خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة القادمة ، لا تغلُوا في دينِكُم..وما كان الرفقُ في شيءٍ إلا زانه للدكتور مسعد الشايب

خطبة الجمعة القادمة ، لا تغلُوا في دينِكُم..وما كان الرفقُ في شيءٍ إلا زانه للدكتور مسعد الشايب (تنشر لأول مرة) الجمعة 14 من صفر 1447هـ الموافقة 8 من أغسطس 2025م

===========================================

خطبة الجمعة القادمة word ، لا تغلُوا في دينِكُم..وما كان الرفقُ في شيءٍ إلا زانه للدكتور مسعد الشايب

خطبة الجمعة القادمة pdf ، لا تغلُوا في دينِكُم..وما كان الرفقُ في شيءٍ إلا زانه للدكتور مسعد الشايب

أولا: العناصر:

  1. الرفق وبيان ماهيته، وضابطه، ومكانته.
  2. ثمانُ صورٍ، وأشكالٍ للرفق في السنة النبوية.
  3. الخطبة الثانية: (الرفق بالبنات، والنساء عمومًا).

ثانيا: الموضوع:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبده ورسوله، إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، وقائد الغرّ المحجّلين، صلاة وسلاما عليك يا سيدى يا رسول الله، وعلى آلك، وأصحابك، وأتباعك، وأحبابك، إلى يوم الدين، وبعد:

===========================================

(1) ((الرفق، وبيان ماهيته، وضابطه، ومكانته))

===========================================

أيها الأحبة الكرام: الدين الإسلامي هو دين المثل والقيم والأخلاق، وما أرسل نبينا ﷺ إلا ليتمم صالح الأخلاق، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ)(رواه أحمد)، فقد حصر وقصر نبينا صلى الله عليه وسلم في هذ الحديث دعوته ورسالته في إتمام البناء الأخلاقي الذي وضع لبناته الأنبياء والمرسلون من قبله.

===

ومن أخلاق الإسلام العالية، ومثله وقيمه السامية؛ التي تثمر الود، والألفة، والمحبة، والترابط بين المسلمين؛ ما يعرف بالرفق، ضد العنف، وهو مصدرٌ مشتق من مادة (الراء، والفاء، والقاف)، التي تعني اليسر في الأمور، والسهولة في التوصل إليها. وقيل: هو لين الجانب بالقول، والفعل، والأخذ بالأسهل. وقيل: هو حسن الانقياد لما يؤدي إلى الجميل. وبالجملة فالرفق يشتقّ منه كلّ شيء يدعو إلى الراحة والموافقة.

===

((مكانة الرفق في الشريعة))

الرفق في الشريعة الإسلامية يتمتع بمكانة عالية، ومنزلة سامية، ولم لا، وهو السبب الرئيس في نجاح دعوة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأليف القلوب حوله، وصدق الله إذ يقول: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران:159].

===

_ كما أن الرفق هو وصية المولى تبارك وتعالى لسيدنا موسى وهارون (عليهما السلام)، حينما أمرهما بالذهاب إلى فرعون ودعوته إليه سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿وَٱصۡطَنَعۡتُكَ لِنَفۡسِي*ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي*ٱذۡهَبَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ*فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ﴾ [طه:41 ـ 44].

===

_ الرفق من أعظم صفات ربنا سبحانه وتعالى، وصدق الله إذ يقول: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٍ﴾ [الحج:78].

===

_ الرفق من أعظم أخلاق الأنبياء والمرسلين، فعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عزّ وجلّ في إبراهيم (عليه السلام): ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [إبراهيم:36]، وقال عيسى (عليه السلام): ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: 118]، فرفع يديه وقال: (اللَّهُمَّ، أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى). فقال الله عز وجل: (يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟). فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال- وهو أعلم- فقال الله: (يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا ‌سَنُرْضِيكَ ‌فِي ‌أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ)(رواه مسلم).

===========================================

(2) ((ثمانُ صورٍ، وأشكالٍ للرفق في السنة النبوية))

===========================================

أيها الأحبة الكرام: لقد فتح الله (عزّ وجلّ) لنا باب الرفق في الشريعة الإسلامية واسعًا على مصراعيه في كل قول وفعل، فمن صور الرفق في الشريعة الإسلامية:

===

1ـ الرفق بالنفس في العبادة والطاعة: فلا يتشدد المرء في دين الله، ولا يكلف نفسه أكثر مما تطيق؛ حتى لا تكلّ ولا تمل، فإن القوب إذا كلت عميت، فعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص (رضي اللّه عنهما) قال: أُخبر رسول اللّه ﷺ أنّي أقول: والله لأقومنّ اللّيل ولأصومنّ النّهار ما عشت. فقال له رسول اللّه ﷺ: (أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ: وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ). قُلْتُ: قَدْ قُلْتُهُ. قَالَ: (إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ). فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: (فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ). قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: (فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ وَهْوَ عَدْلُ الصِّيَامِ). قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: (لَاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ)(متفق عليه).

===

2ـ الرفق بالأطفال: وذلك بعدم القسوة عليهم، وعدم الإغلاظ لهم، فعن جابر بن سمرة (رضي الله عنه) قال: (صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ صَلَاةَ الْأُولَى، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا). قَالَ: (وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّي). قَالَ: (فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا أَوْ رِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ)(رواه مسلم). (صلاة الأولى) يعنى الظهر.

===

3ـ الرفق بالخدم: وذلك بعدم تكليفهم ما لا يطيقون من الأعمال، ومراعاة إنسانيتهم، قال (صلى الله عليه وسلم): (لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ)(رواه مسلم)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِذَا صَنَعَ لِأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ، ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ، وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ، فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ، فَلْيَأْكُلْ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا قَلِيلًا، فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ مِنْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ)(متفق عليه). (مشفوهًا) المشفوه: القليل.

===

4ـ الرفق بمن لا يعلم عند الأمر والنهي، والتعليم والتفهيم: فعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: قال بينما نحن فى المسجد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم): مه مه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لاَ تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ). فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعاه فقال له: (إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَىْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلاَ الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِىَ لِذِكْرِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ)، وَالصَّلاَةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ). قال: فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه(رواه مسلم).

===

5ـ الرفق بالفقراء، وذوي الحاجة: وذلك بالقيام على حوائجهم، وتلبية رغباتهم، فعن أبي هريرة (رضي اللّه عنه) قال: أصابني جهد شديد فلقيت عمر بن الخطّاب (رضي الله عنه) فاستقرأته آية من كتاب اللّه فدخل داره، وفتحها عليّ، فمشيت غير بعيد فخررت لوجهي من الجهد والجوع، فإذا رسول اللّه ﷺ قائم على رأسي فقال: (يَا أبَا هُرَيرَة). فقلت: لبّيك رسول اللّه وسعديك، فأخذ بيدي فأقامني وعرف الّذي بي، فانطلق بي إلى رحله، فأمر لي بعُسّ من لبن فشربت منه ثمّ قال: (عُدْ فَاشْرَبْ يَا أبَا هِرّ). فعدت فشربت، ثمّ قال: (عُدْ). فعدت فشربت حتّى استوى بطني فسار كالقدح…)(رواه البخاري).

===

6ـ الرفق بالرعية (المواطنين): وذلك بقضاء حوائجهم، وتأدية مصالحهم، وما ينفعهم في أمورهم الحياتية، فقد دعا صلى الله عليه وسلم قائلا: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِن أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ)(رواه مسلم)، وقال ﷺ: (إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)(رواه مسلم). (الحطمة) هو الراعي الذي لا يمكن رعيته من المراعي الخصيبة، ويقبضها، ولا يدعها تنتشر في المرعى.

===

7ـ الرفق بالناس عموما: وذلك بلين الجانب لهم، وعدم الغلظة، والتعامل بالسماحة معهم، قال صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ، إِنْ قِيدَ انْقَادَ، وَإِنْ أُنِيخَ اسْتَنَاخَ عَلَى صَخْرَةٍ)(شعب الإيمان). (الأُنف): الذي قد عقره الخطام، فلا يمتنع على قائده في شيء للوجع الذي به، وقيل: الجمل الأنف: الذليل.

===

8ـ الرفق بالطير والحيوان: وذلك بإطعامه، ودفع أنواع الأذى عنه كالحرّ والبرد، وعدم إجهاده وتكليفه من العمل ما لا يطيق، فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم: ذات يوم حائطا لرجل الأنصار فإذا جمل، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت، فقال: (مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ، لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟). فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله. فقال: (أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا؟، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ)(رواه أبو داود).

وعن سعيد بن جبير قال: مر ابن عمر (رضي الله عنه) بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا، وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: (مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ لَعَنِ اللهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِﷺ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا)(رواه مسلم).

عباد الله أقول قولي هذا، وأستغفر الله العليّ العظيم لي ولكم، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فالتائب من الذنب………..

===========================================

(الخطبة الثانية)

((الرفق بالبنات، والنساء عمومًا))

===========================================

الحمد لله ربّ العالمين، أعد لمن أطاعه جنات النعيم، وسعر لمن عصاه نار الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلّ عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

===

أحبتي في الله: مازال الحديث بنا موصولا عن الرفق وصوره في السنة النبوية المطهرة، ومن أهم تلك الصور، والتي تغيب عن أذهان كثير منا؛ الرفق بالبنات والنساء. أي: التعامل معهنّ بكل يسر وسهولة، وعدم التشديد عليهنّ، ومراعاة ضعفهن، ومعاونتهن في شئون البيت، وأمور الحياة…وهكذا. فما أكرمهن إلا كل كريم، وما أهانهن إلا كل لئيم، ومن صور الرفق بهن:

===

1ـ الوصية بالنساء عمومًا ومراعاة خلقتهن التي خلقهن الله عليها، والصبر على ما يصدر منهن من هنات (شر وفساد)، قال صلى الله عليه وسلم: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ)(متفق عليه).

وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه)، أن النبي ﷺ أتى على أزواجه وسواق يسوق بهن يقال له: أنجشة، فقال: (وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ)(متفق عليه) (ويحك) الويح: زجر لمن أشرف على الوقوع في هلكة.(سوقك) منصوب بإسقاط الجار أي: ارفق في سوقك بالقوارير.

===

2ـ وصية الأزواج بزوجاتهن، والأمر بالنظر إلى الإيجابيات، وغضّ النظر عن السلبيات، فقد قال ﷺ: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ)(رواه مسلم).

===

3ـ المعاونة لهن كما كان النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه في أمور البيت، فعن الأسود، قال: سألت عائشة (رضي الله عنها) ما كان النبي ﷺ يصنع في بيته؟. قالت: (كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ (تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ) فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ)(رواه البخاري).

===

4ـ الحلم معهنّ، والتغاضي عن هفواتهن، فقد اجتمع مع النبي ﷺ مجموعة من أصحابه في بيت عائشة (رضي الله عنها) لتناول الطعام، فقامت السيدة أم سلمة (رضي الله عنها) بإرسال خادمها بقصعة من الطعام للنبي ﷺ وأصحابه، فدبت الغيرة في قلب السيدة عائشة (رضي الله عنها) فقامت بضرب يد خادم أم سلمة (رضي الله عنها)، فسقط الإناء على الأرض وانكسر ـ كل ذلك أمام الصحابة ـ فلم يغضب النبي ﷺ ولم ينهر عائشة، ولم يغلظ لها في القول بل عالج الموقف بحلم وحكمة وأدرك لعائشة ضعفها وحبها له ﷺ فنظر للصحابة وقال: (غارت أمكم)، وجمع الطعام في الإناء المكسور، ومنع الخادم من العودة لأم سلمة بدون إناء حتى لا يعكر صفو العلاقة بينهما، وأرسل قصعة عائشة لأم سلمة مع الخادم جزاء وفاقا.

فعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: كان النبي ﷺ عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع رسول الله ﷺ بين الفلقتين، ثم جعل يجعل فيها الطعام الذى كان في الصحفة ويقول: (غَارَتْ أُمُّكُمْ). وحبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة فى بيت التي كسرت)(رواه البخاري).

===

5ـ الأمر بتوفير مسكن للزوجة، والإنفاق عليها، وكسوتها باعتدال بلا سرف ولا تقتير، فعن جابر بن عبدالله (رضي الله عنهما)، أن النبي ﷺ قال في حجة الوداع: (…فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ…)(رواه مسلم).

===

6ـ إباحة الترفيه البريء للزوجة، كالخروج للحدائق والمتنزهات أو الرحلات، ومسابقتها، واللعب والمرح معها…الخ، فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: (كان يوم عيد، يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي ﷺ، وإما قال: (تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟). فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: (دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ). حتى إذا مللت، قال: (حَسْبُكِ؟). قلت: نعم، قال: (فَاذْهَبِي) (متفق عليه). وعن السيدة عائشة (رضي الله عنها)، أنها كانت مع النبي ﷺ في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: (هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ) (رواه أبو داود)، وقال النبي ﷺ لسيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) حينما أخبره بزواجه من امرأة ثيب: (فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ) (متفق عليه).

====

7ـ الأمر بالإنفاق على البنات والأخوات وتربيتهنّ والإحسان إليهنّ حتى زواجهن، فقد قال ﷺ: (من عالَ ثلاثَ بَنَاتٍ، فأدَّبهُن، وزَوَّجَهُنَّ، وأحْسَنَ اليهنَّ، فلهُ الجَنَّةُ)، وفي رواية: (ثلاثُ أخواتِ، أو ثلاثُ بناتٍ، أو ابنَتانِ، أو أُختانِ) (رواه أبو داود)، وقال ﷺ: (مَنْ عَالَ ابْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ بَنَاتٍ، أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ، حَتَّى يَبِنَّ أَوْ يَمُوتَ عَنْهُنَّ، كُنْتُ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ) (رواه أحمد).

وعن أمّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتُها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها (فمها) تمرة لتأكلها، فاستطعمتَها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ)(رواه مسلم).

===========================================

فاللهم أهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهمّ أرنا الحق حقًا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، اللهمّ علمنا من لدنك علمًا نصير به عاملين، وشفّع فينا سيّد الأنبياء والمرسلين، واكتبنا من الذاكرين، ولا تجعلنا من الغافلين ولا من المحرومين، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنات النّعيم اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.

كتبها/ الشيخ الدكتور/ مسعد أحمد سعد الشايب

عضو الأمانة العلمية بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى