خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة : ((إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح)) للدكتور مسعد الشايب

خطبة الجمعة : ((إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح)) للدكتور مسعد الشايب الجمعة الموافقة 30 من المحرم 1447 ه الموافقة 25 يوليو 2025م
===========================================

خطبة الجمعة WORD : ((إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح)) للدكتور مسعد الشايب

خطبة الجمعة PDF : ((إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح)) للدكتور مسعد الشايب

أولا: العناصر:
1. ستٌ من مكانة الوقت والزمان.
2. التحذير من ضياع أوقاتنا فيما لا ينفع.
3. الخطبة الثانية: (سبعةٌ من مخاطر إضاعة الوقت).
ثانيا: الموضوع:
الحمد لله رب العالمين، تقدس في الأزل عن الشبيه والنظير، هو الغني عن خلقه، والعبد إليه فقير، هو الغني عن خلقه؛ فلا أمد يحصره، ولا أحد ينصره، ولا ضياء يظهره، ولا حجاب يخفيه، سبحانه، سبحانه واحدٌ أحدٌ فردٌ صمدٌ لا شك فيه، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأَشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عَبدُه ورسولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيه وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد:
===========================================
(1) ((مكانة الوقت والزمان))
===========================================
فيقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) لرجل وهو يعظه: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) (رواه النسائي).
هذا الحديث النبوي الشريف هو أحد وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وأمته من بعدهم، والحديث في مجمله دعوة لاغتنام الأوقات: أوقات الشباب، أوقات الصحة، أوقات الغنى، أوقات الفراغ، أوقات ولحظات الحياة، ومن التقصير أن يركز الدعاةُ والأئمةُ والخطباءُ الحديثَ على اغتنام أوقات الفراغ وحسب، بل يجب أن يتناولوا في أحاديثهم الدعوة إلى اغتنام جميع الأوقات: أوقات الشباب، أوقات الصحة، أوقات الغنى…كما تقدم، وكما وعظ النبي صلى الله عليه وسلم، ونصح لأمته، فالوقت أحبتي في الله له منزلةٌ عاليةٌ ومكانةٌ سامية في شريعتنا الإسلامية الغراء، وبيانها كالتالي:
==========
1ـ أقسم الحق تبارك وتعالى بمفردات الوقت والزمان في سورٍ وآيات متعددة: قال تعالى: {وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[سورة العصر]، وهذا قسم بالدهر وعموم الزمان على قول حبر الأمة وترجمان القرآن، سيدنا ابن عباس (رضي الله عنهما)، وقال تعالى: {وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ*وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر:1ـ3]، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) في تفسيرها: (الْعَشْرُ عَشْرُ الْأَضْحَى، وَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ) (شعب الإيمان)، وقال تعالى: {وَالضُّحَى*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى*مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}[الضحى:1ـ3]، وقال تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ*وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}[التكوير:18،17].
==========
2ـ كما أنه تبارك وتعالى أقسم بظرفه ومسبباته، فقال تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا*وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا*وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا*وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}[الشمس:1ـ4]، وأمتن المولى تبارك وتعالى علينا بنعمة الوقت، وتسخير مسبباته لنا، فقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ*وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ* وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}[إبراهيم:32ـ34].
===
فالغافل عن الوقت وأهميته ومكانته لا شك أنه غافلٌ عن العبادة والطاعة، وكيف لا يكون كذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟). قالوا: بلى يا رسول الله. فقال: (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ) (رواه مسلم)، وانتظار الصلاة بعد الصلاة من المراعاة للوقت، ومن مكانة الوقت والزمان أيضًا:
==========
3ـ أنه ظرفٌ لأداء الطاعات والعبادات العامة، ففي شأن الصلاة: يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء:103]، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد سئل عن أفضل الأعمال: (الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا) (رواه البخاري).
===
وفي شأن الزكاة: يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام:141]، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا على (رضي الله عنه) معلمًا له وللأمة أنصبة زكاة المال: (فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ، فَبِحِسَابِ ذَلِكَ) (رواه أبو داود).
===
وفي شأن الصيام: يقول سبحانه وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة:185].
===
وفي شأن الحج: يقول سبحانه وتعالي: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة:197]، فعن نافع، عن ابن عمر (رضي الله عنهما) أنه قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} قَالَ: (شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةَ) (المستدرك للحاكم).
===
وفي شأن عيد الفطر: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (…وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) (متفق عليه).
===
وفي شأن عيد الأضحى وذبح الأضحية: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ) (متفق عليه)، ومن مكانته أيضًا:
==========
4ـ أنه ظرفٌ للأمور والأحوال الشخصية التعبدية، محددٌ لها، وقاطعٌ للخلاف فيها: ففي شأن الحمل والرضاع، يقول الحق تبارك وتعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف:15]، ويقول سبحانه وتعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة:233].
===
وفي عدة المرأة المتوفى عنها زوجها: يقول سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[البقرة:234].
===
وفي عدة المرأة الحامل، والآيسة (التي انقطع حيضها)، والصغيرة (التي لم تحض): يقول سبحانه وتعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[الطلاق:4].
===
وفي عدة المرأة الحائض: يقول سبحانه وتعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة:228]، فالوقت ظرفٌ لأداء الطاعات…إلخ، ومن مكانة الوقت والزمان أيضًا:
==========
5ـ أنه ظرفٌ ومحلٌ لرحمات الله (عزّ وجلّ) ونفحاته، فمن رحمة الله (عزّ وجلّ) بخلقه أن جعل لهم أزمنة وأوقاتًا للخيرات يصّبُ عليهم فيها الرحمات والبركات صبّا، ويضاعف لهم فيها الحسنات على الطاعات والعبادات ثوابًا وأجرًا، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ الدَّهْرِ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ فَلَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) (المعجم الكبير والأوسط للطبراني)، فالعاقل هو من يجدد فيها النشاط، ويسارع إلى الخيرات ليتقرب من رب الأرض والسموات.
===
فهناك أخر الليل أو ما يسمى بوقت السحر، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضيلة وقت السحر فقال: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)، وفي رواية: (هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟)، وفي أخرى: (مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ، وَلَا ظَلُومٍ) (رواه مسلم).
===
وهناك ليلة القدر، التي تعادل ثلاثًا وثمانين سنة وأربعةَ أشهرٍ من العبادة والطاعة، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ*تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[سورة القدر]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ…) (رواه البخاري).
===
وهناك ليلة النصف من شعبان، تلك الليلة المباركة التي يتفضل الله فيها على عباده بغفران الذنوب، وستر العيوب، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ) (رواه ابن ماجه).
===
وهناك العشر الأول من ذي الحجة، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ) يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟. قال: (وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ) (رواه البخاري واللفظ لأبي داود).
===
وهناك يوم عرفة، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟) (رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) (رواه مسلم).
===
وهناك يوم عاشوراء، قال صلى الله عليه وسلم: (…وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) (رواه مسلم).
===
وهناك يوم الجمعة، قال صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ) (رواه مسلم)، وذكر صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فقال: (فِيهِ سَاعَةٌ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ). وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.(متفق عليه).
===
وهناك شهر رمضان المبارك، وما أدراك ما شهر رمضان، قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ) (متفق عليه)، قال صلى الله عليه وسلم: (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ) (رواه مسلم)، ومن مكانة الوقت والزمان أيضًا:
==========
6ـ أنه أغلى ما يملكه الإنسان، وهو رأس ماله، وتجارته الحقيقية في تلك الحياة، فمنه تتكون لحظاتُ عمره وسني (سنوات) حياته، يقول سيدنا أبو الدرداء (رضي الله عنه): (يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّما أنت أيَّامٌ، كلَّما ذهب يومٌ ذَهَبَ بعضُك، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِي هَدْمِ عُمُرِكَ مُنْذُ يَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ) (الزهد لابن أبي الدنيا).
ورحم الله القائل: إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا … وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا … فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ.
ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حينما قال: دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ … إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني
فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها … فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني
فالعاقل هو من يغتنم لحظات حياته، ويعتبر بمرور الأيام، فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان مسئول ومحاسب يوم القيامة على هذا العمر وتلك الحياة، سؤالًا عاما عن حياته ككل، وسؤالًا خاصا عن فترة شبابه، قال صلى الله عليه وسلم: (لَا تَزُولُ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟) (المعجم الكبير للطبراني).
===========================================
(2) ((التحذير من ضياع أوقاتنا فيما لا ينفع))
===========================================
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما)، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ) (رواه البخاري).
الصحة: المراد بها هنا غياب وانعدام المرض والعجز. أما الفراغ: فهو مصدرٌ بمعنى الخلو من المشاغل، والعوارض، وهذا يعني الكفاية من مؤن وتكاليف المعيشة، فالمرء لا يكون فارغًا إلا إذا بلغ حد الكفاية من مؤن العيش في الدنيا.
===
والغبن: أصله الخداع والنقص، وقد يكون في البيع والمعاملات، وحينئذ تكون باؤه ساكنة، وقد يكون في الرأي، وحينئذ تكون باؤه متحركة، والغبن له صورتان في المعاملات: (الأولى): أن يشتري الإنسان السلعة بأكثر من ثمنها، وهذا فيه ضررٌ بالمشتري.
(الثانية): أن تؤخذ السلعة بأقل من ثمنها، وهذا فيه ضررٌ بالبائع. فمن ضيع صحته وفراغه فقد باعهما بثمن بخس، ولا يحمد فعله، ولا تحمد عاقبته، ومَنْ أنفق صحته وفراغه في اللهو والباطل، ومعصية الله (عزّ وجلّ) ورسوله صلى الله عليه وسلم فكأنما اشترى الشيء الرديء بأغلى الأثمان، ومن انشغل بالباطل واللهو ومعصية الله ورسوله فما أدى شكر ما أنعم المولى تبارك وتعالى عليه به من النعم.
===
وهذا الحديث دعوةٌ لحسن استغلال الصحة والفراغ، فالإنسان قد يكون صحيحًا ولا يكون متفرغًا للعبادة لاشتغاله بأسباب المعاش، وقد يكون متفرغا من الأشغال ولا يكون صحيحًا، فمن اجتمع له الصحة والفراغ، ثم غلبت عليه المعصية واتباع الهوى، أو غلبه الكسل عن نيل الفضائل المؤدية لجنة الخلد فذاك الغبن الحقيقي، فالدنيا هي مزرعة الأخرة، وهي سوق الربح والخسارة، والعمر لنا قصير، والعوائق والمشاغل من حولنا كثير، قال صلى الله عليه وسلم: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا مَا تَنْتظُرُونَ إِلاَّ فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) (قصر الأمل لابن أبي الدنيا).
===
والحديث أيضًا دعوة للتشمير والجد والاجتهاد في العبادة، والحرص على ما ينفع في الدنيا، حتى لا نخسر الأخرة، ومما يستعان به على ذلك أو مما يدفع إلى ذلك: أن يعلم العبد أن الله (عزّ وجلّ) خلقنا لحكمة وعلة، ألا وهي عبادته سبحانه وتعالى، وعدم الانشغال عنه بشيء، فقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ*إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات:56ـ58]، كذلك خلقنا الحق تبارك وتعالى لعمارة للأرض والانتفاع بخيراتها، فقال تعالى على لسان نبيه صالح (عليه السلام): {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ}[هود:61].
فالحق سبحانه وتعالى خلقنا من غير ضرورة إلينا، وأمدّنا بالنعم الجليلة من غير استحقاق منا لها، فمنّ علينا بصحة الأجسام، وسلامة العقول، وضمن لنا أرزاقنا، وضاعف لنا الحسنات، ولم يضاعف علينا السيئات، وأمرنا أن نشكره عن ما ابتدأنا به من النعم الظاهرة والباطنة، بما تيسر لنا من العبادة والطاعة، وجعل مدة طاعتنا في الدنيا منقضية بانقضاء أعمارنا، وجعل جزاءنا على ذلك الخلودً الدائم الذي لا انقطاع له في جنات النعيم، التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
===
فمن أنعم النظر وتأمل في ذلك كان حريًا وجديرًا ألا يضيع لحظة من صحته وفراغه، إلا وأنفقها في طاعة الرحمن، وشكره على عظيم مواهبه ونعمه وآلاءه، واعترف بتقصيره في طاعة مولاه، ومن لم يكن هكذا وغفل وسها عن التزام ما ذكرت، ومرت أيامه وساعاته ولحظاته في سهو، ولهو، وغفلة، وعجزٍ عن القيام بما أوجبه عليه رب العزة تبارك وتعالى، فقد غبن (خسر) أيامه، وسوف يندم حيث لا ينفعه الندم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إِلَّا نَدِمَ). قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟. قال: (إِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ ازْدَادَ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ نَزَعَ) (رواه الترمذي).
عباد الله: البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والدّيّان لا يموت، اعمل ما شئت كما تدين تدان، فادعوا الله……………………..
===========================================
(الخطبة الثانية)
((سبعةٌ من مخاطر إضاعة الوقت))
===========================================
الحمد لله رب العالمين، أعدّ لمَنْ أطاعه جنات النعيم، وسعرّ لمَنْ عصاه نار الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أيها الأحبة الكرام: رأينا مكانة الوقت وأهميته في حياتنا، ورأينا تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من إضاعته، بقي لنا في تلك الجمعة المباركة أن نتحدث عن خطورة إضاعة الوقت، وأثرها على الفرد والمجتمع والوطن، فأقول: من خطورة إضاعة الوقت:
==========
1ـ إغضاب المولى تبارك وتعالى، وإغضاب رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أدارك ما غضبهما، لما في ذلك من المخالفة لأوامر السنة النبوية المطهرة، فقد أمرنا الحق تبارك وتعالى باغتنام الوقت وعدم إضاعته على لسان المصطفى (صلى الله عليه وسلم) كما تقدم، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور:63]، والمراد بالفتنة إما: الضلالة، وإما البلاء في الدنيا، وإما الكفر والعياذ بالله، والعذاب الأليم فيه قولان: أحدهما: القتل في الدنيا. والثاني: عذاب جهنم في الآخرة، ومن خطورة إضاعة الوقت أيضًا:
==========
2ـ التأثير السلبي على المحيطين بمضيع الوقت، من الأسرة والأصدقاء والنشأ والأطفال، والمجتمع ككل، فهو نموذج وقدوة سيئة لغيره، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)(متفق عليه)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِطُ) (مسند أحمد)، فلنحذر منهم ومن مصاحبتهم فإن خلائق السفهاء تعدي، ومن خطورة إضاعة الوقت أيضًا:
==========
3ـ ضياع الكثير من الخصال والأمور الحميدة التي تعود على الفرد والمجتمع بالخير، كالسعي في قضاء الحوائج للأشخاص والأفراد، والصلح بين المتخاصمين، وإصلاح ذات البين، والسعي في الخدمات العامة للمجتمع، والسعي على الأرامل والمساكين، وكفالة الأيتام…الخ، فمن شغل بالباطل واللهو واللعب كيف يتفرغ لتلك الأخلاق والأمور الحميدة، فعن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: (إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا، لَا فِي عَمَلِ الدُّنْيَا، وَلَا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ) (حلية الأولياء)، (لا في عمل الدنيا) من الأمور والأخلاق الحميدة التي ذكرتها التي تعود عليه وعلى المجتمع بالنفع، (ولا في عمل الأخرة) من الطاعات والعبادات، ومن خطورة إضاعة الوقت أيضًا:
==========
4ـ ضياع الإنسان نفسه، فلولا الوقت واغتنامه ما كسب أحدٌ مالًا، ولا حصل علمًا، ولا حصل مكانة وجاهًا…الخ، ولا نال أحدٌ دنيا ولا ضمن أخرى، فهذا الإمام السرخسي ت (483هـ): يسجن فيؤلِّف كتابًا حافلًا في الفقه الحنفي، يسميه: (المبسوط)، يقع في خمسة عشر مجلدًا، والإمام ابن الجوزي ت (597هـ): يؤثر عنه أنه قرأ عشرين ألف مجلد، وشيخ الإسلام ابن تيمية ت (728هـ): يسجن فيجلس لتعليم الناس أمور دينهم، ويؤثر عليهم حتَّى أنَّ بعض اللصوص تابوا على يديه وصاروا من الصالحين، كما كتب بعض رسائله ومؤلفاته في محبسه، والإمام ابن القيم ت (751هـ): يؤلِّف كتابين وهو في السفر من أروع ما ازدانت بهما رفوف المكتبات، وانتفع بهما طلبة العلم، وهما: (بدائع الفوائد) و( زاد المعاد).
===
إنَّها أوقات عاشها هؤلاء القوم وقد تكون ضائعة إن لم تستغل، إلاَّ أنَّ المفلحين الناجحين الذين يعرفون أنَّ للوقت قيمة كبيرة، وأنَّه أنفاس لن تعود، وأنَّ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وأنَّ الوقت ليس من ذهب فحسب، بل هو ذهاب شيء من عمر الإنسان فهو الحياة، لهذا أدركوا قيمة الوقت فلم يدعوه يذهب هباءً منثورًا، ومن خطورة إضاعة الوقت أيضًا:
==========
5ـ أن الوطن الذي لا يدرك قيمة الوقت، وطن متأخرٌ في ذيل الأمم، وحركة تقدمه وبنائه حركة بطيئة جدًا بل متوقفة، وهذا ما أدركته القيادات السياسية الواعية الحكيمة، فأمرت بالحركة والبناء والعمل والإنتاج والتشييد وإنجاز المشروعات في أوقات قصيرة مسابقة للوقت والزمن، ومسابقة للتقدم العمراني والحضاري في العالم أجمع، ومن خطورة إضاعة الوقت أيضًا:
==========
6ـ أنه أشدُّ من الموت، فالموت يقطع بيننا وبين الحياة الدنيا وزينتها وأهلها، وإضاعة الوقت يقطع ما بيننا وبين الله (عزّ وجلّ) والدار الأخرى ونعيمها، وذلك لأن مضيع الوقت مضيع للطاعات والعبادات، مضيعٌ لطاعة الله ومرضاته عمومًا، فالإنسان إذا مات وهو متقٍ لله (عزّ وجلّ) مؤمن به فإنه ينقطع عن الدنيا وأهلها، ويجاور الملأ الأعلى ويترك، وتنتظره الجنة بنعميها وهذا ليس بخسران بل هو فوز رابح، وكل الناس هالك وراحل، ولكنه رحل من هذا الملأ إلى الملأ الأعلى، ومن هذه الدار إلى دار القرار والنعيم، أما الذين يضيعون أوقاتهم في اللهو واللعب ويضيعون الطاعات والعبادات، تجد قلوبهم قاسية ـ مختومٌ ومطبوعٌ عليها ـ مقطوعةً عن الله المولى تبارك وتعالى، وإن ذكرتهم بالله (عزّ وجلّ)، ولله درُ القائل:
ليس من مات فاستراح بميتٍ …… إنما الميت ميت الأحياء
وميت الأحياء: حيٌّ بالشعور والإحساس ولكنه ميت القلب والإيمان نسأل الله العفو والعافية، ومن خطورة إضاعة الوقت أيضًا:
==========
7ـ الحسرة والندامة يوم القيامة، حيث لا تنفع حسرةٌ ولا ندامة، يقول الحق تبارك وتعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ*لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون:100،99]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ*وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}[المنافقون:10،9].
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً (حسرة وندامة)، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ) (رواه الترمذي)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ الجَنَّةَ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً) (رواه البخاري).
===========================================
فاللهمّ إنّا نسألك رضاك والْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَما مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ سخطك ومن النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَما مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والغلاء، وأمدنا بالدواء والغذاء والكساء، اللهم اصرف عنّا السوء بما شئت، وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنّا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.
كتبها الشيخ الدكتور/ مسعد أحمد سعد الشايب

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى