّراتٍ كثيرةً وسريعةً، وهذه التَّغيُّرات تستهدف الشبابَ في عقولِهم وأرواحِهم، حيث صاروا يعانون من فراغٍ فكريٍّ وروحيٍّ أفضى بهم ليكونوا ضحيَّة صراعاتٍ وآلامٍ داخليَّةٍ وخارجيةٍ، وصار لزاماً على الشبابِ الحريصِ أن يمتلك الدِّراية والمعرفةَ بكيفيَّة التعاملِ مع هذه الشبهات، وكيفيةِ التحصينِ منها.وقد صحَّ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حديثٌ جامعٌ في طريقة التَّعامل مع الشُّبُهات المالية، وهذا الحديث نفسه يصلح ميزاناً للتَّعامل مع الشُّبُهات الفكرية، وهو: ((الحلالُ بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من النَّاس، فمن اتَّقى الشُّبُهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشُّبُهات وقع في الحرام))لذا حذّرنا نبيُّنا -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- من فتنٍ آخرِ الزّمَانِ والّتي تُعرضُ على النّاس فتتلاعبُ بِهِمْ، وتبتعدُ بهم عن طريقِ الحقِّ والرّشادِ، فقالَ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ-: “بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ”، وأمرَ بالمبادرةِ والمسارعةِ إلى الأعمالِ الصّالحةِ لتكونَ سبَباً بعدَ اللهِ في الثباتِ على الدّين، وأخبرنَا -صلى اللهُ عليهِ وسلّم- عن اضطرابِ أحوالِ الناسِ في آخرِ الزّمانِ، وأنّ منهمْ من ينجرفُ إلى طريقِ الشبهاتِ؛ فيتأثّرُ بها، ويقعُ في قلبِهِ الشّك والريبُ، فيكونُ ذلك سبباً في خروجهِ عن الإسلامِ -والعياذُ باللهِ-، قال -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: “يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً. أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً. يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا”(رواه مسلم
وأمرنا القرآنُ الكريمُ بالبعدِ عن كلِّ مجلسِ تثارُ فيه الشبهاتِ، وإلا كان القاعدُ معهم دون أن ينهاهم مشاركًا لهم في عبثِهم وظلمِهم بل هو مثلُّهم: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ)[النساء: 140]، اللهم إلا أن ينسى فيقعد ناسيًا، فإن ذكر فلينطلق موليًا فارًا بدينِه وقلبِه قال جلّ وعلا: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[الأنعام: 68]. وصدق المعصوم صلّى اللهُ عليه وسلّم إذ يقول-: ((أَلاَ إِنّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، فَقلت: مَا المَخْرَجُ مِنْهَا -يَا رَسُولَ الله-؟ قالَ: كِتَابُ الله، فِيهِ نَبَأُ مَا كان قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبّارٍ قَصَمَهُ الله، وَمَنْ ابَتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلّهُ الله، وَهُوَ حَبْلُ الله المَتِينُ، وَهُوَ الذّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصّرَاطُ المُسْتَقِيمُ، هُوَ الّذِي لاَ تَزِيعُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الالْسِنَةُ، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلاَ يَخْلُقُ عَلى كَثْرَةِ الرّدّ، وَلاَ تَنْقَضَي عَجَائِبُهُ )) فالقرآنُ الكريمُ وقايةٌ ومخرجٌ من الضلالات والفكرِ المنحرفِ والشبهات الزائفة والتسلحُ بالقرآنِ نجاةٌ وهدايةٌ وفلاحٌ وكيف لا ؟ و القرآنُ الكريمُ هو الَّذِي صَنَعَ جِيلَ الصّحَابَةِ لَا يَزَالُ يُقرَأُ فِينَا اليَومَ غَضًّا طَرِيًّا كَمَا أُنزِلَ، فَيُتلَى عَلَى مَسَامِعِنَا فِي الصَّلَوَاتِ، وَفِي وَسَائِلِ الإِعلَامِ وَالتَّلفَزَةِ، وَالمَصَاحِفُ تُطبَعُ بِالآلَافِ المُؤَلّفَةِ، لَكِنّ أَثَرَ القُرآنِ فِينَا لَيسَ هُوَ الأَثَرَ الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ الجِيلَ الفَرِيدَ، فَأَينَ الخَلَلُ!إِنّ الخَلَلَ لَيسَ فِي القُرآنِ، فَإِنَّ المَاءَ الرّاوِيَ هُوَ المَاءُ، لَكِنّ الخَلَلَ فِي الأَرضِ المُنبِتَةِ، الَّتِي كَانَت يَومًا خَصْبَةً، لَكِنْ صَارَ أَكثَرُهَا اليَومَ سَبْخَةً، إِلَّا مَن رَحِمَ اللَّهُ. إِنّ الخَلَلَ هُوَ فِيمَا رَانَ عَلَى القُلُوبِ مِن الغِشَاوَاتِ، وَخَالَطَهَا مِن الأَدرَانِ وَالآفَاتِ، إِنَّهَا الأَقفَالُ الَّتِي حَجَبَت القُلُوبَ عَن التَّدَبُّرِ، فَصَارَ القُرآنُ عِندَ كَثِيرِينَ أَلفَاظًا تَمُرّ عَلَى اللِّسَانِ، لَكِنّهَا لَا تَبلُغُ الجنَانَ: ‌أَفَلَا ‌يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ ‌أَمْ ‌عَلَى ‌قُلُوبٍ ‌أَقفَالُهَا.
إِنّهُ مِنَ الحِرمَانِ أَنْ يَكُونَ فِي الأُمَّةِ مَادّةُ حَيَاتِهَا، وَنُورُ أَبصَارِهَا، وَسَبَبُ فَلَاحِهَا وَعِزّتِهَا، ثُمّ تَظَلَّ غَافِلَةً فِي سُبَاتِهَا، تَائِهَةً فِي حَيرَتِهَا وَظَلَامِهَا، مُتَأَخِّرَةً عَن الأُمَمِ بِفُرقَتِهَا وَضَعفِهَا، ‌لَقَد ‌أَنزَلنَا ‌إِلَيكُم ‌كِتَابًا ‌فِيهِ ‌ذِكرُكُم أَي: عِزُّكُم وَرِفعَتُكُمْ، ‌أَفَلَا ‌تَعقِلُونَ.
فالواجبُ على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ أنْ يتمسكَ بكتابِ اللهِ – جل وعلا – وبسنةِ سيدِ البشريةِ مُحمدٍ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصدقَ النبيُّ إذ يقولُ: (تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ)، فلنتمسكْ بالقرآنِ قراءةً وتلاوةً وسماعًا وتدبرًا للقرآنِ وعملًا بأحكامِه، فلنمتثلْ أوامرَ القرآنِ أمرًا أمرًا ، ونجتنبْ نواهيَهُ نهيًا نهيًا ونقفْ عند حدودِه ولنعطرْ البيوتَ، والطرقاتِ والشوارعَ ، والمزارعَ والمصانعَ بآياتِ الذكرِ الحكيمِ ولتعاهدْ ربَّكَ الآن أنْ تجعلَ لنفسِكَ وردًا قرآنيًّا في كلِّ يومٍ بالليلِ والنهارِ لتتجنبَ الفتن والشبهات ولتنعم ولتسعدَ في الدارينِ. فيا مَن تبحث عن المخرج لنفسك وبَنِيك ومَن حولك أو حتَّى لأُمَّتِك: القرآن بين يدَيْك، أبْدِعْ في تقوية علاقتك وعلاقتهم به، وحبِّبْه إليهم، وابْذلْ في ذلك ما استطعْتَ، وقبل ذلك توجَّهْ لِمَن بيده القلوب أن يُعينك ويوفقك، وأن يجعل القرآن ربيعَ قلبِك، ونورَ صدْرِك، وجلاء حزنك، وذهاب هَمِّك وغمِّك.
أحزانُ قلبِي لا تزول** حتى أبشرَ بالقبولِ
و أرى كتابِي باليمين ** وتقرُّعينِي بالرسولِ
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِن الآيَاتِ وَالذِّكرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم، فَاستَغْفِرُوهُ إِنّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبةُ الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعد
ثالثــــًا وأخيرًا : علموا أولادَكم القرآنَ والقرآنُ سيعلمهم كلَّ شيء!!
أيُّها الآباءُ والأمهاتُ، استوصُوا بالأجيالِ خيرًا، نشئُوهم على حبِّ كتابِ اللهِ، علمُوهم العيشَ في رحابِه، والاغترافَ مِن معينِه الذي لا ينضب، فالخيرُ كلُّ الخيرِ فيه، وتعاهدُوا ما أودعَ اللهُ بينَ أيدِيكُم مِن الأماناتِ، بتربيتِهَا تربيةً قرآنيةً، وحصنوهم بالقرآن ِ من الفتنِ والشبهاتِ والشهواتِ كي تسعدُوا في الدنيا قبلَ الآخرةِ، فما هانت أمةُ الإسلامِ إلّا بهجرِهَا لكتابِ ربِّهَا وبعدِهَا عنه ، وواللهِ لو تمسكنَا بكتابِ ربِّنَا وسنةِ نبيِّنَا ﷺ، لأصبحنَا أمةً عزيزةً، أمةً أبيةً شامخةً .فأولادُكَ أمانةٌ في رقبتِكَ ستسألُ عنهم يومَ القيامةِ إنْ حفظتَهَا حفظكَ اللهُ وإنْ ضيعتَهَا ضيعَكَ اللهُ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) } فاحذرْ أيُّها الأبُّ المباركُ، أنْ يكونَ ولدُكَ عدوًّا لك في دنياكَ وأخراكَ واسمعْ إلي قولِ النبيِّ ﷺ حيثُ قالَ: ” مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ” متفق عليه وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- ، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا،…. فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)).وعَنْ أَنَس بن مالك -رضي الله عنه- ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ)) وعن عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ)).َالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- لِرَجُلٍ: يَا هَذَا أَحْسِنْ أَدَبَ ابْنِكَ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عن أَدَبِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ بِرِّكَ وطاعته لك. وأفضلُ طريقةٍ لتأديبِ الأولادِ تعلميهم القرآن الكريم ياسادة وصدق من قالَ “علموا أولادكم القرآن والقرآن يعلمهم كل شيء”
ليس اليتيمُ مَن انتهى أبواه مِنْ .. .. هَـمِّ الحياةِ وخلَّـفاه ذلـيلا
إنَّ اليــتــيمَ الــذي تَـلْــقَى لــه .. .. أُمَّاً تَخَلَّتْ أو أَبًا مَشْغُول
و اسمعْ إلي هذه البشارةِ أيُّها الأبُّ الفاضلُ وأنتِ أيّتُها الأمُّ الكريمةُ مِن سيدِ البشريةِ ﷺ : ” مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ ، أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا ” ، فهنيئًا لكم أيُّها الأولياءُ هذه البشارةَ مِن الذي لا ينطقُ عن الهوىَ ﷺ، فاتقِ اللهَ حيثما كنت، وراقبْ ربَّك ليلًا نهارًا، واعلم أنّ اللهَ مطلعٌ عليكَ ويراكَ، واعلمْ أنّ اللهَ يعلمُ السرَّ وأخفَي. واعلمْ أنّ أولادَكَ أمانةٌ في رقبتِكَ ستسألُ عنهم يومَ القيامةِ. واجعلْ لنفسِكَ وردًا قرآنيًّا بالليلِ والنهارِ يضمنُ لك السعادةَ في الدنيا والآخرةِ. قالَ جلّ وعلا (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)[الزخرف:44] هذا القرآنُ ذِكْرٌ يعني رِفعَةٌ وعِزٌّ شامِخٌ لك ولقومِك، (وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) سوف تُسألونَ عن القرآنِ هل فَهِمتُموهُ هل تَلَوتُموه؟! هل طَبَّقتُموه، هل حَكَّمتُموه، هل تَدَبَّرتُم في آياتهِ ودلائِلِه. فاحرصْ علي أنْ تكونَ مِن أهلِ القرآنِ أو علي أنْ تجعلَ ولدَك مِن أهلِ القرآنِ لتنعمَ في الدنيا ولتسعدَ في الآخرةِ، أسالُ اللهَ أنْ يجعلنِي وإياكُم مِن أهلِ القرآنِ إنّه وليُّ ذلك والقادرُ عليهحفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى