توقيرُ كبار السن، وإكرامُهم حطبة الجمعة للشيخ ثروت سويف

((توقيرُ كبار السن، وإكرامُهم)) حطبة الجمعة الموافقة 7 من جماد ثاني 1447هـ الموافقة 28/11/2025م للشيخ ثروت سويف
===========================================
توقيرُ كبار السن، وإكرامُهم word حطبة الجمعة للشيخ ثروت سويف
توقيرُ كبار السن، وإكرامُهم pdf حطبة الجمعة للشيخ ثروت سويف
خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 28 نوفمبر 2025م الموافق 7من جمادى الآخرة 1447ه تحت عنوان ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا ) توقير كبار السن واكرامهم
اقرأ في هذه الخطبة
أولا : توقير الكبير واحترامه واجب
ثانياً : إحترام الوالدين بر وعبادة
ثالثاً: من التوقير عدم المباهاة والاستهانة بالضعفاء
رابعاً : احترام العلماء وتقديرهم
خامساً: احترام من يتعلم وعدم نهره
سادساً : توقير الزوجين لبعضهما
الخطبة الأولي
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، سبحانك يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون ولا يصفه الواصفون ولا تغيره الحوادث ولا يخشي الدوائر يعلم مثاقيل الجبال ومكاييل البحار وعدد ورق الأشجار وعدد قطرات الأمطار وعدد ما اظلم عليه الليل واشرق عليه النهار
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يارب كل شيءٍ قائم به، وكل شيءٍ خاضع له، غِنى كل فقير، وقوة كل ضعيف، ومَفزع كل ملهوف، مَن تكلم سمع نطقه، ومن سكت علم سره، ومن عاش فعليه رزقُه، ومن مات فإليه منقلبه، كل ملِكٍ غيره مملوك، وكل قويٍّ غيره ضعيف، وكل غنيٍّ غيره فقير خلق الخلق فمنهم قوي وضعيف ومنهم صغير وكبير
يا ربّ حَمْدَاً ليس غيرُكَ يُحْمَدُ *** يَا مَنْ لَهُ كُلُّ الْخَلائِقِ تَصْمُدُ
أبوابُ كُل ملوكها قد أُوصِدَتْ *** ورأيتُ بابَكَ واسِعَاً لا يُوصَدُ
وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبد الله ورسولُه، أحسن النّاس خُلُقًا، وأكرمُهم خَلْقا، وأشرفهم نسباً، وأعظمهم جودا، صلّى الله وسلّم وبارك عليه، وعلى آله الأخيارِ، وأصحابه الأبرار، والتابعين، ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا
أما بعد
فإن النصر والرزق يناله ويستحقه من أحسن إلى الضعفاء من الرجال والولدان والنساء، وحبيبنا ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يوصينا برحمة الضعفاء، ففي سنن الترمذي بإسناد صحيح من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَبْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ»؛ أي: اطلبوا الضعفاء، فأحسنوا إليهم، وبروهم، وتفقَّدوا أحوالهم، فمن أراد نصرًا أو رزقًا من الله، فليرحم الضعفاء
والتوقير يعني التعظيم، التبجيل، والإكرام وهو إظهار الاحترام لشخص ما من خلال المعاملة الحسنة والتكريم، مما يعني التعامل معه بكل وقار واحترام.
فالاحترام شُعورٌ يدفَع إلى إِظهار مَهابة الآخر ومُعاملته باعتبار ومُراعاة حُرْمته بسبب سِنِّه أو مَرْكَزه أو تفوُّقه وجَدارته أو حتي ضعفه “يكُنّ له كلَّ احْترام“
وهو ما يُوجِبه أَدَبُ المُجْتمَع وأُصولُ اللِّياقة من إِظهار الاعتبار والوَقار.
ويتمثل الاحترام في احترام من أكبر منا سنًا أو احترام أولي الأمر أو احترام كل ذي فضل عليا الوالدين والمعلم وغيرهما وكذلك احترام الذات .
قال تعالي : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء: 70]
فالإنسان بطبيعته وفطرته مخلوق محترم فهو يحب الاحترام، ويحب أن يحترم، ولا يرضى أن يهان بأي نوع من الإهانة.
يقول الإمام علي بن أبي طالب
كن ابن من شئت واكتسب أدباً يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ
فليس يغني الحسيب نسبته
بلا لسانٍ له ولا أدب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا
ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي
فمن صور الاحترام كما علمنا الاسلام ما يلي
أولا : توقير الكبير
اهتمّ الإسلام باحترام الكبير، وجعل له حقا على من دونه، فأوجب احترامه وتوقيره عَنْ زَرْبِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْطَأَ القَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» [صحيح الترمذي] أي بمعنى أنّه ليس من أخلاقنا أن لا يحترم الكبير أو يعطى حقه، ومن احترام الكبير الحياء منه.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللهُ لَهُ عِنْدَ سِنِّهِ مَنْ يُكْرِمُهُ ” شعب الإيمان
فالكبير له حقّ الاحترام والتقدير، كيف لا وهو قد سبق من دونه لعمل الصالحات وتعلم العلوم وممارسة أعباء هذه الحياة، وهو المكافح، فهو الأستاذ لمن بعده والمعلم والمربي لمن خلفه ولذلك قدمه الحبيب في الحديث فقال له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كبِّر الكُبْرَ ) متفق عليه
عباد الله، لقد جاء في السنة النبوية أن الله يوقر الكبير فكيف بنا ؟
جاء في الحديث الذي رواه رواه أبو يعلى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَنِ اللهِ تَعَالَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَوَحْدَانِيَتِي وَفَاقَةِ خَلْقِي إِلَيَّ وَاسْتُوَائِي عَلَى عَرْشِي وَارْتِفَاعِ مَكَانِي إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنْ عَبْدِي وَأَمَتِي يَشَيْبَانِ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ أُعَذِّبُهُمَا ” وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي عِنْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «بَكَيْتُ لِمَنْ يَسْتَحْيِي اللهُ مِنْهُ وَلَا يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ تَعَالَى» إسناده ضعيف
وذلك لأن الكبير في الغالب يكون أكثر إقبالا على الله وحبّا للخير، فيستحي من الله أن يراه على معصية أو مقصّرا في طاعة، فيستحي الله منه.
بل من توقيره عند الله تعالى غفران ذنبه في كبره
فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مُعَمَّر يُعَمَّرُ في الإسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء، الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ خمسين سنة لين الله عليه الحساب، فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب، فإذا بلغ سبعين سنة أحبه الله وأحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين قبل الله حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ تسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وسُمي أسير الله في أرضه، وشفع لأهل بيته. رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام أبو يعلى في مسنده
فيعلمنا الإسلام أن ننزل الناس منازلهم، وأن نحفظ كرامتهم الإنسانية، كما يجب أن نعترف بقدر ومكانة كل انسان في قومهم. فالتوجيهات النبوية في هذا الموضوع كثيرة.
ولقد جاء في السنة أن نحترم الناس وننزلهم منازلهم ونعطيعهم قدرهم فقد أخرج ابن ماجه في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ »
وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إنَّ مِن إجلالِ الله إكرامَ ذي الشَّيبةِ من المسلمين وحامِلِ القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه وذي السلطانِ المقسِط » رواه أبو داوود والبيهقي
ايها الشاب إذا رأيت الكبير فارحم ضعفه، وأكبر شيبَهُ, وقدِّر منزلته وارفع درجته, وفرج كربته، يَعظُم لك الثواب, ويُجزِل الله لك به الحسنى في المرجع والمآب، بل اعتبر بما بما فعل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مع أبي قحافه والد الصديق رضي الله عنه والحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله عن أنس أنه قال: جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله يوم فتح مكة، يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله ، فقال رسول الله لأبي بكر: ((لو أقرَرْتَ الشَّيخَ في بيتِه لَأتَيْناه
)). ابن حبان
وروي أن الحسن بن صالح بن حي، وله أخ كان اسمه علي بن صالح بن حي، وكلاهما ثقة، وعلي هو أوثق الرجلين، والاثنان توأم، فهذا علي لم يكن يمشي أمام أخيه أبداً، ولا يتقدمه، ولا يجلس قبله، فسئل: فقال: هو أكبر مني، أتى الدنيا قبلي.
انظر إلى التوقير والاحترام! هو جاء إلى الدنيا قبله بدقيقة واحدة، فما كان يمشي أمامه، ولا يجلس قبله، وهو الذي كان يخدمه
ثانياً : إحترام الوالدين
ومن احترام الكبير ومما جاء في القران وامرنا به الله هو احترام وتوقير الوالدين ويكون بالإحسان إليهما والاعتناء بهما ومن ذلك قوله تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).[الإسراء: 23-24].
عن وهب بن منبه _ رحمه الله _ قال: ” إن الله تعالى أوحى إلى موسى صلوات الله و سلامه عليه يا موسى وقر والديك فإن من وقر والديه مددت في عمره و وهبت له ولدا يوقره و من عق والديه قصرت في عمره و وهبت له ولدا يعقه “
وقد امر النبي بالاحترام والتقدير لهما بقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» البخاري
ان احترم والداك يكون ان إذا دخلت أن تسلم، وأن تقبل أياديهما، وأن تجلس مكسور الجناح أمامهما، لين الكلمة متواضعاً مستجيباً سهلاً كأنك خادم
جاء في الأدب المفرد عن عروة – أو غيره -: أن أبا هريرة أبصر رجلين. فقال لأحدهما: ما هذا منك ؟ فقال: أبي. فقال: لا تسمه باسمه، ولا تمش أمامه، ولا تجلس قبله
وروي الهيثمي في مجمع الزوائد عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت أتي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ ومعه شيخٌ فقال له يا فلانُ مَن هذا معك قال أبي قال فلا تمشِ أمامَه ولا تجلِسْ قبلَه ولا تدَعُه باسمِه ولا تستَسِبَّ له.
قال صاحب عيون الأخبار قيل لعمر بن زيد : كيف برُّ ابنك بك؟ قال : ما مشيت نهاراً قط إلا وهو خلفي ، ولا مشيت ليلاً إلا مشى أمامي ، ولا رقى سقفاً وأنا تحته
قال ابن أبي الدنيا : حدثنا أبي قزعة رجل من أهل البصرة قال مررنا في بعض المياه التي بيننا وبين البصرة فسمعنا نهيق حمار فقلنا لهم ما هذا النهيق؟
قالوا: هذا رجل كان عندنا كانت أمه تكلمه بشيء فيقول لها انهقي نهيقك، قال غير إسحاق: فكانت أمه تقول جعلك الله حمار فلما مات سمع هذا النهيق عند قبره كل ليلة) من عاش بعد الموت (ص 27) ومجابو الدعوة (ص 84)
ثالثاً: من التوقيرعدم المباهاة والاستهانة
فقد نهى الله- سبحانه وتعالى- عن الغيبة، وعن الاستهانة بالحقوق، وعن ترك الاحترام. قال الله عز وجل ((يا أيّها الناس إنّا خَلقناكم من ذَكر وأنثى وجَعلناكم شُعوبًا وقبائل لتعارَفوا إن أكرمَكم عندَ الله اتقاكُم)) سورة الحجرات آية رقم 13 . قَالَ الزُّهْرِيُّ: نَزَلَتْ فِي أَبِي هِنْدٍ خَاصَّةً. وَقِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ. وَقَوْلُهُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَتَفَسَّحْ لَهُ: ابْنُ فُلَانَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] مَنْ الذَّاكِرُ فُلَانَةَ [؟ قَالَ ثَابِتٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] انْظُرْ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ [فَنَظَرَ، فَقَالَ:] مَا رَأَيْتَ [؟ قَالَ رَأَيْتُ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ وَأَحْمَرَ، فَقَالَ:] فَإِنَّكَ لَا تَفْضُلُهُمْ إِلَّا بِالتَّقْوَى [فَنَزَلَتْ فِي ثَابِتٍ هَذِهِ الْآيَةُ. وَنَزَلَتْ فِي الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَتَفَسَّحْ لَهُ:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ” [المجادلة: 11] الْآيَةَ.
أما في السنة النبوية
فانظروا الي احترام النبي صلى الله عليه وسلم لقد تزين باحترام الناس سيد الخلق محمد -عليه الصلاة والسلام- فكان مضرب الأمثال في احترامه للناس حتى أعجب به أعداؤه قبل أصحابه
احترام مشاعر الغير :
ولنتعلم الاحترام منه في مراعاة مشاعر الآخرين في قصة « سبقك بها عكاشة » روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ: ” عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ: هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ” فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ»
عندما تحدث النبي ﷺ عن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة من غير حساب وذكر وصفهم، فقال عكاشة أمنهم أنا يا رسول الله ؟ فقال له نعم، فقام آخر وقال أمنهم أنا؟ فقال رسول الله: «سبقك بها عكاشة»، فلم يحرجه فيقول له أنت لست منهم وحتى لا يفتح الباب لكل سائل فرد عليه رسول الله بطريقة جميلة وفيها احترام وتقدير من غير جرح للمشاعر.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (لا يقيمُ الرَّجلُ الرَّجلَ من مجلسِه ثمَّ يجلسُ فيه)[صحيح البخاري] فمن صور احترام المجتمع عدم إيذاء شعور الآخرين
احترام الانسان حتى وإن كان عبد وعدم اهانته
يضرب أبو مسعود البدري غلاماً عبداً له فيناديه رسول الله من بعيد مذكراً إياه بقدرة الله عليه وأخذته له على ما يفعل بالعبد، يقول له: “اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام“
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ»، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ، فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ»، أَوْ «لَمَسَّتْكَ النَّارُ» (رواه مسلم)
وتموت امرأة سوداء كانت تقم المسجد وتنظفه فيدفنها الصحابة بعد الصلاة عليها، ولم يعلموه، فلم يروا أشعار رسول الله بموتها، أو كما رأوا -رَضي الله عنهم-، فيعلم رسول الله بعد ذلك بموتها، فيقول لهم: “أفلا كنتم آذنتموني؟”، فكأنهم صغّروا أمرها، فقال: “دلوني على قبرها”، فدلوه، فصلى عليها، ثم قال: “إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله -تعالى- ينورها لهم بصلاتي عليهم” (رواه البخاري)
ويقول رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بحسْب امرئٍ من الشرِّ أنْ يحقر أخاه المسلمَ))؛ رواه مسلم
رابعاً : احترام العلماء وتقديرهم
فقد رفع الإسلام قدرهم وأمر باحترامهم وتقديرهم.
عباد الله إن الله أحب من عباده العلماء، واصطفاهم واجتباهم ورثة للأنبياء, وزادهم من الخير والبر فجعلهم من عباده الأتقياء السعداء, وشرفهم وكرمهم فكانوا من عداد الأولياء، وأثنى عليهم في كتابه بأنهم أهل خشيته فقال: إنما يخشى الله من عباده العلماء [فاطر: 28].
ومن احترام العلماء عدم الخوض معهم في نوادر المسائل روى الطبراني في الكبير عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ»
قال الأوزاعي: ” الأغلوطات شداد المسائل وصعابها”
يقول شوقي
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ
عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ
وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا
وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً
صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا
أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً
وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا
وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً
فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ تُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا لِتَحِيزُوا بِهِ الْمَجْلِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ» الحاكم في المستدرك
فليحذر الذين يسألون ليجادلوا، أو ليختبروا، لا ليتعلموا. فإن شأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم التوقير والإجلال للعلم وأهله، و ” ليس منا من لم يُجِلَّ كبيرنا، ويرحمْ صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه“.
العلماء وما أدراك ما العلماء أئمة الهدى، ومصابيح الدجى أهل الرحمة والرضا، بهم يُحتذى ويُهتدى ويُقتدى. كم طالب علم علموه, وتائه عن صراط الرشد أرشدوه وحائر عن سبيل الله بصروه ودلوه بقاؤهم في العباد نعمة ورحمة، وقبضهم وموتهم عذاب ونقمة قال : ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبضه بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا))
ما أحوجنا إلى الأدب مع العلماء نحبهم ومن حبهم نهابهم.
أهابُك إجلالاً وما بك قدرة……عليَّ ولكن ملء عين حبيبُها
خامساً: احترام من يتعلم وعدم نهره :
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» مسلم
يقول الشاعر
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطقن منـك اللسـان بسـوأةٍ فكلـك سـوؤات وللنـاس السـن
وعيناك إن أبدت إليـك معايبـاً فدعها وقل يا عين للنـاس أعيـن
وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى ودافع ولكن بالتي هـي أحسـن
ولله در القائل
يخاطبني السفيهُ بكلِّ قُبحٍ *** وأكره أنْ أكون له مُجـيـبـا
يزيد سَفاهةً وأزيد حِلماً *** كعُودٍ زادَه الإحراقُ طـِيبــا
سوف تتجرع الأمر أولاً ، ثم تسيغه، ليصبح محمدة وسنة.. لك أجرها وأجر من عمل بها: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله المصطفى الأمين، صلى الله عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى جميع أصحابه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله حقيقة التقوى. واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، وأكثروا من ذكر الموت والبِلىَ وقرب المصير إلى الله جل وعلا.
سادساً : توقير الزوجين لبعضهما
فقد جاء الإسلام لدحض كلّ الأفكار التي كانت شائعة عن المرأة آنذاك من أنّها مخلوقٌ غير بشريّ، وأنّها مخلوقٌ خُلق لخدمة الرجل، وبأنّها مخلوقٌ لا قيمة له يُباع ويُشترى كأيّ سلعةٍ أخرى، ومن المعروف بأنّ العرب قديما كانو يئدون البنات وهنّ على قيد الحياة، أمّا الإسلام فقد جاء وكرّم المرأة وأعطاها حقوقها في الميراث، والاحترام وأكدّ في العديد من النصوص والتعاليم على ضرورة معاملتها أحسن معاملة، واتباع أسلوبِ الرفق والحب معها لأنّها كائنٌ رقيقٌ وضعيف.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال : من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فإذا شهد أمرا فليتكم بخيرا أو ليسكت واستوصوا بالنساء خيرًا فإن المرأة خلقت من ضِلَع وإن أعوجَ شيءٍ في الضلع أعلاه . إن ذهبتَ تقيمة كسرتَهُ وكسرها طلاقها وإن تركته لم يزل أعوج. استوصوا بالنساءِ خيرًا ) متّفق عليه.
ودعا الاسلام الي الاحترام والمودة بين الزوجين، والأصل أن الأسرة تقوم على المودة، تقوم على الرحمة: وجعل بينكم مودة ورحمة [الروم:21]. ولكن التربية هي التي تجعل المرأة تغفل عظيم حق زوجها عليها، ورسول الله يقول كما في حديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى : ((لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها). مسند احمد
وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
(( لا يَفْرُكْ مؤمنٌ مؤمنةً .إن كره منها خُلُقًا رضي منها أخَرَ)) مسلم
ومعني لا يفرك مؤمن مؤمنةً أي لا يبغضها لأنّه يتنافي مع حسن العشرة .
يقول أنس كان الأصحاب إذا زفوا امرأة إلى زوجها يوصونها برعاية حقه وبطاعته.
تحفظ لنا كتب التاريخ وصية أمامة بنت الحارث وهي توصي ابنتها يوم زفافها تقول: فكوني له أمة يكون لك عبدا، وكوني له أرضا يكن لك سماء، وبالخشوع له والقناعة وحسن السمع له والطاعة، والتفقد لموضع عينه و أنفه، فلا تقع عينيه على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح، والتفقد لوقت طعامه ومنامه، فإن تواتر الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة.
نعم المرأة في واقعنا تخرجت من الجامعات والكليات ولكن خبرتها في الحياة وإقامة الأسرة المسلمة ورعاية الزوج قليلة وإن لم تكن مفقودة، فهي في جهالة جهلاء وضلالة عمياء.
وقد اوصي المصطفي بالمرأة وحثنا علي الاحترام والتقدير وحسن الخلق والمعاملة الطيبة وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما روى احمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا، أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ ”
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) الترمذي
وروى البخاريُ وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعبَّاسٍ: (يَا عَبَّاسُ، أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ رَاجَعْتِهِ) قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: (إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ) قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ.
هذه المرأة كنت مولاة وأعتقت.. وبقي زوجها رقيقاً، ومن حقها شرعاً بعد عتقها أن تنفصل عنه، فاختارت الفراق، فكان زوجها يبكي على فراقها وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع له عندها، فشفع في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لها: (يا بَريرَةُ اتقي اللهَ، فإنه زَوْجُكِ وأبو ولدكِ)، فظنتْ أنه يأمرها بالرجوع إليه. فبيّن لها صلى الله عليه وسلم أنه ليس آمراً وإنما شافع، فردّتْ هذه المرأة – التي كانت جارية – ردّتْ شفاعة النبي
الا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خير خلق الله.. نبينا محمد بن عبدالله.. فقد أمركم بذلك ربكم فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد… وارض عن آل بيته الطيبين الطاهرين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين…. وعن الخلفاء الأربعة الراشدين، وعن باقي الصحب الأكرمين، وعن الأتباع لهم بإحسان إلى يوم الدين… وارض عنا معهم.. برحمتك يا أرحم الراحمين.
جمع وترتيب / الشيخ ثروت سويف – امام وخطيب بالأوقاف المصرية









