خطبة الجمعة (أيام الرحمة والمغفرة)، للدكتور محمد داود

خطبة الجمعة (أيام الرحمة والمغفرة)، للدكتور محمد داود (10 ذو الحجة 1446هـ – 6 يونيو 2025م)
خطبة الجمعة WORD (أيام الرحمة والمغفرة)، للدكتور محمد داود
خطبة الجمعة PDF (أيام الرحمة والمغفرة)، للدكتور محمد داود
خطبة بعنــــوان:
أيام الرحمــة والمغفــــرة
للدكتــــور/ محمد حســــن داود
(10 ذو الحجة 1446هـ – 6 يونيو 2025م)
العناصـــــر : مقدمة.
– مواسم الخيرات تتعاقب، والبركات والنفحات تتلاحق.
-فضائل يوم الأضحى وأيام التشريق.
– من أسباب الفوز بالرحمة والمغفرة في أيام الرحمة والمغفرة.
– دعوة إلى التحلي بأسباب الرحمة.
الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، نعمه لا تحصى، وآلاؤه ليس لها منتهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فمن فضل الله (عز وجل) أن مواسم الخيرات تتعاقب، والبركات والنفحات تتلاحق، فما أن أوشكت الأمة أن تخرج من الأيام الأول من ذي الحجة حتى لحقتها بركات يوم عرفة، ففيه قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ” (رواه مسلم).
وما أنتهى يوم عرفة إلا ودخل يوم الأضحى، معلنا عن عظيم شأنه وعلو قدره، وقدر ما بعده من أيام التشريق..؛ فلقد اجتمع لنا في هذا اليوم عيدان؛ هما عيد الأضحى، والجمعة؛ فاجتمع لنا في هذا اليوم فضلان؛ خص أحدهما بإجابة أدعية الداعين؛ وهو يوم الجمعة، وخص الثاني بالعتق من النار وفكاك رقاب المؤمنين، وهو يوم العيد، كما ذكر سيدي عبد القادر الجيلاني (رحمه الله).
فكان من فضل الله (عز وجل) أن تخرج الأمة من خير إلى خير، ومن بر إلى بر، ومن رحمة إلى رحمة ومن بركات إلى بركات، ومن مغفرة وعتق من النار إلى مغفرة وعتق من النار، فطوبى لمن فاز، وبشرى لمن ربح، وقد قال الله (سبحانه وتعالى): (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس: 58).
لا شك أن يومكم هذا عظيم؛ فهو يوم النحر، ولقد أخبرنا الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلمَ)، بمكانته ودرجته حيث قال: “إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ” (رواه أبو داود) ويوم القر هو أول أيام التشريق الثلاثة وسمي بذلك لأن الحجاج يستقرون فيه بمنى بعد أعمال يوم النحر. أما اليوم الثاني منها فيسمى يوم النفر الأول، إذ يجوز النفر فيه من منى لمن تعجل. أما الثالث فيسمى يوم النفر الثاني أو يوم النفر الأخير، لمن أراد أن يتأخر من الحجيج. وسميت أيام التشريق بذلك: لأن الناس كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي، أي يقددونها، ويجعلونها وشائق ويبرزونها للشمس. وقيل سميت بذلك لأن صلاة العيد إنما تصلى بعد أن تشرق الشمس. وقيل سميت بذلك لأن الهدي لا يذبح حتى تشرق الشمس. وقيل غير ذلك، كما تسمى أيضا أيام منى، وتسمى أيام رمي الجمار.
وهي أيام أكل وشرب فيحرم صومها لغير المتمتع أو القارن الذي لم يجد الهدي. وهي الأيام المعدودات التي قال فيها الله (عز وجل): (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)(البقرة: 203). وهي أيام عيد كما قال عنها النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ” (رواه أبو داود والترمذي).
إذن فيوم عرفه ويوم العيد وما بعدهما من أيام التشريق هي أيام مغفرة ورحمات وبركات ونفحات؛ والنبي (صلى اللهُ عليه وسلم) حثنا على اغتنام الأيام عامة ومواسم الخيرات خاصة، حيث قال: “افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ”… فما أعظم أن يتمسك العبد بأسباب الرحمة والمغفرة في أيام الرحمة والمغفرة، والتي منها:
– الإكثار من ذكر الله (عز وجل): فقد قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) (الحج: 28) وقال سبحانه: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) (البقرة: 203) والأيام المعلومات هي العشر من ذي الحجة وآخرها يوم الأضحى هذا. أما الأيام المعدودات فهي أيام التشريق، وقد قال عنها النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “هِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ للهِ”. وبذلك يجتمع فيها طمأنينة القلب بالذكر، ونعيم الروح بالقرب من الله، ونعيم الجسد في الدنيا بالطعام والشراب، وفي الآخرة بالعتق من النار. فمن فضل ذكره (سبحانه وتعالى) الفوز بالرحمة والمغفرة، حيث قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ” (رواه البخاري ومسلم). وقال: “ما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويتدارسونَهُ فيما بينَهم إلَّا نزلَت عليهِم السَّكينةُ، وغشِيَتهُمُ الرَّحمةُ، وحفَّتهُمُ الملائكَةُ، وذكرَهُمُ اللَّهُ فيمَن عندَهُ”.
– الدعاء بالرحمة: ففي القرآن الكريم: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ( آل عمرا: 8) (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) (الكهف:10) ولقد كان من دعائه صَلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ”(رواه ابن ماجه) ولقد كان من دعاء سيدنا عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه) “اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك، فإن رحمتك أهل أن تبلغني”.
– الأضاحي يوم النحر وأيام التشريق لمن استطاع، فقد قال النبي (صلى اللهُ عليه وسلم): “ما عمِلَ آدمِيٌّ مِن عمَلٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللهِ مِن إهراقِ الدَّمِ؛ إنَّها لتَأْتي يومَ القيامةِ بقُرونِها وأشعارِها وأظْلافِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ بمكانٍ قبلَ أنْ يقَعَ مِن الأرضِ، فَطِيبوا بها نفسًا”.
– الصدقات، وقضاء الحوائج وتفريج الكرب وإجابة السائل، وإطعام الجائع؛ ففي ذلك إدخال السرور على القلوب، وإسعاد النفوس، ورسم البسمة على الوجوه، وجلب البهجة إلى القلوب؛ فإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة؛ فداوموا الصدقة واقضوا الحوائج وأجيبوا السائل ما حييتم، ولا تقطعوا معروفا، فقد قال صَلى الله عليه وسلم: “مَنْ تصدَّقَ بعدْلِ تمرَةٍ مِنْ كسبٍ طيِّبٍ، ولَا يقبَلُ اللهُ إلَّا الطيِّبَ، فإِنَّ اللهَ يتقبَّلُها بيمينِهِ، ثُمَّ يُرَبيها لصاحبِها، كما يُرَبِّى أحدُكم فَلُوَّهُ حتى تكونَ مثلَ الجبَلِ”. ويقول: “أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، (يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ)، شَهْرًا”. فطوبى لمن جعله الله مفتاحا للخير.. والجزاء من جنس العمل؛ فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ” (رواه مسلم).
فحري بمن لم يوفق أن يكون من الحجاج الذين طافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة، أن يسعى ويتنقل بين المحتاجين واليتامى والمساكين فذلك بمثابة حجة تطوع؛ فقد خرج الإمام عبد الله بن المبارك (رضي الله عنه)، مرةً إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد فمات طائر معهم فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، وسار أصحابه أمامه وتخلف هو وراءهم، فلما مر بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها فأخذت ذلك الطائر الميت ثم لفته ثم أسرعت به إلى الدار، فجاء فسألها عن أمرها وأخذها الميتة، فقالت أنا وأخي هنا ليس لنا شئ إلا هذا الإزار، وليس لنا قوت إلا ما يلقى على هذه المزبلة، وقد حلت لنا الميتة منذ أيام. وكان أبونا له مال فظلم وأخذ ماله وقتل. فأمر ابن المبارك برد الأحمال وقال لوكيله: كم معك من النفقة؟ قال: ألف دينار. فقال: عد منها عشرين دينارا تكفينا إلى مرو واعطها الباقي. فهذا أفضل من حجنا في هذا العام، ثم رجع.
وكان إذا عزم على الحج يقول لأصحابه: من عزم منكم في هذا العام على الحج فليأتني بنفقته حتى أكون أنا أنفق عليه، فكان يأخذ منهم نفقاتهم ويكتب على كل صرة اسم صاحبها ويجمعها في صندوق، ثم يخرج بهم في أوسع ما يكون من النفقات والركوب، وحسن الخلق والتيسير عليهم، فإذا قضوا حجتهم فيقول لهم: هل أوصاكم أهلوكم بهدية، فيشتري لكل واحد منهم ما وصاه أهله من الهدايا المكية واليمنية وغيرها، فإذا جاؤوا إلى المدينة اشترى لهم منها الهدايا المدنية، فإذا رجعوا إلى بلادهم بعث من أثناء الطريق إلى بيوتهم فأصلحت وبيضت أبوابها ورمم شعثها، فإذا وصلوا إلى البلد عمل وليمة بعد قدومهم ودعاهم فأكلوا وكساهم، ثم دعا بذلك الصندوق ففتحه وأخرج منه تلك الصرر ثم يقسم عليهم أن يأخذ كل واحد نفقته التي عليها اسمه، فيأخذونها وينصرفون إلى منازلهم وهم شاكرون ناشرون لواء الثناء الجميل.(البداية والنهاية، لابن كثير).
وها هي العيون قد هدأت، والجفون قد نامت، فلا تكاد تسمع في المدينة أنيسا، ولا متحدثا ولا ماشيا، إلا سيدنا علي بن الحسين (رضي الله عنهما) يحمل جراب الدقيق على ظهره إلى بيوت الأرامل والفقراء في المدينة، فلما مات جعلوا ينظرون إلى آثار سواد بظهره حال غسله، يتساءلون ما هذا، فقيل: كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة.
– إن من أعظم أسباب الفوز بالرحمة: الرحمة والرفق بالخلق جميعهم حتى بالحيوان: فرحمة الخلق، من قيم ديننا و أخلاق نبينا وهى إلى الغفران نهجنا والى الجنة طريقنا، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ” وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ (رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ)، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ” مَنْ رَحِمَ وَلَوْ ذَبِيحَةَ عُصْفُورٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ” وكما أنها مفتاح قلوب الناس؛ إذ يقول الله (جل وعلا) (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران: 159) هي أيضا مفتاح باب رحمة الله (تعالى)، فقد قال النَّبِي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ” ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللَّهُ لَكُمْ “. وقال: ” مَنْ لَا يَرْحَمْ النَّاسَ، لَا يَرْحَمْهُ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) ” (مسلم ).
– تحقيق معاني التسامح: فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “ أَلَا أُخْبِرُكم بمَن يَحْرُمُ على النَّارِ، وبمَن تَحْرُمُ عليه النَّارُ؟ على كلِّ قريبٍ هيِّنٍ سهْلٍ”.
فحري بنا أن نبذل الأسباب التي بها نستمطر رحمة العزيز الغفار، فإذا فتح الله لعبده من أبواب الرحمة نال كل خير، وأدرك كل بر، وفاز بكل سرور، إذ يقول سبحانه: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر: 2) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،قَالَ : ” مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ “، فَقِيلَ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ” وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي رَبِّي بِرَحْمَةٍ ” (رواه مسلم) ولنحذر قطع الرحم؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ: الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ : نَعَمْ ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ ، قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ فَهُوَ لَكِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) (سورة محمد آية 22) ” (رواه البخاري).
فاللهم ارحمنا فإنك بنا راحم، واحفظ مصر من كل مكروه وسوء