خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة (أيام الرحمة والمغفرة)، للدكتور مسعد الشايب

خطبة الجمعة (أيام الرحمة والمغفرة)، للدكتور مسعد الشايب (10 ذو الحجة 1446هـ – 6 يونيو 2025م)

خطبة الجمعة (أيام الرحمة والمغفرة) word ، للدكتور مسعد الشايب

خطبة الجمعة (أيام الرحمة والمغفرة) pdf ، للدكتور مسعد الشايب 

((أيام الرحمــة، والمغفــرة))
(يوم النحر، وأيام التشريق)
الجمعة الموافقة 10 من ذي الحجة 1446هـ الموافقة 6/6/2025م
===========================================
أولا: العناصر:
1. يوم النحر، ومكانته الدينية.
2. من مكانة يوم النحر، وأيام التشريق.
3. الخطبة الثانية: (أعمال يوم النحر، وإيام التشريق الثلاثة).
ثانيا: الموضوع:
الحمد لله ربّ العالمين، منّ على عباده بمواسم الرحمات والبركات، ووفقهم فيها لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، قال وقوله الحق: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133]، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد عباده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، إمام المتقين، وقائد الغرّ المحجلين، صلاة وسلاما عليه، وعلى آله، وأصحابه، وأحبابه، وأتباعه إلى يوم الدين، وبعد أيها الأحبة الكرام:
فمن رحمة الله (عزّ وجلّ) بعباده أن جعل لهم مواسم للخيرات يصّبُ عليهم فيها الرحمات والبركات صبّا، ويضاعف لهم فيها الحسنات على الطاعات والعبادات ثوابًا وأجرًا، فعن محمد بن مسلمة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ الدَّهْرِ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ فَلَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) (المعجم الكبير والأوسط)، فالعاقل هو من يجدد فيها النشاط، ويسارع إلى الخيرات ليتقرب من رب الأرض والسموات، ومن تلك الأيام المباركات؛ يوم النحر، وأيام منى المعروفة بأيام التشريق الثلاثة.
فتعالوا بنا أحبتي في الله بإذن من الحق تبارك وتعالى في لقاء الجمعة الطيب المبارك؛ لنرى المكانة العالية، والمنزلة السامية، لتلك الأيام المباركة، وما ينبغي على المسلم الموحد فيها عمومًا، والحجاج خصوصًا، فأعيروني يا عباد الله القلوب، وأصغوا إلي بالآذان والأسماع فأقول، وبالله التوفيق:
===========================================
(1) ((يوم النحر، ومكانته الدينية))
===========================================
يوم النحر: هو اليوم العاشر من ذي الحجة، أحد الأيام الهامة في فريضة الحج كما سنرى من أعماله بعد قليل، وسمي بيوم النحر؛ لبداية نحر الهدي والأضاحي فيه، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا…) (اللفظ لمسلم).
==
أو لأنه اليوم الذي همّ فيه أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم (عليه السلام) بنحر ولده سيدنا إسماعيل (عليه السلام) الذبيح الأول جدّ العرب، ويطلق عليه أيضًا: يوم الفداء، قال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107].
ويوم النحر يتمتع بمكانة عالية، ومنزلة سامية، فمن مكانته:
===
1ـ أنه يوم الحج الأكبر، على أرجح الأقوال في التفسير، وسُمي بذلك لأنه كان في سنة اجتمع فيها حج المسلمين والمشركين, وهي السنة التاسعة من الهجرة، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، قال: بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمرّه عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل حجة الوداع، في رهط، يؤذنون في الناس يوم النحر: (لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ) (رواه مسلم)، وقيل: وافق في هذه السنة أيضاً حج اليهود والنصارى، ومن مكانته أيضًا:
===
2ـ أنه أعظم أيام الدنيا؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ) (رواه أبو داود)، ومن مكانته أيضًا:
===
3ـ أنه أشد أيام الأشهر الحرم حرمة؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع، وقد وقف خطيبًا يوم النحر: (أَلَا إِنَّ أَحْرَمَ الْأَيَّامِ يَوْمُكُمْ هَذَا…) (رواه ابن ماجه)، ومن مكانته أيضًا:
===
4ـ أن الله (عزّ وجلّ) أقسم به في القرآن الكريم، هو ويوم عرفة، والليالي العشر عمومًا، فقال تعالى: {وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ*وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر:1ـ3]، فعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما)، أن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال في تفسيرها: (الْعَشْرُ عَشْرُ الْأَضْحَى، وَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ) (شعب الإيمان).
===========================================
(2) ((من مكانة يوم النحر، وأيام التشريق))
===========================================
1ـ ومن مكانة يوم النحر، وأيام التشريق: أنها تقع في أشد الأشهر حرمة: ألا وهو شهر ذي الحجة، ومعنى ذلك أن حرمتها شديدة عند الله عزّ وجلّ، وأن المعاصي والسيئات فيها عقابها مضاعف، قال تعالي: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36].
وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع: (أَلَا إِنَّ أَحْرَمَ الْأَيَّامِ يَوْمُكُمْ هَذَا، أَلَا وَإِنَّ أَحْرَمَ الشُّهُورِ شَهْرُكُمْ هَذَا، أَلَا وَإِنَّ أَحْرَمَ الْبَلَدِ بَلَدُكُمْ هَذَا، أَلَا وَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟). قالوا: نعم. قال: (اللَّهُمَّ اشْهَدْ) (رواه ابن ماجه)، ومن مكانة يوم النحر، وأيام التشريق أيضًا:
===
2ـ أنها أيام ذكرٍ، وشكرٍ لله (عزّ وجلّ) على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، وما وسع به علينا في تلك الأيام من ذبحها، والتلذذ بلحومها، فيوم النحر (العاشر من ذي الحجة) من بعد انتهاء الإمام من صلاة العيد، وحتى غروب شمس آخر أيام التشريق (الثالث عشر من ذي الحجة) موعدٌ وتوقيتٌ لذبح شعيرة الأضحية، كما أنها أيام ذكر وشكر لله (عزّ وجلّ) على توفيقه للحجيج في أداء مناسك وشعائر فريضة الحج.
قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28،27]، وقال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج:34].
وَعَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلٍي، أن النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: (إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ كَيْمَا تَسَعَكُمْ، فَقَدْ جَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْخَيْرِ، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا، وَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ)) (سنن النسائي)، ومن مكانة يوم النحر، وأيام التشريق أيضًا:
===
3ـ أنها محلٌ زماني لأداء العديد، من مناسك وشعائر فريضة الحج، فهي الأيام المعدودات كما قال الحق تبارك وتعالى في قرآنه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203].
عباد الله: أقول قولي هذا، واستغفر الله العليّ العظيم لي ولكم، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
===========================================
(الخطبة الثانية)
((أعمال يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة))
===========================================
الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلّ عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
===
أيها أخوة الأحباب: ما زال الحديث بنا موصولا مع يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة، وعلمنا أن من مناقبها وفضائلها أنها محلٌ زماني لأداء العديد من مناسك وشعائر فريضة الحج:
==
_ فالحاج مكلفٌ في يوم النحر بأربعة أعمال، وهي: (1) رمى جمرة العقبة الكبرى بسبع حصياتٍ فقط. (2) النحر أو الذبح لمن وجب عليه، كهدي التمتع، ودماء الكفارات…الخ. (3) الحلق أو التقصير. (4) طواف الركن أو الإفاضة، وقد رتبها النبي (صلى الله عليه وسلم)، وفعلها هكذا. فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: (رَمَى رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ ذَبَحَ، ثُمَّ حَلَقَ) (مسند أحمد).
==
_ وترتيب هذه الأعمال كما رتبها النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ليس بلازم، وهذا مظهر من مظاهر التيسير، ورفع الحرج في فريضة الحج، فعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة، فقال: يا رسول الله، إني حلقت قبل أن أرمي، فقال: (ارْمِ وَلَا حَرَجَ). وأتاه آخر فقال: إني ذبحت قبل أن أرمي، قال: (ارْمِ وَلَا حَرَجَ). وأتاه ثالث، فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي، قال: (ارْمِ وَلَا حَرَجَ). قال: فما رأيته سُئل يومئذ عن شيء، إلا قال: (افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ) (اللفظ لمسلم).
==
_ والحكمة من ترخيص النبيّ (صلى الله عليه وسلم) للحجيج يوم النحر، بأن يفعلوا من أعماله ما يقدرون عليه بحسب استطاعة كل واحد منهم دون الالتزام بترتيب واحد يجمع الكل في وقت محدد، هو أن يتوزع الحجيج على أكثر من مكان، حتى لا يجتمعوا كلهم ويزدحموا على عمل واحد فيحدث التدافع المؤدي إلى التهلكة وإتلاف النفوس، قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195].
===============
_ أما في أيام التشريق الثلاثة فالحاج مكلف برمي الجمرات الثلاث ترتيبًا، هكذا: الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة الكبرى أو الأخيرة، وهي التي تلي مكة.
==
_ يرمي كل جمرة بسبع حصيات، وله أن يقتصر في الرمي على اليومين الأول والثاني، ويكون مجموع الحصيات المرماة تسعًا وأربعين حصاة بالإضافة للسبع حصيات التي رمي بها جمرة العقبة في يوم النحر.
==
_فإن أكمل الرمي في أيام التشريق الثلاثة صار المجموع سبعين حصاة، قال تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203].
==
_ ورمي الجمار في أيام التشريق يبدأ بعد زوال الشمس (أي: بعد آذان الظهر)، بالاتفاق بين العلماء؛ لقول ابن عباس (رضي الله عنهما): (رَمَى رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِمَارَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ) (سنن النسائي)، فلا يجوز الرمي قبل الزوال، ويستمر وقت الرمي لغروب الشمس.
==
فإن أخر الحاج الرمي إلى الليل كان قضاء عند المالكية، لخروج وقت الأداء وهو النهار الذي يجب فيه الرمي، وعليه دم بالتأخير، والواجب دم واحد في تأخير حصاة فأكثر.
وقال الحنفية: إن أخر الرمي إلى الليل، ورمى قبل طلوع الفجر، جاز، ولا شيء عليه؛ لأن الليل وقت الرمي في أيام الرمي. ويجوز عند أبي حنيفة الرمي في اليوم الثالث من أيام التشريق، وهو اليوم الرابع من أيام الرمي، قبل الزوال.
وقال الحنابلة: لا يجزئ رمي إلا نهاراً بعد الزوال، غير سقاة ورعاة فيرمون ليلاً ونهارًا.
وقال الشافعية: وقت الرمي: من الزوال إلى الغروب، فلو ترك رمي يوم تداركه في باقي الأيام، وعلى هذا يبقى وقت الرمي في أيام التشريق إلى الغروب من كل يوم، ولكن لو أخر رمي يوم ومنه رمي جمرة العقبة إلى ما بعده من أيام الرمي يقع أداء، فلا يخرج وقت الرمي بالغروب على المعتمد.
=================================
أما غير الحجيج فوظائف يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة بالنسبة لهم:
=================================
1ـ الاستمرار في التكبير الذي بدء من فجر عرفة، وحتى غروب شمس ثالث أيام التشريق، فالتكبير في العيدين سنة مؤكدة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ) (رواه الطبراني في الصغير والأوسط).
والتكبير يكون جهرًا؛ لفعل السلف الصالح؛ ولأنه شعيرة من شعائر العيدين؛ ولتذكير الغير به، وكما يكون في المساجد يكون في المنازل والأسوق والطرقات، وعقب الصلوات المفروضة، وعقب النوافل، بل وعقب الفوائت عند بعض الفقهاء.
===
2ـ إحياء ليلة العيد (ليلة يوم النحر)، بما تيسر من العبادات والطاعات، ولو بركعتين فقط، فقيام الليل مستمرٌ طوال العام ولا ينقطع ليلتي العيد، ولا نثبت لذلك فضل معين، فالحديث في ذلك موضوع، ولنا مقالٌ مفصلٌ عن أحياء ليلتي العيد ردًا على من أنكرها إن شاء الله.
===
3ـ ذبح الأضحية في تلك الأيام الأربعة اختيارًا لمن قدر على ذلك ووجد سعة، من بعد انتهاء الإمام من صلاة العيد، فعن أنس (رضي(الله عنه) قال: (ضَحَّى النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) (متفق عليه)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ) (متفق عليه).
===
4ـ التحلي بالعفو والمسامحة، في هذا اليوم المبارك، يوم الفرح والسرور، وليس الحزن والحبور، حتى يغفر الله (عزّ وجلّ) لنا، قال تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النور:22].
===
5ـ زيارة الأرحام والأقارب، والأهل والأصدقاء، وهذا من أوجب واجبات هذا اليوم، التواصل والتقارب مع الأهل والأقارب والأرحام والأصدقاء، فالأعياد ما شرعت إلا لوصل ما انقطع بسبب الأشغال والأعمال، والظروف…الخ، قال (صلى الله عليه وسلم) عن صلة الأرحام: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) (متفق عليه).
===
6ـ إدخال الفرح والسرور في يوم الفرح والسرور على الفقراء والمساكين، واليتامى والمحتاجين، ولذلك كان ذبح الأضاحي.
===
7ـ الإكثار من ذكر الله عزّ وجلّ: فتلك الأيام المباركة هي أيام لذكر الله (عز وجل) كما تقدم، وما يؤدي في تلك الأيام من عبادات وطاعات المقصود الأول منه: إقامة ذكر الله كالحج ومناسكه وشعائره، وذبح الهدي والأضاحي، فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ) (رواه أبو داود).
==
فعلي المسلم أن يكثر من صنوف ذكر الله عزّ وجلّ في تلك الأيام المباركات امتثالا لأوامر القرآن والسنة، فعليه بالتسبيح، والتحميد، والتكبير، والتهليل، والاستغفار، وقراءة القرآن إلى آخر ألوان ذكر الله، فالذكر هو غراس وزروع الجنة، فعن أبي هريرة، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مرَ به وهو يغرس غرسا، فقال: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا الَّذِي تَغْرِسُ؟). قلت: غراسا لي، قال: (أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى غِرَاسٍ خَيْرٍ لَكَ مِنْ هَذَا؟). قال: بلى يا رسول الله، قال: (قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، يُغْرَسْ لَكَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ)(رواه ابن ماجه).
===
8ـ الإكثار من الأعمالٌ يقوم ثوابها وأجرها مقام أجر وثواب الحج والعمرة، كالمحافظة على صلاة الفجر في جماعة (أي جماعة)، وكبرّ الوالدين والإحسان إليهما، وكالسعي في قضاء حوائج الآخرين، والتصدق على الفقراء والمساكين والمحتاجين…الخ.
===========================================
فاللهمّ إنّا نسألك رضاك والْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَما مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ سخطك ومن النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَما مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والغلاء، وأمدنا بالدواء والغذاء والكساء، اللهم اصرف عنّا السوء بما شئت، وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنّا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.
كتبها الشيخ الدكتور/ مسعد أحمد سعد الشايب

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى