خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة القادمة : الهجرة وصناعة الأمل للشيخ ثروت سويف

خطبة الجمعة القادمة : الهجرة وصناعة الأمل للشيخ ثروت سويف بتاريخ 2 محرم 1447 – 2025

خطبة الجمعة القادمة WORD : الهجرة وصناعة الأمل للشيخ ثروت سويف 

خطبة الجمعة القادمة  PDF : الهجرة وصناعة الأمل للشيخ ثروت سويف 

العناصر
1-الاعتبار بانقضاء الأعمار
2-بين توديع عام واستقبال آخر
3-الهجرة وفن صناعة الأمل
4- ما أحوجنا في هذا الزمان إلى فن صناعة الأمل
الحمد لله الذي فتح لعباده باب الأمل ، وأمرهم باستصحاب الأمل عند كل الظروف والضغوط، وحذرهم من اليأس والقنوط ، لأن أهلهما من الهالكين، إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أوذي في سبيل الله كثيرا ، وحوصر بكرة وأصيلا فتمسك بالأمل ، وهاجر في سبيل الله من مكة إلى المدينة فكانت الهجرة المباركة طريق الأمل، وبها ساد المسلمون .
فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين حطموا قيود اليأس والقنوط ،وضربوا أروع الأمثلة في فن صناعة الأمل ففتح الله عليهم فتحا مبينا وهداهم صراطا مستقيما، وجعلهم سادة في الدنيا وفي الآخرة أولئك هم المفلحون.
1-الاعتبار بانقضاء الأعمار:
إن هذه الشمس التي تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب من مغربها تحمل أعظم الاعتبار ، فطلوعها ثم غيابها إيذان بأن هذه الدنيا ليست دار قرار، وإنما طلوع وزوال.
تتجدد الأعوام عاما بعد عام فإذا دخل العام الجديد نظر الإنسان إلى آخره نظر البعيد، ثم تمر به الأيام سراعا فينصرم العام كلمح البصر فإذا هو في آخر العام وهكذا عمر الإنسان يتطلع إلى آخره تطلع البعيد, فإذا به قد هجم عليه الموت يؤمل الإنسان بطول العمر ويتسلى بالأماني فإذا بحبل الأماني قد انصرم وبناء الأماني قد انهدم.
2- بين توديع عام واستقبال آخر :
إننا في هذه الأيام نودع عاما ماضيا شهيدا ،ونستقبل عاما مقبلا جديدا، فليت شعري ماذا أودعنا في عامنا؟ الماضي وماذا نستقبل به العام الجديد؟.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه ” يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب منك يوم ذهب بعضك” أخرجه البيهقي في الشعب 381- 81 عن قتادة
وقال أبو حازم رحمه الله ” عجبا لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة ويدعون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة ” صفة الصفوة 165
وهذا السير الحثيث يباعد عن الدنيا، ويقرب من الآخرة يباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ” أقبلت الدنيا مدبرة , وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل ” أخرجه البخاري
نسير إلى الآجال في كل لحظة
وأعمالنا تطوى وهن مراحل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى
فعمرك أيام وهن قلائل
3-الهجرة وصناعة الأمل :
حينما ينظر المرء حوله في هذا الواقع المرير ربما دخل اليأس القلوب، واستولى على النفوس القنوط ،وظن البعض أنه لا قيام للدين مرة أخرى، ولعل هذه تكون الحالقة.
عند ذلك تأتي الهجرة بأحداثها لتحيي في القلوب الأمل، وتزرع في نفوس اليائسين الرجاء.
فعودة إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بقليل، وتقييم واقع المسلمين الأول تكاد ترى واقعا أشد مما نحن عليه الآن.
فقد عاش هؤلاء الكرام مع نبيهم ثلاث عشرة سنة من الخوف والألم والتعذيب والتنكيل, رأى المسلمون فيها ألوان الهوان وصنوف الإذلال.
ثلاث عشرة سنة والنبي صلي الله عليه وسلم يطوف على القبائل ويدور على أصحاب الزعامات والرئاسات يقول” من يؤويني حتى أبلغ رسالة ربي فما يجد إلا العنت والاستهزاء “
ثلاث سنين كاملة من الحصار في شعب أبي طالب مقاطعة كاملة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حصار اقتصادي واجتماعي حصار شديد حتى أكل الناس ورق الشجر، وإلى أن تشققت الأشداق وحتى وضع الناس كما تضع العنز، وربما خرج أحدهم ليبول فيسمع تحت ماء البول قعقعة، فإذا بها جلدة ميتة فيأخذها من شدة الجوع فيغسلها ويضعها على النار ليتقوى بها على ما به من جوع .
ثلاث عشرة عاما والنبي صلى الله عليه وسلم يلقى الأذى في نفسه ، رغم مكانته فكيف بأصحابه .
ربما سجد عند الكعبة فيضع الكافرون سلى الجزور على ظهره ،
وربما قابلوه فتجمعوا حوله يدفعونه ويهددونه ويحاولون خنقه، حتى يأتي أبو بكر فيدفعهم عنه, ويقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله, فيلهون بأبي بكر عن رسول الله, فيضربونه ضربا مبرحا وما تركوه حتي ظنوا أنه ميت .
ثلاثة عشر سنة وأصحابه رضي الله عنهم يلاقون من الأذى مالا تحتمله الجبال الرواسي، تحريق بالنار، وتغريق في الماء، وضرب بالسيط حتى كلت السياط وأيدي الضاربين، وحتى أكلت رمال الصحراء المحترقة طبقات جلودهم، وهذا بلال يشهد وكذا خباب بن الأرت .
لذا اضطر المسلمون الأوائل أن يتركوا بلادهم مهاجرين إلى الحبشة مرة بعد مرة حتى إذا زاد بهم البلاء واشتد بهم الكرب, قام قائمهم إلى رسول الله يقول ألا تستنصر لنا, فيقول صلي الله عليه وسلم مصبرا ومبشرا ” كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ” أخرجه البخاري .
وفي وسط هذا الظلام الحالك، ومن بين كل هذا البلاء وتلك الشدة من كان يعتقد أن يأتي الفرج علي يد ستة أنفس لا وزن لهم ولا زعامة ولا وجاهة” لقيهم النبي صلى الله عليه وسلم في موسم الحج فكلمهم وما يرجوا إلا أن يستنقذهم من النار ويؤدي حق الله عليه في دعوتهم للدين الجديد ، فكانوا الفجر الذي انقشع به ظلام الكفر، والنور الذي أضاءت بسببه أرجاء الأرض، والأمل الذي بدد سحب اليأس.
إنها التقادير يوم يأذن الله بالفرج من عنده، ويأتي النصر من قلب المحنة والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله
إن من عبرات ودروس الهجرة صناعة الأمل، الأمل في موعود الله ،الأمل في نصر الله ،الأمل في مستقبل مشرق للا إله إلا الله ،الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة.
مرة أخرى يصنع الأمل في حادثة سراقة ، ولا يلتفت رسول الله صلي الله عليه وسلم الي سراقة، ولا يبالي به وكان شيئا لم يكن يقول له أبو بكر يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فيقول له مقالته الأولى ” لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا “التوبة 40
لقد اصطنع الأمل في الله ونصره فنصره الله, وساخت قدما فرس سراقة, فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء كالدخان, فأدرك سراقة أنهم ممنوعون منه وجاء النصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا تعلمنا الهجرة في كل فصل من فصولها كيف نصنع الأمل، ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة، وخروج الخير من قلب الشر وانبثاق الفرج من كبد الأزمات
4-ما أحوجنا في هذا الزمان إلى فن صناعة الأمل :
ما أحوجنا ونحن في هذا الزمان زمن الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم فن صناعة الأمل فمن يدري ربما كانت هذه المصائب بابا إلى خير مجهول ورب محنة في طيها منحة أو ليس قد قال الله ” وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ” البقرة: 216
إن اليأس والقنوط ليسا من خلق المسلم قال سبحانه ” وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ” يوسف 86
قال ابن مسعود رضي الله عنه ” أكبر الكبائر الإشراك بالله, والأمن من مكر الله, والقنوط من رحمة الله, واليأس من روح الله“
إذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق لما به الصدر الرحيب
ولم تر لانكشاف الضر وجها ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت فموصول بها الفرج القريب
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم, ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابه

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى