خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة القادمة: “هلا شققت عن قلبه” للدكتور/ محمد حسن داود

خطبة الجمعة القادمة: “هلا شققت عن قلبه” للدكتور/ محمد حسن داود (23 جمادى الأولى 1447هـ – 14 نوفمبر2025م)

 

خطبة الجمعة القادمة word : “هلا شققت عن قلبه” للدكتور/ محمد حسن داود

خطبة الجمعة القادمة pdf : “هلا شققت عن قلبه” للدكتور/ محمد حسن داود

العناصـــــر :   
– الإسلام وتكريم الإنسان.
– دعوة الإسلام إلى تحقيق معاني الأخوة والألفة بعيدا عن التشدد.
– سوء الظن بالغير وعواقبه.
– لنا الظاهر والله يتولى السرائر.
– انشغل بعيوب نفسك عن عيوب غيرك.

الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق الإنسان وكرَّمه، نحمده سبحانه على جزيل عطائه، ونشكره على عظيم نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فلقد خص الله (عز وجل) الإنسان من بين المخلوقات بتكريم ومنزلة وعطايا وهبات، وأعلن ذلك في كتابه العزيز، فقال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (الاسراء: 70)، فقيمة الإنسان عند الله عظيمة وغالية، وليس ذلك التكريم مشروط بدين أو لون أو عرق؛ قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات13)، ويقول سيدنا النبي (صَلى الله عليه وسلم): “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى”(رواه أحمد) ولما مَرَّتْ جِنَازَةٌ بسيدنا الحبيب النبي (صَلى الله عليه وسلم) قَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا”.

لقد أقر الإسلام علينا من الواجبات ما تقوم به الحياة، ومن الحقوق ما يحفظ  به معاني التكريم، ومن ذلك أن لا يُدان عبد بالظنون، إذ إن الله وحده هو الذي يعلم ما في القلوب؛ وقد تجلى هذا المبدأ العظيم في كلمة خالدة قالها سيدنا الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلَم) عندما قتل أسامة بن زيد (رضي الله عنهما) رجلا في ساحة القتال بعد أن قال: لا إله إلا الله؛ فعنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا) قَالَ: “بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ) إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ)، فَقَالَ: “يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟”، قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ، فَقَالَ: “أَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟، أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟”، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

يا لها من كلمة تهز الوجدان، وتزلزل القلوب، وتقشعر منها الأبدان، وتجعل الساكن مضطربا، تطرق السمع طرق الصاعقة، وتنفذ إلى أعماق الروح نفاذ السهم إلى الهدف، تذكرك بمراقبة الله (عز وجل)، وتوقظ فيك رهبة الموقف، وما أعظم وقعها، وما أبلغ أثرها في القلب حين كررها سيدنا الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلمَ) فجعل سيدنا أسامة (رضي الله عنه) يقول: “تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ”.

“أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ”: كلمة تشير إلى معان جليلة، ومبادئ عظيمة، فتشير في معناها إلى مدى اهتمام الإسلام بمعاني الأخوة والترابط والتآلف، بعيدا عن التباغض والتنازع، إذ يقول الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “لا تحاسَدُوا، ولا تناجَشُوا، ولا تباغَضُوا ولا تدابَرُوا، ولا يبِعْ بعضُكمْ على بيعِ بعضٍ، وكُونُوا عبادَ اللهِ إخوانًا، المسلِمُ أخُو المسلِمِ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ، ولا يَحقِرُهُ، التَّقْوى ههُنا – وأشارَ إلى صدْرِهِ – بِحسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ، كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرامٌ، دمُهُ، ومالُهُ، وعِرضُهُ”. فالإسلام دين في جوهره ورسالته، وأحكامه وتشريعاته، وجملته وتفصيله؛ يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يقوي ولا يضعف، يبنى ولا يهدم، رحمة كله، تيسير كله، إنسانية كله، سماحة كله؛ فلما سئل سيدنا النبي (صلى الله عليه وسلمَ) عن أفضل الإيمان؟ قال “الصَّبر والسَّماحة” (رواه أحمد والبيهقي). بل وجعل أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، كما قال “أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ”. كما جعل أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، فقد قال (صلى الله عليه وسلمَ): “أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ “فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: “أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا”. كما أن أفضل الإسلام، بل وتمامه أن يسلم الناس من يد العبد ولسانه، فعن سيدنا عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعاصِ (رضي الله عنه) أنه قال: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ”.

أما التشدد في معاملة الناس وإغلاظ القول لهم، والتعدي على حقوقهم بفرض رأي أو تحقير منهم، أو سخرية، أو رميهم بفسق أو ابتداع، أو إنكار تصرفاتهم فإنه جهل يثمر النزاع ويسلب روح الألفة والمودة من القلوب، والنبي (صلى الله عليه وسلمَ) يقول: المُؤمِنُ يألَفُ ويُؤلَفُ ولا خيرَ فيمَنْ لا يألَفُ ولا يُؤلَفُ”، ويقول: “إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا، وأَبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ”(رواه البخاري).

“أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ”: كلمة تحارب سوء الظن بالناس، ذاك الداء الذي يفتك بالقلوب ويمزق أواصر المودة، ذاك السهم المسموم الذي طالما أصاب صميم العلاقات، فأنهى صداقة كانت بالأمس وطيدة، وبدد مودة كانت بالأمس أكيدة، وفرّق بين الزوج وزوجه، والأخ وأخيه، والصاحب وصاحبه. سوء الظن الذي هدم بيوتًا عامرة، وأحال السكينة نكدًا، والهدوء قلقا. سوء الظن الذي مزق الأسر، وغرس في القلوب بذور الأحقاد، فصار مفتاح العداوات، وأصل البلاء في كثير من النزاعات. سوء الظن الذي يوقع الإنسان في الشرور والآثام. لذلك ولغيره حذرنا منه القرآن الكريم أيما تحذير، إذ يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)(الحجرات: 12)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، أن سيدنا النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: “إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ” (رواه البخاري ومسلم).

ولقد كان الصحابة (رضي الله عنهم) والسلف الصالح جميعا يحسنون الظن بغيرهم، فما أروع هذا الموقف من سيدنا أبي أيوب الأنصاري (رضي الله عنه)، فلما ذكرت له زوجته، ما يقول أهل الإفك، قال: “يا أم أيوب، أكنتِ تفعلين ذاك؟ قالت: لا، والله، قال: فعائشة والله خير منك وأطيب”. وكان الإمام الشافعي (رحمه الله) يقول: “من أحب أن يُختم له بخير فليحسن الظن بالناس”. ومرض (رحمه الله)، فأتاه رجل يعوده – قيل: هو الربيع-، فقال للشافعي: قوى الله ضعفك! فقال الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني! قال: والله ما أردت إلا الخير! فقال الشافعي: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير!. وقال بشر الحافي (رحمه الله): “من سره أن يَسْلم فليلزم الصمت، وحسن الظن بالخلق”.

أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ”:  كلمة تحدثنا بأن القلوب خزائن لا يعلم ما فيها إلا الله (عز وجل)، يقول الحكيم الترمذي (رحمه الله) في (الأمثال) “قلبُ المؤمنِ خزانةُ اللهِ تعالى، فيهِ كنوزُ المعرفةِ، وكنوزُ العلمِ بآلائِه، ولم يملكهُ أحدٌ، ولم يطَّلعْ عليهِ أحدٌ، ولم يَكِلْهُ اللهُ إلى أحدٍ، فهو في قبضتِه، وبينَ إصبعينِ من أصابعِ الرحمنِ يقلبُهُ كيفَ يشاءُ”. فهي محل نظره (سبحانه وتعالى) من العبد؛ فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ): “إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ” (رواه مسلم)، في صلاحها صلاح الأجساد، وفي فسادها فساد الأجساد، فقد قال سيدنا الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “ألا وإنَّ في الجسدِ مضغةً إذا صلحت صلحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدت فسدَ الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ” (رواه البخاري ومسلم).

إن أحكام الدنيا تُجرى على الظاهر، كما قال ابن عبد البر (رحمه الله) في (التمهيد): “وقد أجمعوا أن أحكام الدنيا على الظاهر وأن السرائر إلى الله (عز وجل)”. فليس للإنسان من أخيه إلا ما يظهره، وليس مطوبا منه البحث فيما تحمله القلوب من أسرار، وإلا وقعنا في كثير من الذنوب والسيئات؛ فالسرائر لله وحده، (سبحانه) هو المطلع على السرائر والخفايا، (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر: 19).

ولقد بيّن لنا سيدنا رسول الله (صَلى الله عليه وسلم) هذا المعنى حين قال: “إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ” (متفق عليه)، كما أكد سيدنا النبي (صلى الله عليه وسلمَ) هذا المبدأ في حديث آخر، إذ يقول: “إِنَّمَا ‌أَنَا ‌بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ ‌تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ” (رواه البخاري).

إن الأمر لا يقف فقط عند عدم البحث فيما يخفونه الناس في قلوبهم، بل كذلك عدم البحث عن عيوبهم، فذلك من كمال الإسلام كما قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ”(رواه الترمذي)، فلو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب غيره، فجميعنا مطالبون بإصلاح أنفسنا، فمن كان بنفسه مشغولا عن غيره ارتاحت له النفوس، وكان محبوبا من الناس، وجزاه الله (تعالى) بجنس عمله، فيستره ويكف ألسنة الناس عنه، أما من كان متتبعا عيوب الناس، متحدثا بها، مشنعا عليهم، فإنه لن يسلم من بغضهم وأذاهم، ويكون جزاؤه من جنس عمله أيضا؛ إذ يقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): “يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ: لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِع اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ”(رواه أحمد وأبو داود)، وعن ابن عمر (رضي الله عنه) أنه قال: “كان بالمدينة أقوام لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت الله الناس عنهم عيوبهم، فماتوا ولا عيوب لهم، وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم، فتكلموا في عيوب الناس، فأظهر الله عيوباَ لهم، فلم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا”.

لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا *** فيهتك الله ستراً عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكـــروا *** ولا تعب أحــداً منهم بما فيكا

فمن كمال إسلام الإنسان ألا ينشغل بعيوب غيره، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ): “يبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذَى فِي عَيْنِ أَخِيهِ، وَيَنْسَى الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ”.

المرء إن كان عاقلاً ورعاً *** أشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيــم أشغله *** عن وجع الناس كلهــــم وجعه

 فما أحوجنا إلى ننظر في هدي النبي (صلى الله عليه وسلمَ) وأخلاقه، فنأخذ من مشكاته، ونقتدي به في سيرته وسريرته، حتى تستقيم دنيانا وآخرتنا، فقد قال الله (سبحانه وتعالى): ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )(الأحزاب: 21).

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، واصرف عنا سيئها، واحفظ مصر من كل مكروه وسوء، واجعلها اللهم أمنا أمانا سخاء رخاء يا رب العالمين

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى