مصر الكبيرة بأخلاقها وحضارتها لوزير الأوقاف

لا شك أن مصر دولة عظيمة بقادتها ، وعلمائها ، ورجالها ، ونسائها ، وشبابها ، وفتياتها ، وتاريخها , و حضارتها ، ودورها الريادي في المنطقة فكريًا , وعلميًا ، وثقافيًا ، وعسكريًا ، وحضاريًا ، وإنسانيًا , ولعل أهم ما يميز مصرنا الكبيرة العظيمة هو سعة أفقها , وقدرتها على التجاوز والتسامح ، والترفع عن الدنايا والصغائر ، فهي تتعامل بمنطق من يقول :
يقابلني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلمًا كعود زاده الإحراق طيبا
غير أن ثمة فرقًا واضحًا بين الحلم عن قوة ، وبين الضعف والخنا ، فمصر تحلم ولا تضعف ، فهي الأخ الأكبر الذي يريد أن يجمع الشمل , ويحول بكل ما يملك دون أي تمزيق لأسرته أو تهديد لكيانها , ولا يمكن له وقت الشدائد أن يتخلى حتى عمن أساء إليه من إخوته .
وإذا كان هذا شأن الأخ الأكبر في أسرته , فمصر الرائدة لم ولن تتخلى عن قضايا أمتها , لكنها في الوقت نفسه لن تنجر إلى صراع يمكن أن تمليه أو تفرضه عليها أطراف لا تحسن تقدير الأمور , ولا تعرف الحنكة ولا الحكمة السياسية المصرية .
إن مصر على مدار تاريخها العريق غنية بالقيم والأخلاق , لم يعرف عن أهلها غدر ولا خيانة , ولا اعتداء ولا عدوان على أحد بدون حق , بل وقفت بما وسعها من قوة وإمكانات إلى جانب الأشقاء والأصدقاء , وعرفت طوال تاريخها بحسن الجوار , وبسماحة أهلها , وحسن عشرتهم , وخفة روحهم, لم تعرف التشدد ولا التطرف , وما يحدث من موجات عنف عابرة أو طارئة هنا أو هناك إنما هو ظواهر شاذة يلفظها المجتمع المصري بفطرته وطبيعته النقية , وهي سحابة صيف عما قريب تنقشع.
لقد استوعبت الحضارة المصرية كثيرًا من مظاهر الحضارات الأخرى , وأفادت منها النافع المفيد , ولفظت الغث والخبيث , وكان أزهرها بسماحته ووسطيته المعروفة عبر تاريخه الذي أربى على ألف عام أحد أهم ضمانات هذة السماحة والوسطية , ليس في مصر وحدها , ولا في العالم العربي وحده , ولا العالم الإسلامي وحده , بل في العالم كله , وقد أنشأت في ذلك أبياتًا أقول فيها:
| مصر الكنانة في حفظ وفي كنـــف | 
 | قد ضُمـــن الذكــرُ الحكيــم أمانَــها | 
| ولئــن كبــت يومًا فظــل زائــــــــــل | 
 | عمــا قريــب ينجلـــي عـــن ساحــها | 
| وتعود للإســــــلام حصـنًا شــامـــــخًا | 
 | ولأمــــة العــــرب الكـــــرام صمامــها | 
| من رامـهــا سلـــــمًا فتــــــلـك يـــــــد | 
 | أو رامـــها حـــربًا فنحــــن رجــــالــها | 
| لا نعتـدي أبــدًا ولا نرضـى الخــــنا | إن الرجـــــــولة عنـــدنـــا بنيـــانـــــها | |
| إحــــــدى اثنتيــــن ولا معقّب بعده | 
 | النصـــرُ نصـــرٌ أو نُـــــرى شهــــداءها | 
| وليسألـــــوا التاريـــخ عن أبطالـــــها | 
 | وليفهمـــوا ذكـــر النبــي أجنــــادها | 
| خيــر الجنـــود جنــود مصر فاقدروا | 
 | أرض الكنــانــــــة حقــــها ومقامــــــها | 
| والأزهـــر المعمـــور أزهــرنا الــذي | 
 | حفـظ العلـوم مدى القـرون وصانـها | 
| ومضى يعلــم كـل شبــــر فــي الدنـا | 
 | أن السمـــاحــــة ديننــــا عنــوانــــــها | 
| صلــــوا علـــى المختـــار أحمــد إنه | 
 | خيـــــــر البــــــرية كلــــها وإمــامـــــها | 
 
				







