خطبة الجمعة «فَظَلِلْتُ أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً» الشيخ ثروت سويف

خطبة الجمعة بتاريخ 19 ديسمبر 2025م ، الموافق 28 جمادي الثاني 1447 هـ تحت عنوان «فَظَلِلْتُ أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً» عجائب الاستغفار وحرمة المال العام الشيخ ثروت سويف
اقرأ في هذه الخطبة
خطبة الجمعة word «فَظَلِلْتُ أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً» الشيخ ثروت سويف
خطبة الجمعة pdf «فَظَلِلْتُ أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً» الشيخ ثروت سويف
أولاً : الإستغفار عجائب وفوائد ثانياً : حب لأخيك ما تحب لنفسك ثالثاً : حرمة استباحة المال العام والحق العام رابعاً : خطورة التفكك الأسري
الخطبة الأولي
الحمد لله العزيز الغفار، المنزه عن السوي والأغيار وهو الذي ينجي أولياءه من عذاب النار ، سبحان ربي أرسى الجبال وأجرى الأنهار وأنزل الغيث وأنبت الأشجار، سخر لنا الفُلك ومهد لها أمواج البحار وخلق الشمس والقمر وقلب الليل والنهار صورنا فأحسن صورنا، وجعل لنا السمع والأفئدة والأبصار نحمده تبارك وتعالى حمد المتقين الأبرار ( وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66) ص
وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار ، الباسط كف رحمته للمستغفرين بالأسحار، والمبشِّر للطائعين بعُقبى الدار جعل الاستغفار سبب لنزول الغيث المدرار وحصول البركة في الأرزاق والثمار وكثرة النسل والنماء، وجريان الانهار كما قال سبحانه حكاية عن نوح عليه السلام ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12].
يا رب
ما زلت أعرف بالإساءة دائما … ويكون منك العفو والغفران
لم تنتقصني إن أسأت وزدتني … حتى كأن اساءتي إحسان
منك التفضل والتكرم والرضا … أنت الإله المنعم المنان
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المختار.. إمام المتقين الأبرار المسلَّم من العيوب والمطهَّر مِن الأوزار علمنا الاستغفار يقول الحبيب فيما روى ابن ماجه في سننه عن عَبْدَ اللهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا”. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار وسلم تسليما كثيرا ما اختلف الليل والنهار
أما بعد
فبعد يومين يطالعنا شهر رجب وشهر رجب أحد الأشهر الحرم، وهو شهر الله الأصم والأصب لأن الله يصب فيه الخير صبا
وهو أوّل مواسم الرحمة، ومقدّمة الطريق إلى رمضان؛ فيه نزرع النيّات، ونطهّر القلوب، ونستقبل أيامًا تُصلِح ما أفسدته الغفلة.
أيها الإخوة: إن رجب ليس مجرد شهر، بل هو جرعة حياة، ونفحة أمل، ونسيمُ استعدادٍ لَطيفٌ. من أضاء قلبه في رجب، تجلّى له رمضان بنورٍ أعظم.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ، قَالَ: “اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ “. [رواه أحمد]
ومما ورد في فضل رجب من السُنَّة: ما رواه النسائي وغيره من حديث سيدنا أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنَ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ»: وهو دليل على اقتران رجب برمضان في الفضل
عبادَ اللهِ : إنَّ هذا مقام ايمان وفي مقاماتِ الإيمانِ لحظاتٍ يرقُّ فيها القلبُ، وتصفو فيها النفسُ، ويستيقظُ ضميرُ المؤمنِ ليحاسبَ نفسَهُ على دقائقَ لا يلتفتُ إليها أهلُ الغفلةِ.
قصة السَّرِيّ السقطي رضي الله عنه
وفي هذا المقامِ الجليلِ روى الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء في معرض ترجمته السَّرِيّ السقطي رحمه الله تلكم القصة فقال: قال أبو بكر الحربي: سمعت السَّرِيّ يقول: حَمِدْتُ اللهَ مَرَّةً فَأَنَا أَسْتَغْفِرُ مِنْ ذَلِكَ الحَمْدِ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً. قِيْلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: كَانَ لِي دُكَّانٌ فِيْهِ مَتَاعٌ فَاحْتَرَقَ السُّوْقُ فَلَقِيَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: أَبْشِرْ دُكَّانُكَ سَلِمَتْ. فَقُلْتُ: الحَمْدُ للهِ ثُمَّ فَكَّرْتُ فَرَأَيْتُهَا خَطِيئَةً. اه وقال: فمذ قلتها وأنا نادم حيث أردت لنفسي خيرا دون المسلمين. تاريخ بغداد (9 / 188) سير أعلام النبلاء (12/186).
وفي رواية قال: احترق سوقنا في بغداد فقصدت المكان الذي فيه دكاني فتلقاني رجل فقال أبشر فإن دكانك قد سلمت. فقلت: الحمد لله. ثم ذكرت ذلك التحميد إذ حمدت الله على سلامة دنياي وإني لم أواس الناس فيما هم فيه فأنا أستغفر الله منذ ثلاثين سنة. البداية والنهاية (11/18)
كيف لا والسَّرِيَّ يَقُولُ: ” خَمْسٌ مِنْ أَخْلَاقِ الزُّهَّادِ: الشُّكْرُ عَلَى الْحَلَالِ، وَالصَّبْرُ عَنِ الْحَرَامِ، وَلَا يُبَالِي مَتَى مَاتَ، وَلَا يُبَالِي مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا، وَيَكُونُ الْفَقْرُ وَالْغِنَى عِنْدَهُ سَوَاءً ” وإذا كان أولئك القومُ يحاسبونَ أنفسَهم على المشاعرِ، فكيفَ بحالِ منْ لا يبالي بآلامِ الناسِ أو حقوقِهِم؟ وكيفَ بمنْ يتغافلُ عن أوجاعِ المجتمعِ، أو يعتدي على مالِ الجماعةِ، وهو منْ أعظمِ الأماناتِ؟
يَقُولُ أَبَو بَكْرٍ الْحَرْبِيَّ: سَمِعْتُ السَّرِيَّ يَقُولُ: ” النَّجَاةُ فِي ثَلَاثٍ: فِي طَيِّبِ الْغِذَاءِ، وَكَمَالِ التُّقَى، وَطَرِيقِ الْهُدَى “
من هذه القصة نأخذ أحد أمورثلاث
أولها : الاستغفار.
ثانيها : محبة الخير للناس.
ثالثها : حرمة استباحة المال العام.
أولاً : الإستغفار عجائب وفوائد
عباد الله: لقد حثنا الله على الإستغفار قال الله تعالى: ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) وقال تعالى( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً ) وقال تعالي ( وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) )
وقد جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ مِن قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ … الحديث . رواه مسلم
والاستغفار معناه طلب المغفرة من الله بمحو الذنوب، وستر العيوب، وشرط قبوله: الاقلاع عن الذنب المستغفر منه, وأما الذي يقول: أستغفر الله بلسانه، وهو مقيم على المعاصي بأفعاله فهو كذاب لا ينفعه الاستغفار.
قال الفضيل بن عياض – رحمه الله -: استغفار بلا إقلاع توبة الكذابين، وقال آخر: استغفارنا ذنب يحتاج إلى استغفار ! يعني: أن من استغفر ولم يترك المعصية، فاستغفاره ذنب يحتاج إلى استغفار.
فلننظر في حقيقة استغفارنا لأنه قيل: الإستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين
وَالاسْتِغْفَارُ خِتَامُ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ كُلِّهَا فَيُخْتَمُ بِهِ الصَّلاةُ، والحَجُّ، وَالْقِيامُ في اللَّيْلِ، وَيُخْتَمُ بِهِ المَجَالِسُ، فَإِنْ كَانَتْ ذِكْرًا كَانَ كَالطَّابِعَ عَلَيْهَا وَإْنِ كَانَتْ لَغْوًا كَانَ كَفَّارَةٌ لَهَا، فَكَذَلِكَ يَنْبِغِي أَنْ يُخْتَتَم صِيَامُ رَمَضَانَ بالاسْتِغْفَارِ يُرَفِّعُ مَا تَخَرَّقَ مِنَ الصِّيَامِ بِاللَّغْوِ وَالرَّفَثِ
قال قتادة رحمه الله القرآن يدلكم عن دائكم ودوائكم أما داؤكم فالذنوب وأما دواؤكم فالاستغفار
قال أبو موسى رضي الله عنه: كان لنا أمانان ذهب أحدهما وهو كون الرسول صلى الله عليه وسلم فينا، وبقى الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا.
وقيل: إن إبليس – لعنه الله تعالى – يقول: زينت المعاصي جداً – أي لهذه الأمة – فقطعوا ظهري بالاستغفار، ولا تنحدر إليهم فتنة لا يستغفرون الله منها إلا فرق أهواءهم.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ عز وجل: وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتِ الْأَرْوَاحُ فِيهِمْ. فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ عز وجل: فَبِعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي “. رواه الإمام أحمد
وروي الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ “
عجائب وفوائد الإستغفار
ان الاستغفار له عجائب وفوائد كثيرة فأكثروا من الإستغفار فإن الاستغفار يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب وكما تأكل الشاة الخضر، وإن صحيفة المرء إذا عرج بها إلى السماء، ولم يكن فيها استغفار لم يكن بها نور، وإذا طلعت وفيها استغفار كان فيها نور يتلألأ، وإن لم يكن فيها الاستغفار يسير، وما جلس قوم بمجلس لغو ثم ختموه بالاستغفار إلا كتب لهم مجلسهم هذا إستغفار كله ٠
وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: عجبت لمن يهلك والنجاة معه؛ قيل: وما هي؟ قال: الإستغفار.
وقال عبد الله بن مسعود: إن في كتاب الله آيتين ما أصاب عبد ذنبا فقرأهما ثم استغفر الله إلا غفر له: وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
، وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً
ومن أعطي الإستغفار لم يحرم القبول، ودخل الجنة لقوله عز وجل: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (199) البقرة
ولقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما أخرج البخاري عن شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ” قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ” خرجه البخاري
الا يكفي من عجائب وفوائد الإستغفار انَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ مُسْتَغْفِرًا، أما يكفي المستغفرين أن يجيريهم الله من العذاب قال تعالي {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]
عباد الله : اعلموا الِاسْتِغْفَارُ فَهُوَ نَوْعَانِ: مُفْرَدٌ، وَمَقْرُونٌ بِالتَّوْبَةِ، فَالْمُفْرَدُ: كَقَوْلِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 10] وَكَقَوْلِ صَالِحٍ لِقَوْمِهِ {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النمل: 46]
وَالْمَقْرُونُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: 3]
وقال الربيع بن خيثم: لا يقولن أحدكم أستغفر الله وأتوب إليه فيكون ذنبا جديدا إذا لم يفعل، ولكن ليقل: اللهم تب عليّ واغفر لي، فقيل لم. فقال: انته عما ينهاك عنه فإنّه يغفر لك.
وسمع مطرف رجلا يقول: أستغفر الله وأتوب إليه فأخذ بذراعيه وقال: لعلك لا تفعل ومن وعد فقد أوجب.
وقال أبو عبد الرحمن سمعني راهب أقول أستغفر الله فقال يا فتى سرعة اللسان بالإستغفار توبة الكذابين فالمستغفر باللسان المصر على الذنب كالمستهزئ بربه
ومن عجائب الاستغفار انه مع لزومه تفريج للكروب وزيادة في الارزاق
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَن لَزِمَ الاستغفارَ ، جعل اللهُ له من كلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، ومن كلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ورَزَقَهُ من حيثُ لا يَحْتَسِبُ ” مسند ابى داود
نعم الاستغفار سببًا في الشفاء من الأمراض وتيسير الأمور وتحقيق المطالب، وهو يعتبر من أهم أسباب تفريج الهم والكروب، ولذلك فأن كل من يريد أن يحصل على أفضل الأشياء مجتمعة فأن عليه أن يحدد نيته ويكثر من الاستغفار
ومن فوائد وعجائب الاستغفار انه سعادة وبشارة
ذكر الإمام القرطبي في تفسيره عن ابن صبيح قال : “شكا رجل إلى الحسن الجدوبة : فقال له : استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولداً فقال له : استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له : استغفر الله، فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار ! فقال : ما قلت من عندي شيئاً ! إن الله عز وجل يقول في سورة نوح : ” قُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ” ( سورة نوح، الآيات: 10-12 ) .
قال الرجل للحسن البصري: أما يستحي أحدنا من ربه ؟ نفعل الذنب، ثم نستغفر، ثم نفعله مرة أخرى، ثم نستغفر وهكذا .
فقال له الحسن : ودَّ الشيطانُ لو ظفر منكم بهذا ؛ لا تتركوا الاستغفار أبداَ
اخرج إبن أبي الدنيا عن مطرف خَرَجَ عُمَرُ يَستَسقي، فلَم يَزِدْ على الِاستِغفارِ، فقالوا: ما رَأيناكَ استَسقَيتَ؟ فقال: لقد طَلَبتُ الغَيثَ بمَجاديحِ السَّماءِ الذي يُستَنزَلُ بهِ المَطَرُ، ثُمَّ قَرَأ: {استَغفِروا رَبَّكُم إنَّه كان غَفَّارًا * يُرسِلِ السَّماءَ عليكُم مِدرارًا} [نوح: 10-11]
فَصَارَ الاستكثار من الاسْتِغْفَار فِي الاسْتِسْقَاء سنة إِلَى الْيَوْم.
وقال أعرابيّ: من أقام بأرضنا فليكثر من الإستغفار، فإنّ مع الإستغفار القطار
وقالوا لأعرابي: ما للقطر لا ينزل في بلادكم؟ قال: هدأنا من الاستغفار فجف القطار، أي المطر.
دخل أنس رضي الله عنه وأرضاه مزرعته في البصرة – مزرعة من النخل- أصابها قحط، فقام فصلى ركعتين واستغفر قالوا: مالك؟ قال: أما سمعتم قول الله تعالى على لسان نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً} [نوح:10] قال الرواة: فوالله إنه ما قام من مجلسه حتى أتت غمامة فطوقت على مزرعته وأمطرت حتى سالت جداولها، فنظرنا فإذا الماء داخل المزرعة ولا يوجد في خارج حدودها قطرة واحدة]] وهذا من الاستغفار والالتجاء
ومن عجائب الإستغفار دفع البلاء والعذاب: وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [سورة الأنفال:33]، إنها أسباب تدفع للحرص على هذه العبادة
فالاستغفار علاج للضعف البشري فالله سبحانه وتعالى غفار للذنوب, فتعرف على اسمه الغفار الغفور واستيقظ من غفلتك فلولا أن الله سبحانه وتعالى غفار غفور يستر الذنب ويعفو عن السيئات ما كنا ندري ماذا سيحل بنا, ولكن الله سبحانه وتعالى بشرنا بانه الغفور الرحيم وانه يعفو عن السيئات وانه يمد من استغفر بالمال والبنين وانواع من الخيرات قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} ( الحجر ) .
ولله در القائل:
استغفر الله ذنبا غير محصيه … رب العباد اليه الوجه والعمل
وقال اخر
يا مَنْ يَرَى مَدَّ البَعُوضِ جَناحَها … في ظُلْمةِ الليلِ البهيمِ الألْيلِ
ويَرى عُروقَ نِياطِها في نَحْرِها … والمُخَّ في تِلْكَ العِظامِ النُّحَّلِ
اغْفِرْ لِعبْدٍ تابَ من فَرَطاتِه … ما كان مِنهُ في الزَّمانِ الأوَّلِ
قال أبو سعيد الخدري : من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم وأتوب إليه. خمس مرات- غفر له ولو فرّ من الزحف.
وسمع أعرابي وهو متعلق بأستار الكعبة يقول اللهم إن استغفاري مع إصراري للؤم وإن تركي استغفارك مع علمي بسعة عفوك لعجز فكم تتحبب إلي بالنعم مع غناك عني وكم أتبغض إليك بالمعاصي مع فقري إليك يا من إذا وعد وفى وإذا أوعد عفا أدخل عظيم جرمي في عظيم عفوك يا أرحم الراحمين
روي الترمذي عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً “
من عجائب الاستغفار تهوين الشدائد
عن نصر بْن كثير قَالَ: دخلت على جَعْفَر بْن مُحَمَّد رضي الله عنه أَنا وسُفْيَان الثَّوْريّ فَقلت لَهُ: إِنِّي أُرِيد الْبَيْت الْحَرَام فعلمني شَيْئا أَدْعُو بِهِ، قَالَ: إِذا بلغت الْبَيْت الْحَرَام فضع يدك على حَائِط الْبَيْت ثُمَّ قل: يَا سَابق الْفَوْت، وَيَا سامع الصَّوْت، وَيَا كاسي الْعِظَام لَحْمًا بعد الْمَوْت، ثُمَّ ادْع بعده با شِئْت؛ فَقَالَ لَهُ سُفْيَان شَيْئا لم أفهمهُ، فَقَالَ : يَا سُفْيَان أَو يَا أَبَا عَبد اللَّه، إِذا جَاءَك مَا تحب فَأكْثر من الْحَمد لله وَإِذا جَاءَك مَا تكره فَأكْثر مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَإِذا اسْتَبْطَأَتْ الرزق فَأكْثر من الاسْتِغْفَار.– الفرج بعد الشدة
وقصد أَعْرَابِي عليا رضي الله عنه، فَقَالَ: إِنِّي ممتحن، فعلمني شَيْئا أنتفع بِهِ.
فَقَالَ: يَا أَعْرَابِي إِن للمحن أوقاتا، وَلها غايات، فاجتهاد العَبْد فِي محنته قبل إِزَالَة الله تَعَالَى إِيَّاهَا، زِيَادَة فِيهَا، يَقُول الله عز وَجل: {إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38] ، وَلَكِن، اسْتَعِنْ بِاللَّه، واصبر، وَأكْثر من الاسْتِغْفَار، فَإِن الله عز وَجل وعد الصابرين خيرا، وَقَالَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا {10} يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا {11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {12} } [نوح: 10-12] ، فَانْصَرف الرجل.
فَقَالَ علي رضي الله عنه :
إِذا لم يكن عون من الله للفتى … فَأول مَا يجني عَلَيْهِ اجْتِهَاده ( الفرج بعد
ثانياً : حب لأخيك ما تحب لنفسك
أيها المسلمون:من واجب الإيمان أن نحب للمسلم من الخير وسعة الرزق ما نحبه لأنفسنا، نحب له كرامة لا يهان فيها، وحياة كريمة لا يعاني منها
نحب له ولكل مسلم رزقا طيبا مباركا، نشفق على ضعافهم ولا نجعلهم فرصة للاستغلال ولا مجالا للتهكم والسخرية ونكره لهم العنت والمشقة والغربة والعناء
أخرج البُخاريُّ ومُسلِمٌ في صحيحهما من حديث أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ
“لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأَخيهِ ما يُحِبُّ لِنَفسه”
هذا حديث عظيم مِن الأحاديث التي عليها مدار الدِّين، لو أخذ به الناس لكُف الأذى، وقل الحسد وطاب العيش وسلمت الصدور.
ولقُضي على كثير من الخصومات بين الناس، ولعمَّ المجتمعَ الأمنُ والخير والسلام، والرخاء
قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: “إني لأمرُّ على الآية من كِتاب الله، فأودُّ أنَّ النَّاسَ كُلَّهم يعلمُون منها ما أعلم ، وإني لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح وما لي به سائمة”،
وقال الشافعيُّ: “وددتُ أنَّ النَّاسَ تعلَّموا هذا العلمَ، ولم يُنْسَبْ إليَّ منه شيء”،
خرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ أحبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عن النَّارِ ويُدخَلَ الجنة فلتدركه منيَّتُه وهو يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، ويأتي إلى الناسِ الذي يحبُّ أنْ يُؤْتَى إليه”
أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به
ثالثاً : حرمة استباحة المال العام والحق العام
ألا فاتقوا الله عباد الله فيما اؤتمنتم عليه من مال الله نتعلم من قصة السريِّ السقطيِّ رحمهُ اللهُ، الورع والحفاظ علي المال العام والحق العام لأنها أمانة والله – عزَّ وجلَّ – يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 5
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ».الترمذي
إن المال العام هو مَالٌ تَعَلَّقَت به جميعُ ذِمَمِ المُسلمينَ في جميعِ أحوالِهِم وأحيانِهِم وهو ما كان مُخَصَّصًا لمصلحة عموم الناس ومنافعهم، أو لمصلحة عامة، كالمساجد والرُّبُط، وأملاك الدولة .
مرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً فوصفوا له العسل كدواء. وكان بيت المال به عسلاً جاء من البلاد المفتوحة فلم يتداوى عمر بالعسل كما وصف الأطباء وجمع الناس وصعد المنبر واستأذن الناس وقال لهم ( لن أستخدمه إلا إذا أذنتم لي، وإلا فهو علي حرام)
فبكى الناس إشفاقا عليه .. وأذنوا له جميعاً ومضى بعضهم يقول لبعض: لله درك يا عمر لقد أتعبت الخلفاء
إن الذي يسرِقُ مِن المالِ العامِّ والذي يُخرِّبُ في المالِ العامِّ إنما يُخَرِّبُ في مالِ نفسِهِ، وإنما يُعَجِّلُ بدمارِ أُمتِهِ ولا حول ولا قوة إلَّا باللهِ العليِّ العظيم
روي الإمام البخاري عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). البخارى
والمراد هنا التخليط في المال وتحصيله من غير وجهه كيفما أمكن.
ان معظم الناس لا يتقون الله ولا يَرْقُبُون في هذا المَالِ العامِّ إلًّا وَلَا ذِمَّةً وَلَا يُرَاعُونَهُ بحالٍ أبدًا، وإِنَّمَا يَسِيرُونَ على القَاعِدَةِ القَدِيمَةِ التي يَحْفَظُهَا الجميعُ: إِذَا خَرِبَ بَيْتُ أَبِيكَ فَخُذْ لَكَ مِنْهُ قَالَبًا!!
قال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) (286) البقرة
أي لها ثواب ما كسبت من الخير، وعليها وزر ما اكتسبت من الشر، وتقدم (لها) و(عليها) على الفعلين ليفيد أن ذلك لها لا لغيرها، وعليها لا على غيرها
المرتب اسمه كسب والأخذ ما يزيد عليه بغير وجه حق اسمه اكتسب
والله تعالى يقول ﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُواأَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾
يَقُولُ الْجُنَيْدَ: سَمِعْتُ السَّرِيَّ السَّقَطِيَّ يَقُولُ: خَرَجْتُ يَوْمًا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَإِذَا أَنَا بِبُهْلُولٍ قَدْ دَلَّى رِجْلَيْهِ فِي قَبْرٍ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالتُّرَابِ فَقُلْتُ: أَنْتَ هَا هُنَا؟ قَالَ: نَعَمْ أَنَا عِنْدَ قَوْمٍ لَا يُؤْذُونَنِي، فَإِنْ غِبْتُ عَنْهُمْ لَا يَغْتَابُونَنِي، فَقُلْتُ: يَا بُهْلُولُ الْخُبْزُ قَدْ غَلَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُبَالِي وَحَبَّةٌ بِمِثْقَالٍ، إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَعْبُدَهُ كَمَا أَمَرَنَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْزُقَنَا كَمَا وَعَدَنَا، ثُمَّ وَلَّى عَنِّي وَهُوَ يَقُولُ: «
يَا مَنْ تَمَتَّعَ بِالدُّنْيَا وَبَهْجَتِهَا … وَلَا تَنَامُ عَنِ اللَّذَّاتِ عَيْنَاهُ
أَفْنَيْتَ عُمُرَكَ فِيمَا لَسْتَ تُدْرِكُهُ … تَقُولُ لِلَّهِ مَاذَا حِينَ تَلْقَاهُ
تعالوا الي تلك القصة التي تروي عن ابن عمر رضي الله عنهما فقد روى الطبراني عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَصْحَابُ لَهُ، وَوَضَعُوا سَفْرَةً لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ، قَالَ: فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ” هَلُمَّ يَا رَاعِي، هَلُمَّ “، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ” أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ شَدِيدٍ سُمُومُهُ وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى هَذَا الْغَنَمَ؟ ” فَقَالَ لَهُ: أَيْ وَاللهِ أُبَادِرُ أَيَّامِي الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ يَخْتَبِرُ وَرَعَهُ: ” فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ؟ ” فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: ” فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلًا إِذَا فَقْدَهَا، فَقُلْتَ: أَكْلَهَا الذِّئْبُ ” فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ: أَيْنَ اللهُ، قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللهُ؟ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِي فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ، وَوَهَبَ لَهُ الْغَنَم . رواه البيهقي في ” شُعب الإيمان ” ، وابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” .
عُقُوبَةُ الاخذ من المال العام
إن الأخذ من المال العام محرم شرعا ويعاقب عليه في الدنيا والأخرة فعن عبد الله ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه قال: ما ظهر الغلول في قوم قطّ إلّا ألقي في قلوبهم الرّعب، ولا فشا الزّنا في قوم قطّ إلّا كثر فيهم الموت. ولا نقص قوم المكيال والميزان إلّا قطع عنهم الرّزق، ولا حكم قوم بغير الحقّ إلّا فشا فيهم الدّم، ولا ختر قوم بالعهد إلّا سلّط الله عليهم العدوّ) الموطأ (2/ 460)
أولا : في الدنيا
إن عقوبة التهاون في المال العام شديده وان الاخذ منه بغير حق جريمة وان افتضح أمره في الدنيا أصبح محل احتقار ومحاسبة حتى أن بعض الفقهاء قال تقطع يده لأنه سارق ونؤكد على ضرورة تنظيم حملات توعية موسعة بخطورة وحرمة الاعتداء على المال العام، مع تغليظ العقوبات على المخالفين دون استثناء أو تجاوز
ان الحرام سبب لمنع إجابة الدعاء ، وإغلاق باب السماء ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ ” مسلم
وقد شرع الله حد السرقة وحد الحرابة لحماية المال والثروات من كل أنواع الفساد في الأرض، وحرم الله أكل أموال الناس بالباطل، والسرقة من المال العام جناية أكبر من السرقة من المال الخاص لأنها جريمة في حق الشعب والمجتمع والأمة، فالمال العام مملوك لجموع الناس، وليس لفرد بعينه، ويأثم المسلمون جميعاً إن لم يقوموا بحمايته، فقد حرّم الإسلام كل صور الاعتداء عليه، مثل السرقة، والاختلاس، والغلول، وخيانة الأمانة ونقض العقود والعهود، والتربح من الوظيفة، والإتلاف والإسراف والتبذير، وضياع الأوقات، واستغلال المال العام لأغراض فئوية، والاعتداء على الأموال العامة من أشدِّ المحرمات، ويلزم المعتدي ردُّ ما أتلف، أو ردُّ مثله أو قيمته وإن تقادم عليه الزمن، لأنه نوع من أنواع الغلول
قال سفيان الثوري: “مَنْ أنفق الحرام في الطاعة، فهو كمَنْ طهَّر الثوبَ بالبَوْل، والثوب لا يَطْهُر إلا بالماء، والذنب لا يكفِّره إلا الحلال”.
ثانياً : عقوبتُهُ في القَبْرِ فإن ما غله وسرق يشتعل عليه نارا في قبره
اسمع الي طبيب القلوب في الحديث الذي جاء في الصَّحِيحَيْنِ من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِلَّا الأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالمَتَاعَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ، لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلاَمًا، يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي القُرَى، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي القُرَى، بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ – أَوْ شِرَاكَيْنِ – إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ” شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ – أَوْ: شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ – “
الشَّمْلةُ: تَلْفِيعَةٌ، أو هي كِسَاءٌ يُمْكِنُ أنْ يُحِيطَ به المَرْءُ بَدَنَهُ.
إذن؛ الغُلُولُ: هو الأَخْذُ مِن المَالِ العَامِّ، يُعَاقَبُ به المُرْءُ في قَبْرِهِ اشْتِعَالًا له عَلَيْهِ في قَبْرِهِ كَمَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ ﷺ
ثالثاً : عقوبته في الآخرة
والمال الحرام في الآخرة طريق مستعر ، محفوف بالخطر ، وسلم هار ، ينهار بصاحبه إلى النار ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ ، أي : من حرام ” أخرجه الترمذي وغيره
والفضيحة علي رؤوس الأشهاد والإتيان بالمسروق يوم القيامة يحمله الإنسان علي ظهره ثم يطرح به في النار بهذا الحمل
ان سرقة المال العام ليست هينة عند رب العالمين وتسمي غلول قال تعالى ) وَمَنْ يَغْلُلْ يَأتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {آل عمران:161}. ومعني الغلول اي الخيانة فإن سارق المال العام خان أمانته ووطنه
ومعنى الآية أن الغال يأتي يوم القيامة حاملا الشيء الذي غله معه، و في «الصحيحين» عن أبي هُريرة قال: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ، فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ -وهو صَوْتُ الفَرَسِ فيما دُونَ الصَّهِيلِ-، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
واعلم أنه حتى منَ قاتَلَ وأبْلَى بلاءً حسنًا في المعركة، ولكنَّه غلَّ من الغنيمة، فله عقوبة شديدة، حتى ولو ظنَّ الناسُ أنَّه في عِدَاد الشهداء، فالأمرُ ليس كذلك.
وَيَلْحَقُ بذلك -عِبَادَ اللهِ- هَدَايَا المُوَظَّفِينَ، فَأَنْتَ تَعْلَمُ حديثَ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ الذي أخرجَهُ مسلمٌ -رَحِمَهُ اللهُ- في «الصَّحِيحِ»، قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَجَاءَ فَقَالَ: هَذَا لَكُم وَهَذَا أُهْدِيَ لِي -هَذَا لَكُم: يَعْنِي الصَّدَقَةَ التي جَمَعَهَا-، فقامَ النبيُّ ﷺ على المِنْبَرِ، ثُمَّ قَالَ ﷺ: «مَا بَالُ العَامِلِ نَبْعَثُهُ عَلَى عَمَلٍ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُم وَهَذَا لِي، أَفَلَا جَلَسَ في بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْتِي أَحَدُكُم مِنْهَا بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ».
عن الفضل بن عميرة: أن الأحنف بن قيس قدم على عمر في وفد من العراق، في يومٍ صائفٍ شديد الحر، وهو محتجز بعباءة، يحاول إدراك بعيرًا من إبل الصدقة، شرد، فقال: “يا أحنف ضع ثيابك، وهلم فَأَعِنْ أمير المؤمنين على هذا البعير؛ فإنه من إبل الصدقة، فيه حق لليتيم والمسكين والأرملة، فقال رجل من القوم: يغفر الله لك يا أمير المؤمنين، هلا أمرت عبدًا من عبيد الصدقة يكفيك هذا؛ قال عمر: ثكلتك أمك، وأُيُ عبدٍ هو أعبد مني، ومن الأحنف بن قيس.
عباد الله البر لا يبلي والذنب لا ينسي والديان لا يموت اعمل ما شئت كما تدين تدان وبالكيل الذي تكيل به يكتال لك والتائب من الذنب كمن لا ذنب له
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، وجعل أمتنا خير أمة، وأصلي وأسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
رابعاً : خطورة التفكك الأسري
إن التفكك الأسري ظاهرة اجتماعية متنامية تؤثر سلبًا على بنية المجتمع واستقراره، وتنعكس على صحة أفراد الأسرة النفسية والاجتماعية، ويشمل التفكك الأسري الانفصال، الطلاق، التنافر الأسري، وضعف التواصل بين أفراد الأسرة، مما يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأطفال والزوجين والمجتمع ككل.
وتهدف مبادرة “صحح مفاهيمك” إلى توعية المجتمع بأسباب التفكك الأسري وآثاره، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تؤدي إليه، من خلال خطاب دعوي وتوعوي يركز على قيم الأسرة والتماسك الأسري.
إن التفكك الأسري مشكلة خطيرة تهدد أمن المجتمع كله، ولعل أهم أسباب التفكك الأسري تكمن في عدم العلم بعدة أشياء:
- عقد الزواج .. الميثاق الغليظ:
قال تعالى في عقد الزواج: {وَكَيْفَ تَاًخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: ٢١].
أَي: مؤكدًا مشددًا، هذا الميثاق الذي يهدف إلى تحقيق قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩].
فالحفاظ عليه وصيانته دليل على حسن تدين صاحبه، والإفراط فيه والتهاون به دليل على تفريط صاحبه، فعن مَحْمُود بْن لَبِيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا، فَقَامَ غَضْبَانًا ثُمَّ قَالَ: «أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟» [رواه النسائي].
- لا يفرك مؤمن مؤمنة:
فما يقال وقت الغضب والخلاف يُطوى ولا يُروى، وليظل الود والحب قائمًا بين الزوجين، وما أجمل قول أبي الدرداء رضي الله عنه لزوجته: “إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضْبَى رضيتك، وإلا لم نصطحب” [روضة العقلاء].
فليحلم كل من أفراد الأسرة على الآخر إذا أخطأ، وليبادر بالنصيحة إذا تجاوز، فإن كره أحد من الآخر خلقًا فليحب منه خلقًا آخر، وفي الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ» [صحيح مسلم].
أسأل الله العلي العظيم أن يطيب كسبنا، وأن يصلح نياتنا، وأن يرزقنا وإياكم تقواه وخشيته ظاهراً وباطناً، إنه سميع قريب مجيب.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، والحمد لله رب العالمين
اللهم ارزقنا الجلال وبارك لنا فيه وباعد بيينا وبين الحرام كما باعدت بين المشرق والمغرب
اللهم استرنا واجبرنا واغننا بحلالك عن حرامك
اللهم انصر الاسلام واعز المسلمين وانصر أهل فلسطين وجميع المستضعفين في بلاد المسلمين
واجعل بلدنا آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين
إن الله يأمر بثلاث وينهى عن ثلاث يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي
عباد الله أذكروا الله يذكركم واستغفروه يغفر لكم واقم الصلاة ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا
جمع وترتيب / ثروت علي سويف ـ امام وخطيب بالأوقاف المصرية









