خطبة الجمعة : حب التناهي شطط.. خير الأمور الوسط ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة : حب التناهي شطط.. خير الأمور الوسط ، للدكتور محمد حرز – الجمعة 18 من ذي القعدة 1446هـ الموافق 16 من مايو 2025م
أيُّها السادةُ: إنَّ اللهَ جلّ وعلا وضعَ قواعدَ دينهِ الذى شرَعَهُ لعبادِهِ وجعلَ مبناهَا على التيسيرِ والرفقِ واللينِ، فلم يرد اللهُ بالناسِ إلّا الخيرَ فيمَا شرعَ وأمرَ حتى يسهلَ عليهم أنْ يستقيموا ويستجيبوا لأمرِ خالقِهِم سبحانَهُ جلَّ وعلا، قالَ سبحانَهُ: «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» [الحج: 78]، وقالَ سبحانَهُ: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» [البقرة: 286] وَعن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ».
لذا قالَ النبيُّ ﷺ كما في حديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ».وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَنْ تَنَالَهُمَا شَفَاعَتِي: إِمَامٌ ظَلُومٌ، وَكُلُّ غَالٍ مَارِقٍ». لذا فأَنَّ الغُلُوَّ آفَةٌ خَطِيرَةٌ، وَدَاءٌ فَتَّاكٌ مُسْتَطِيرٌ، لِذَا حَذَّرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ من الغُلُوِّ والتَّشَدُّدِ، وَصَاحِبُ الغُلُوِّ مَحْرُومٌ يَوْمَ الدِّينِ من شَفَاعَةِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فالإسلامُ دينُ السلامِ، دينُ الوسطيةِ، دينُ الاعتدالِ، ليس دينَ التطرفِ والإرهابِ، ليس دينَ التكفيرِ والغلوِّ والتشددِ، ليس دينَ التساهلِ إنَّمَا دينُ الوسطيةِ والاعتدالِ فلا إفراطَ ولا تفريطَ، ولا غلوَّ ولا تقصيرَ، ولا مبالغةً ولا ميوعةً، قال جلَّ وعلا في حقِّ أمةِ الإسلامِ { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]، وأقرَّ النبيُّ ﷺ قولَ سلمانَ لأبِي الدرداء رضي اللهُ عنها: ( إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ)، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ”. قَالَهَا ثَلَاثًا. وكيف لا؟ فنحن أمةٌ وسطٌ، أمرنَا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنْ نستقيمَ على أمرهِ الذي شرعَهُ لنا، كما قال جَلَّ جَلاَلُهُ مخاطبًا نبيَّهُ ﷺ: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]، فالشرعُ لم يُوكل إلى عقولِنَا، ولا إلى أهوائِنَا، ولا إلى اجتهاداتِنَا، بل اتباعٌ لِمَا جاءَ في الكتابِ والسنةِ وكفى، وفهمهمَا الفهمَ الصحيحَ، فهمَ الصحابةِ والسلفِ الصالحِ، جاءَ ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ ﷺ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ ﷺ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها، فقالوا: أين نحن منَ النبيِّ ﷺ؟ قد غفَرَ اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر، قال أحدُهم: أمّا أنا فإنِّي أُصلِّي الليلَ أبدًا، وقال آخَرُ: أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ، وقال آخَرُ: أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا، فجاء رسولُ اللهِ ﷺ فقال: (أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا؟ أمَا واللهِ إنّي لأخشاكُم للهِ وأتقاكُم له، لكنِّي أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ النساءَ، فمَن رغِبَ عن سُنَّتِي فليسَ منِّي) رواه البخاري. وكيف لا؟ وإِنَّ الإِقْبَالَ عَلَى التَّدَيُّنِ بِحَالِ المُبَالَغَةِ وَالتَّشَدُّدِ يَقْذِفُ فِي القُلُوبِ الكِبْرَ وَالعُلُوَّ عَلَى خَلْقِ اللهِ، فيَنْبُتُ التَّكْفِيرُ وَالتَّطَرُّفُ وَالإِرْهَابُ، كَحَالِ ذِي الخُوَيْصِرَةِ وأَصْحَابِهِ، الَّذِي بَلَغَ بِهِ الاسْتِعْلَاءُ أَنْ يَظُنَّ نَفْسَهُ صَاحِبَ مِيزَانِ الحُكْمِ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى عَلَى الجَنَابِ المُعَظَّمِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، اعْدِلْ»، فَقَالَ لَهُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «وَيْلَك! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ»، ثُمَّ قَالَ ﷺ: «فَإنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَأُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»، فَكَانَ الخُسْرَانُ وَالخَيْبَةُ لِكُلِّ ذِي خُوَيْصِرَةٍ. فلقد ظهرَ الخوارجُ وخرجُوا على عثمانَ ذي النورينِ الذي تزوجَ بنتَي رسولِ اللهِ ﷺ، الخليفةِ الراشدِ بعدَ أبي بكرٍ وعمرَ رضي اللهُ عنهم، الذي شهدَ لهُ النبيُّ ﷺ بالجنةِ، وقتلوهُ زاعمينَ أنّهُ كافرٌ! وهم يزعمونَ أنَّهُم بذلك يأمرونَ بالمعروفِ وينهونَ عن المنكرِ!. لذا قال المصطفَى ﷺ كما في حديثِ ابنِ عباسٍ: (إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ).
وكيف لا؟ التشددُ والتنطعُ داءٌ اجتماعيٌّ خطيرٌ، ووباءٌ خُلقيٌّ كبيرٌ، ما فشَا في أمةٍ إلَّا كان نذيرًا لهلاكِهَا، و ما دبَّ في أسرةٍ إلّا كان سببًا لفنائِهَا، فهو مصدرٌ لكلِّ عداءٍ وينبوعُ كلِّ شرٍ وتعاسةٍ، والتنطع ُ والغلوُّ آفةٌ مِن آفاتِ الإنسانِ، مدخلٌ كبيرٌ للشيطانِ ،مدمرٌ للقلبِ والأركانِ، يفرقُ بينَ الأحبةِ والإخوةِ، يحرمُ صاحبَهُ: الأمنَ والأمانَ ،ويدخلُهُ النيرانَ، ويبعدُهُ عن الجنانِ، فالبعدُ عنهُ خيرٌ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ. والتكفيرُ ظاهرةٌ سلبيةٌ مدمرةٌ للأفرادِ والدولِ ، والغلو داءٌ يقتلُ الطموحَ، ويدمرُ قيمَ المجتمعِ، ويعَدُّ خطرًا مباشرًا على الوطنِ، ويقفُ عقبةّ في سبل البناءِ والتنميةِ ، يبددُ المواردَ، ويهدرُ الطاقاتِ .فالغلوُّ في الدِّين في بنِي آدمَ قديمٌ منذُ قِدَمِ الأديانِ، وإنْ كان يَختلفُ في نوْعِهِ، لكن يجمعُ البشرَ اشتراكُهم في أصلِهِ، قال ابنُ عبَّاسٍ في قولِهِ تعالى: {وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}، “أسْماءُ رِجَالٍ صَالِحينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فلَمَّا هَلَكُوا أوْحَى الشَّيْطَانُ إلى قَوْمِهمْ أنِ انْصِبُوا إلى مَجالِسِهِم الَّتي كانُوا يَجْلِسُونَ أنْصَابًا، وسمُّوهَا بِأسْمائِهمْ، ففَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إذا هَلَكَ أُولَئِكَ وتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ. فغلت طائفةٌ مِن قومِ نوحٍ في هؤلاءِ الصَّالحين حتَّى عبدوهُم، ولا زالَ الغلوُّ في بنِي آدمَ مِن بعدِ ذلك، وممَّا أخبرنَا بهِ ربُّنَا عزَّ وجلَّ في غلوّ مَن سبقنَا قولُه تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ}[النساء: 171]
لذا نهانَا دينُنَا عن التشديدِ في العبادةِ؛ رفقاً بالنفسِ: فعن عائشةَ – رضي اللهُ عنها أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (يا أَيُّهَا النَّاسُ! خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ، وَإِنْ قَلَّ)، وعن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ – رضي اللهُ عنه – قال: دَخَلَ النبيُّ ﷺ فإذا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بين السَّارِيَتَيْنِ فقال: (مَا هذا الْحَبْلُ؟)، قالوا: هذا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فإذا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فقال النبي ﷺ: (لاَ، حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فإذا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ)، وأمرنَا دينُنَا بالتخفيفِ في الصلاةِ؛ رِفقاً بالناسِ، فعن أبي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ مِنْهُمْ الضَّعِيفَ، وَالسَّقِيمَ، وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)، و عن أبي قَتَادَةَ – رضي اللهُ عنه، عن النبيِّ ﷺ قال: (إِنِّي لأَقُومُ في الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فيها، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ في صَلاَتِي؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ) و عن أبي مَسْعُودٍ الأنصاريِّ – رضي الله عنه – قال: جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فقال: إنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ في الْفَجْرِ؛ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَنٌ فِيْهَا. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ؛ فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ، وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ).
فالغلوُّ والتشددُ والتزيُّدُ في دينِ اللهِ هو مِن سبيلِ الشيطانِ، وهي ركضةٌ يركضُ بها عدوُّ اللهِ في بعضِ المؤمنينَ المطيعينَ للهِ ليصرفَهُم عن طاعةِ اللهِ جلّ وعلا، ولا يزالُ عدوُّ اللهِ ينصبُ حبائلَهُ ويضعُ مصائدَهُ ويبثُّ جنودَهُ ليظفرَ مِن المؤمنينَ بأحدِ الأمرينِ . وتأملُوا رعاكُم اللهُ هذا الحديثَ عن النبيِّ ﷺ وهو مخرَّجٌ في صحيحِ ابنِ حبان بإسنادٍ ثابتٍ مِن حديثِ أبي موسى الأشعرِي رضي اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ: (إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ ، فَيَقُولُ: مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ، قَالَ: فَيَخْرُجُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَيَقُولُ: أَوْشَكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ، فَيَقُولُ: أَوْشَكَ أَنْ يَبَرَّ، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى زَنَى فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ )، وتأملُوا – عبادَ الله – كيف يتنافسُ جنودُ إبليس وأعوانُهُ في تحقيقِ غاياتِهِ ومراداتِهِ في صدِّ الناسِ عن دينِ اللهِ وصرفهِم عن طاعةِ اللهِ إمّا بالعقوقِ والقطيعةِ، أو بالإفسادِ والإضلالِ، أو بالقتلِ والتدميرِ، أو غيرِ ذلكَ مِن المسالكِ التي هي مَن تزينُ الشيطان، فالحذرَ الحذرَ، الانتباهَ الانتباهَ قبلَ فواتِ الأوانِ والندمَ على ما فات.
إلهِي لَسْتُ لِلْفِرْدَوْسِ أهلاً ***وَ لاَ اَقْوَي عَلَي النَّارِ الْجَحِيْمِ
فَهَبْ لِي تَوْبَةً وَ اغْفِرْ ذُنُوْبِي*** فَاِنَّكَ غَافِرُ الذَنْبِ الْعَظِيْمِ
وَ عَامِّلْنِي مُعامَلةً الْكَرِيْمِ ***وَ ثَبِّتْنِي عَلَي النَّهْج الْقَوِيْم