خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل
خطبة الجمعة للشيخ ثروت سويف ، فتراحموا

خطبة الجمعة للشيخ ثروت سويف ، بتاريخ 23/5/2025م الموافق 25 ذي القعدة 1446ه تحت عنوان ( فتراحموا )
( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة )
خطبة الجمعة word للشيخ ثروت سويف ، فتراحموا
خطبة الجمعة pdf للشيخ ثروت سويف ، فتراحموا
التراحم بين الزوجين
اقرأ في هذه الخطبة
اولا : التراحم بين الزوجين فالبيوت في الاسلام تبنى علي السكن والمودة
ثانيا : الحقوق الزوجية ثلاثة:
1- حق الزوجة على زوجها.
2- حق الزوج على زوجته.
3- حقوق مشتركة بينهما.
الخطبة الأولي
الحمد لله ذي الحمد والثناء، والمنع والعطاء والجود والحباء رب الارض والسماء
واشهد ان لا اله الا الله لا نحصي عليه ثناء فهو كما اثني علي نفسه اهل الحمد والثناء
واشهد ان سيدنا محمدا رسول الله ﷺ سيد الانقياء وامام الاتقياء وبطل الانبياء وسيد الكرماء ومن كان عهده ذمة ووفاء وكان بعباد الله افضل الرحماء ويوم القيامة سيد الشفعاء وحامل اللواء ومن كان اكرم من الريح المرسلة والانواء ﷺ صلاة تصل بناء السماء وتقسم بها ظهور مبغضيه وتفلق بها قلب الاعداء وتجعلنا له فداء
اللهم صلي علي صاحب الوجه الانور والجبين الازهر والحوض والكوثر والمشفع يوم البعث والقضاء
اللهم صلي وسلم على النبي النبيل صاحب الغرة والتحجيل، الذي علم ودعا وجاهد وأوذي في جنب الجليل، فلذلك قربه أحبه ورفعه فوق منزلة إبراهيم الخليل أبا الانبياء
اللهم صلي علي صاحب القبلتين وامام الحرمين ومن كان قاب قوسين وجد الحسنين وصاحب الشفاعتين وسيد الدارين وامام الثقلين وسيد المرسلين والأنبياء
الـلـهـم صــلِ على نَبِيِّنَـــا مُحمَّد ﷺ في الأوَّلين ..اللـــهم صـــلِ على نَبِيِّنَـــا مُحمَّد ﷺ في الأخرين ..وصـــلِ على مُحمَّد ﷺ في النبييــن…و صــــلِ على مُحمَّد ﷺ في المرسلين…وصــــلِ على مُحمَّد ﷺ في المـلأ الأعـلى إلــىيـــــــوم الــــــديــــــن… واجعلنا له رفقاء
أما بعد:
يقول ربنا سبحانه {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)الروم
{وَمِنْ آيَاتِهِ} الدَّالَّةِ عَلَى عَظَمَتِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ أَنَّهُ خَلَقَ أَبَاكُمْ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، {ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} ، فَأَصْلُكُمْ مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، ثُمَّ تَصَوّر فَكَانَ عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ صَارَ عِظَامًا، شَكْلُهُ عَلَى شَكْلِ الْإِنْسَانِ، ثُمَّ كَسَا اللَّهُ تِلْكَ الْعِظَامَ لَحْمًا، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِذَا هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ صَغِيرًا ضَعِيفَ الْقُوَى وَالْحَرَكَةِ، ثُمَّ كَلَّمَا طَالَ عُمْرُهُ تَكَامَلَتْ قُوَاهُ وَحَرَكَاتُهُ حَتَّى آلَ بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ صَارَ يَبْنِي الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ، وَيُسَافِرُ فِي أَقْطَارِ الْأَقَالِيمِ، وَيَرْكَبُ مَتْنَ الْبُحُورِ، وَيَدُورُ أقطارَ الْأَرْضِ وَيَتَكَسَّبُ وَيَجْمَعُ الْأَمْوَالَ، وَلَهُ فِكْرَةٌ وَغَوْرٌ، وَدَهَاءٌ وَمَكْرٌ، وَرَأْيٌ وَعِلْمٌ، وَاتِّسَاعٌ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كُلٌّ بِحَسَبِهِ. فَسُبْحَانَ مَنْ أَقْدَرَهُمْ وسَيّرهم وَسَخَّرَهُمْ وَصَرَّفَهُمْ فِي فُنُونِ الْمَعَايِشِ وَالْمَكَاسِبِ، وَفَاوَتَ بَيْنَهُمْ فِي الْعُلُومِ وَالْفِكْرَةِ، وَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} تفسير بن كثير
اولا : التراحم بين الزوجين فالبيوت في الاسلام تبنى علي السكن والمودة
إن من أعظم ما امتن الله به بني ادم وعلى الزوجين اللذين هما أصل الأسرة ونواتها، أن جعل المودة والرحمة بينهما
يقول ربنا جل وعلا ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) الروم
أَيْ: خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسِكُمْ إِنَاثًا يَكُنَّ لَكُمْ أَزْوَاجًا، {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الْأَعْرَافِ: 189]
يَعْنِي بِذَلِكَ: حَوَّاءَ، خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ آدَمَ مِنْ ضِلَعه الْأَقْصَرِ الْأَيْسَرِ. وَلَوْ أَنَّهُ جَعَلَ بَنِي آدَمَ كُلَّهُمْ ذُكُورًا وَجَعَلَ إِنَاثَهُمْ مَنْ جِنْسٍ آخَرَ [مِنْ غَيْرِهِمْ] إِمَّا مِنْ جَانٍّ أَوْ حَيَوَانٍ، لَمَا حَصَلَ هَذَا الِائْتِلَافُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَزْوَاجِ، بَلْ كَانَتْ تَحْصُلُ نَفْرَة لَوْ كَانَتِ الْأَزْوَاجُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. ثُمَّ مِنْ تَمَامِ رَحْمَتِهِ بِبَنِي آدَمَ أَنْ جَعَلَ أَزْوَاجَهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ مَوَدَّةً: وَهِيَ الْمَحَبَّةُ، وَرَحْمَةً: وَهِيَ الرَّأْفَةُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُمْسِكُ الْمَرْأَةَ إِمَّا لِمَحَبَّتِهِ لَهَا، أَوْ لِرَحْمَةٍ بِهَا، بِأَنْ يَكُونَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ، أَوْ مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ فِي الْإِنْفَاقِ، أَوْ لِلْأُلْفَةِ بَيْنَهُمَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} . تفسير بن كثير
إن أساس التواصل والرباط الموثق هو التواد والتراحم، وإذا فقد ذلك تقطعت الأوصال، واستشرى الفساد، وحقت لعنة الله عياذاً بالله:( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الأرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء الدَّارِ [الرعد:25].
فسبحان من جعل قوام الحياة هذه العلاقة المتينة بين الرجل والمرأة، فكلاهما يألف الآخر ويسكن إليه، ويجد في كنفه الاستقرار والأنس والاطمئنان، وجعل بينهما مودة وهي المحبة ورحمة وهي الرأفة والعلاقة بين الزوجين لا يمكنها أن تستمر إذا لم تكن بينهما مودة ورحمة.
غير أن الحياة الزوجية قد تعترضها خلافات ونزاعات تتسبب في نتائج لا تحمد عقباها، وقد تكون أسباب تلك الخلافات واهية، غير أن العناد والمكابرة وقلة التفقه في الدين، كل ذلك يدفع بالزوجين إلى تضخيم المشاكل الصغيرة، وتحمل نتائجها السيئة.
ان البيوت في الاسلام تبني علي السكن والمودة والرحمة وليس الحب فقط
روي أنّ ابن أبي عذرة الدّؤليّ- وكان في خلافة عمر- رضي الله عنه- كان يخلع النّساء اللّاتي يتزوّج بهنّ، فطارت له في النّاس من ذلك أحدوثة يكرهها، فلمّا علم بذلك أخذ بيد عبد الله بن الأرقم حتّى أتى به إلى منزله، ثمّ قال لامرأته: أنشدك بالله هل تبغضينني؟ قالت: لا تنشدني، قال: فإنّي أنشدك الله، قالت: نعم. فقال لابن الأرقم: أتسمع؟
ثمّ انطلقا حتّى أتيا عمر- رضي الله عنه- فقال: إنّكم لتحدّثون أنّي أظلم النّساء وأخلعهنّ فاسأل ابن الأرقم. فسأله فأخبره، فأرسل إلى امرأة ابن أبي عذرة فجاءت هي وعمّتها، فقال: أنت الّتي تحدّثين لزوجك أنّك تبغضينه؟ فقالت: إنّي أوّل من تاب وراجع أمر الله تعالى. إنّه ناشدني فتحرّجت أن أكذب.
أفأكذب يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. فاكذبي، فإن كان إحداكنّ لا تحبّ أحدنا فلا تحدّثه بذلك؛ فإنّ أقلّ البيوت الّذي بني على الحبّ ولكنّ النّاس يتعاشرون بالإسلام والأحساب» ) إحياء علوم الدين (3/ 138) .
انظر الى امير المؤمنين مشغول بايه حتى المراة التى تكره زوجها مواقف ايجابيه مفيش حاجه اسمها وانا مالى ومعلش واشمعنا وانا حر فلان وفلان بينهم مشاكل يقول وانا مالى فلان اختلس تبقى زيه يقوله اشمعنى هو وتناقش حد فى الصح يقولك انا حر رحم الله امرءا عرف قدر نفسه
عَن أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْت عُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللاَّتِى بَايَعْنَ النَّبِىَّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَقُولُ « لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِى خَيْرًا ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِى شَىْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلاَّ فِى ثَلاَثٍ الْحَرْبُ وَالإِصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا.مسلم
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ كَذِبُ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ لِتَرْضَى عَنْهُ أَوْ كَذِبٌ فِي الْحَرْبِ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ أَوْ كَذِبٌ فِي إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ مسند الإمام أحمد بن حنبل
ان العرب افاضل ومكارم واتي نبينا صلي الله عليه وسلم ليتمم تلك المكارم
حقوق الزوج أن توفر له زوجته : سكن النفس والطمأنينة في البيت بنظافة حبها ونظافة بيتها ، وأن تتزين له حين يقدم بما يقربها إليه ويزيد حبه لها رسوه وشوقه إليها ، وكانت المرأة توصي ابنتها بذلك عند الزواج كما أوصت اعرابية ابنتها
هذه سيدة من سيدات العرب عندما زفت إلى بيت الزوجية أوصتها أمها وصية غالية فقالت: يا ابنتي، الوصية تذكرة للغافل ومعونة للعاقل، اعلمي بأن النساء خلقن للرجال، ولهن خلق الرجل يا ابنتي، إذا أردت أن تدوم المعاشرة بينك وبين زوجك ،اي بنيه : إنك خرجت من العش الذي درجت فيه فصرت إلى فراش لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، كوني له أرضا ذليلة يكن لك سماء ظليلة ، وكوني له مهادا يكن لك عمادا ، وكوني له أمة يكن لك عبدا ، ولا تلحفي عليه فيقلاك ، ولا تباعدي عنه فينساك ، إن دنا منك فاقربي إليه ، وإن نأى عنك فأبعدي عنه ، واحفظي أنفه وسمعه وعينه فلا يشمن منك إلا طيبا ، ولا يسمع إلا حسنا ولا ينظر إلا جميلا
واحفظي له خصالاً عشراً يكون لك بها ذخراً.
اسمعوا أيها المؤمنون هذه الوصايا العشر، اسمعوها جيداً، وبعد ذلك اعملوا بما فيها، فإن الحكمة ضالة المؤمنين أين وجدها اتزموها، قالت الأم لابنتها:
أما الوصية الأولى والثانية: فعليك بالخشوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فتفقدي مواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فتفقدي أوقات طعامه ومنامه، فإن شدة الجوع ملهبة، وتنغيص المنام مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس لماله وحسن الرعاية لحشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التدبير، وفي العيال حسن التقدير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفش له سراً، ولا تعص له أمراً، إنك إن أفشيت سره أوغرت صدره، وإن خالفت أمره لم تأمني مكره.
ثم ختمت وصيتها الغالية قائلة: إياك والفرح بين يديه إن كان حزيناً، وإياك والحزن بين يديه إن كان فرحاً. هكذا يبين لنا الإسلام مدى ما للوصية من أثر طيب.
وقال رجل لزوجته
خذي العفو مني تستديمي مودتي … ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرك الدف مرة … فإنك لا تدرين كيف المغيب
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهوى … ويأباك قلبي والقلوب تقلب
فإني رأيت الحب في القلب والأذى … إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
ورسولنا الأكرم ﷺ يوصي بالناس لتستقر الاسرة فيقول للرجال: ((استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع أعوج)).
وعن أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ».البخارى
أيها المؤمنون، وبلغ من حكمة الإسلام في حسن معاشرة النساء جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يشكو إليه خُلق زوجته، فوقف ببابه ينتظره، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها، وهو ساكت لا يرد عليها، فانصرف الرجل قائلا: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فكيف حالي؟ فخرج عمر فرآه موليًا فناداه: ما حاجتك يا أخي؟ فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك خُلق زوجتي واستطالتها علي، فسمعتُ زوجتك كذلك، فرجعتُ وقلتُ: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته، فكيف حالي؟ فقال عمر: تحملتها لحقوق لها علي، فإنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لأولادي، وليس ذلك بواجب عليها، وسكن قلبي بها عن الحرام، فأنا أتحملها لذلك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي. قال: فتحملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة. اهـ من حاشية البجيرمي على المنهج) اهـ كلام الشبلنجي
فإذا أساءت مرة فليس لنا أن نذكر سيئاتها وننسى حسناتها. هكذا كانت المعاملة في الأسرة، حسن في المعاشرة الزوجية
ثانيا : الحقوق الزوجية ثلاث :
أولا حق الزوجة على زوجها:
1- توفية مهرها كاملاً امتثالاً لقوله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة.
فلا يجوز للزوج ولا لغيره من أب أو أخ أن يأخذ من مهرها شيئاً إلا برضاها.
فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً.
2- الحق الثاني: الإنفاق عليها:
وهذه النفقة تتناول نفقة الطعام والكسوة، والعلاج والسكن لقوله: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
3- الحق الثالث: وقايتها من النار: امتثالاً لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً.
قال علي في قوله تعالى: قوا أنفسكم وأهليكم ناراً أدبوهم وعلموهم. أهـ.
وكذلك يخبر أهله بوقت الصلاة وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها.
وإذا كان الزوج لا يستطيع تعليم امرأته فلييسر لها أسباب التعليم، أعني بالتعلم تعلم أحكام الدين، ومعرفة ما أوجب الله عليها ومعرفة ما نهاها الله عنه.
لكن المصيبة إذا كان الزوج نفسه واقع في الحرام؛ فهي الطامة الكبرى، لأن الرجل قدوة أهل بيته، والقدوة من أخطر وسائل التربية.
عن فضيل بن عياض قال: رأى مالك بن دينار رجلاً يسيء صلاته، فقال: ما أرحمني بعياله، فقيل له: يا أبا يحيى يسيء هذا صلاته وترحم عياله؟
قال: إنه كبيرهم ومنه يتعلمون.
ومن المصيبة أيضاً ومن النقص العظيم أن يُنزل الرجل نفسه في غير منزلتها اللائقة بها، فإن الله تعالى جعل الرجال قوامين على النساء، ومن شأنه أن يكون مطاعاً لا مطيعاً، متبوعاً لا تابعا.
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه … فإن شاء أعلاها وإن شاء سفّلا
وقد استشرى داء تسلط المرأة وطغيانها في أوساطنا بسبب التقليد تارة، وبسبب ضعف شخصية الزوج أو التدليل الزائد تارة أخرى.
وهو من أخطر الأمور وأكثرها إيذاءً، فالكلمة الأولى والأخيرة بيد المرأة، والزوج مجرد منفذ لهذه الأوامر، ومن أجل ذلك تجد في صفات بعض المسلمين اليوم الميوعة والضعف والانهزامية واللامبالاة.
4- الحق الرابع: أن يغار عليها في دينها وعرضها، إن الغيرة أخص صفات الرجل الشهم الكريم، وإن تمكنها منه يدل دلالة فعلية على رسوخه في مقام الرجولة الحقة والشريفة.
وليست الغيرة تعني سوء الظن بالمرأة والتفتيش عنها وراء كل جريمة دون ريبة.
فعن جابر بن عتيك قال: قال رسول الله : ((إن من الغيرة غيره يبغضها الله وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة)) [رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني في ال\رواء].
وقد نظم الإسلام أمر الغيرة بمنهج قويم:
1) أن يأمرها بالحجاب حين الخروج من البيت.
2) أن تغض بصرها عن الرجال الأجانب.
3) ألا تبدي زينتها إلا للزوج أو المحارم.
4) ألا تخالط الرجال الأجانب ولو أذن بذلك زوجها.
5) أن لا يعرضها للفتنة كأن يطيل غيابه عنها، أو يشتري لها تسجيلات الخنا والفحش.
5- الحق الخامس: وهو من أعظم حقوقها: المعاشرة بالمعروف.
والمعاشرة بالمعروف تكون بالتالي:
حسن الخلق معها، فقد روى الطبراني عن أسامة بن شريك مرفوعاً: ((أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاً)) [حديث صحيح].
ومن حسن الخلق أن تحترم رأيها وأن لا تهينها سواء بحضرة أحد أم لا. ومن حسن الخلق إذا صدر منك الخطأ أن تعتذر منها كما تحب أنت أن نعتذر منك إذا أخطأت عليك، وهذا لا يغض من شخصك أبداً، بل يزيدك مكانة ومحبة عندها.
ومن المعاشرة بالمعروف التوسيع بالنفقة عليها وعلى عيالها.
ومنها استشارتها في أمور البيت وخطبة البنات، وقد أخذ النبي بإشارة أم سلمة يوم الحديبية.
ومنها: أن يكرمها بما يرضيها، ومن ذلك أن يكرمها في أهلها عن طريق الثناء عليهم بحقٍ أمامها ومبادلتهم الزيارات ودعوتهم في المناسبات.
ومنها أن يمازحها ويلاطفها، ويدع لها فرصاً لما يحلو لها من مرح ومزاح، وأن يكون وجهه طلقاً بشوشاً، وأن إذا رآها متزينة له لابسة لباساً جديداً أن يمدحها ويبين لها إعجابه فيها، فإن النساء يعجبهن المدح.
ومنها التغاضي وعدم تعقب الأمور صغيرها وكبيرها، وعدم التوبيخ والتعنيف في كل شيء.
فعن أنس أن النبي ﷺ لم يقل له قط أفٍ (ولا قال لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله لا فعلت كذا) [رواه البخاري ومسلم].
ومن المعاشرة بالمعروف: أن يتزين لها كما يحب أن تتزين له، ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.
ومنها أن يشاركها في خدمة بيتها إن وجد فراغاً.
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي ﷺ يكون في مهنة أهله -يعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة) [رواه البخاري].
تلكم كانت أهم الحقوق التي يجب أن يقوم بها الزوج تجاه زوجته كما أمر الإسلام.
كما أن للزوجة حقاً على زوجها، فللزوج حق على زوجته.
ثانيا : حق الرجل علي زوجته
1- الحق الأول: طاعته بالمعروف: على المرأة خاصة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به في حدود استطاعتها. وهذه الطاعة أمر طبيعي تقتضيه الحياة المشتركة بين الزوج والزوجة.
ولا شك أن طاعة المرأة لزوجها يحفظ كيان الأسرة من التصدع والانهيار.
وتبعث إلى محبة الزوج القلبية لزوجته، وتعمق رابطة التآلف والمودة بين أعضاء الأسرة.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ : ((إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة، شئت)) [رواه ابن حبان ورواه الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن عوف].
ولحديث: ((أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ) ابن ماجة والترمذي .
ولتعلم المرأة المسلمة أن الإصرار على مخالفة الزوج يوغر صدره، ويجرح كرامته، ويسيء إلى قوامته، والمرأة المسلمة الصالحة إذا أغضبت زوجها يوماً من الأيام فإنها سرعان ما تبادر إلى إرضائه وتطييب خاطره، والاعتذار إليه مما صدر منها. ولا تنتظره حتى يبدأها بالاعتذار.
عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال ( لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . ولو أن رجلا أمر امرأة أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود ومن جبل أسود إلى جبل أحمر لكان نولها أن تفعل ) اخرجه احمد وابن ماجة
في الزوائد في إسناده علي بن زيد وهو ضعيف . لكن للحديث طرق أخر . وله شاهدان من حديث طلق بن علي . رواه الترمذي والنسائي
وإن طاعة الزوج بمنزلة الجهاد في سبيل الله للحديث: ((جاءت امرأة إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ونحن معاشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك؟ فقال رسول الله : أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافا بحقه يعدل ذلك وقليل منكن من يفعل)
2- الحق الثاني: المحافظة على عرضه وماله:
قال تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله وحفظها للغيب أن تحفظه في ماله وعرضه.
عن بن عباس قال : لما نزلت { والذين يكنزون الذهب والفضة الآية } كبر ذلك على المسلمين وقالوا ما يستطيع أحد منا يدع لولده مالا يبقى بعده فقال عمر أنا أفرج عنكم قالوا فانطلق عمر رضي الله عنه واتبعه ثوبان فأتيا النبي ﷺ فقال يا نبي الله إنه قد كبر على أصحابك هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه و سلم إن الله عز و جل لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم وإنما فرض المواريث في أموال تبقى بعدكم قال فكبر عمر رضي الله عنه ثم قال ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته [ سنن البيهقي الكبرى ] وأبى داود. والحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه
الطاعة للزوج: الأسرة لا يستقيم حالها إلا بالطاعة للرجل، فهو المسؤول عن أسرته في الدنيا والآخرة، والمرأة المسترجلة ملعونة على لسان رسول الله ﷺ: ((لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال))( البخاري وأبو داود ).
وأخبر عن الصالحات فقال سبحانه: فالصالحات قانتات حافظات للغيب [النساء:33]. قانتات قال ابن عباس وغيره: (أي مطيعات لأزواجهن) حافظات للغيب قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
3- الحق الثالث: مراعاة كرامته وشعوره:
فلا يرى منها في البيت إلا ما يحب، ولا يسمع منها إلا ما يرضى، ولا يستشعر منها إلا ما يُفرح.
والزوج في الحقيقة إذا لم يجد في بيته الزوجة الأنيقة النظيفة اللطيفة ذات البسمة الصادقة، والحديث الصادق، والأخلاق العالية، واليد الحانية والرحيمة فأين يجد ذلك؟
وأشقى الناس من رأى الشقاء في بيته وهو بين أهله وأولاده، وأسعد الناس من رأى السعادة في بيته وهو بين أهله وأولاده.
لا تسمح لأحد أن يستخدم أشياءه الخاصة للحديث: ((فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم)
ولا تسمح لأحد أن يدخل بيته ممن يكره دخولهم للحديث: ((ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون)
من حقوق الزوج على الزوجة ألا تأذن في بيته لمن يكره
إن من حقوق الزوج على امرأته: عدم إدخال من يكرهه الزوج إلى منزله إلا بإذنه، فعن عمر بن الأحوص بن شمير رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ: (ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فحقكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهونه، ولا يَأْذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهونه، ألا وإن حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) رواه ابن ماجة والترمذي وقال حسن صحيح.
وفي البخاري أيضاً (لا يحل للزوجة أن تأذن لأحد رجل كان أو امرأة أن يدخل في بيت زوجها وهو حاضر إلا بإذنه) فهذه مسألة مهمة، بل إن بعض النساء تكاد أن تقول الزوج: أنت اختر: إما أن تسمح بدخول فلانة التي أنا أحبها ولو كنت -أيها الزوج- تكرهها وإلا فطلقها.
أي تقول: طلقني لا أقبل أن أبقى، يا إما فلان أو فلان! إن حق الزوج مقدم، ولا يمكن أن يوضع الزوج في الخيار الصعب يا فلان أو الطلاق أو يا فلانة أو الطلاق لا.
4- الحق الرابع: قيامها بحق الزوج وتدبير المنزل وتربية الأولاد.
قال أنس : كان أصحاب رسول الله إذا زفوا امرأة إلى زوجها يأمرونها بخدمة الزوج ورعاية حقه، وتربية أولاده.
5- الحق الخامس: قيامها ببر أهل زوجها:
وهذه من أعظم الحقوق على الزوجة، وهي أقرب الطرق لكسب قلب الزوج، فالزوج يحب من امرأته أن تقوم بحق والديه، وحق إخوانه وأخواته، ومعاملتهم المعاملة الحسنة، فإن ذلك يفرح الزوج ويؤنسه، ويقوي رابطة الزوجية.
6- الحق السادس: ألا تخرج من بيته إلا بإذنه حتى ولو كان الذهاب إلى أهلها
(سئل الرسول من أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال: زوجها)
واستئذانه عند الخروج فلا تخرج إلا بإذنه للحديث: ((إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والأنس حتى ترجع) الطبراني
عيادة الزوجة لوالديها: فمذهب الحنفية بأنه ليس للزوج منعها من عيادة والد زَمِن ليس له من يقوم عليه ولا يجب عليها طاعة زوجها أن يمنعها من ذلك، لأن القيام بخدمته فرض عليها في مثل هذه الحالة فيقدم على حق الزوج، أما الشافعية والحنابلة فقالوا: ليس لها الخروج لعيادة أبيها إلا بإذن زوجها وله منعها ولكنه ينبغي ألا يمنعها لما فيه ذلك من قطيعة وسوء معاشرة ومنعها من عيادة والد مريض ليس من المعاشرة الحسنة في شيء(الموسوعة الفقهية مجلد 24 ص 58).
واستدلوا على ذلك أن رجلا خرج وأمر امرأته أن لا تخرج من بيتها فمرض أبوها. فاستأذنت النبي ﷺ فقال لها: ((أطيعي زوجك فمات أبوها فاستأذنت منه في حضور جنازته فقال لها: أطيعي زوجك، فأرسل إليها النبي : أن الله قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها) الطبراني .
7- السابع: أن تشكر له ما يجلب لها من طعام وشراب وثياب وغير ذلك مما هو في قدرته. وتدعو له بالعوض والإخلاف ولا تكفر نعمته عليها.
8- ومن حقه عليها ألا تطالبه مما وراء الحاجة وما هو فوق طاقته فترهقه من أمره عسراً بل عليها أن تتحلى بالقناعة والرضى بما قسم الله لها من الخير.
وَمِنْ آدَابِهَا أَنْ لَا تَتَفَاخَرَ عَلَى الزَّوْجِ بجمالها ولا تزدري زوجها لقبحه فقد روي أن الأصمعي قال دخلت البادية فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس وجهاً تحت رجل من أقبح الناس وجهاً فقلت لها يا هذه أترضين لنفسك أن تكوني تحت مثله فقالت يا هذا اسكت فقد أسأت في قولك لعله أحسن فيما بينه وبين خالقه فجعلني ثوابه أو لعلي أسأت فيما بيني وبين خالقي فجعله عقوبتي أفلا أرضى بما رضي الله لي فأسكتتني
وقال الأصمعي رأيت في البادية امرأة عليها قميص أحمر وهي مختضبة وبيدها سبحة فقلت ما أبعد هذا من هذا فقالت
ولله مني جانب لا أضيعه … وللهو مني والبطالة جانب
فعلمت أنها امرأة صالحة لها زوج تتزين له
تلكم أهم الحقوق التي تجب على الزوجة مراعاتها والقيام بها:
ثالثا : الحقوق المشتركة بين الزوجين فأجملها:
1- التعاون على جلب السرور ودفع الشر والحزن ما أمكن.
2- التعاون على طاعة الله والتذكير بتقوى الله.
3- استشعارهما بالمسؤولية المشتركة في بناء الأسرة وتربية الأولاد.
4- إلا يفشي أحدهما سر صاحبه، وألا يذكر قرينه بسوء بين الناس سواءً كان الشخص قريباً أم بعيداً.
حتى والديك أو والديها فإن المشاكل البيتية تحل بسهولة ويسرّ ما لم تخرج المشكلة خارج البيت حينها يصعب حلها وتتعقد أكثر وأكثر.
روى مسلم في صحيحه أن النبي ﷺ قال: ((إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتقضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه)).
تلكم أيها الأزواج: أبرز معالم المنهج الذي رسمه الإسلام في حقوق الزوجين.
وأؤكد لكم أنكم إذا التزمتموه في حياتكم الزوجية تطبيقاً وتنفيذاً، كانت المحبة رائدكم، والتعاون سبيلكم، وإرضاء الله سبحانه وتعالى غايتكم.
ومن حق الزوج على زوجته أن ترعى شعوره فتبتعد عما يؤذيه من قول أو فعل أو قلق ، وأن تراعي ظروفه المالية ، ومكانته الاجتماعية ، وأن تقدر مسؤولياته في العمل خارج البيت فلا تضيق من ذلك ، ولا تكلفه من النفقات ما لا يطيقه ، وأن لا تستكثر من الطلب لئلا يلجئ إلى الكسب الحرام .
لقد كانت المرأة تقول لزوجها : إنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار وعندما اجتمعت أمهات المؤمنين لطلب النفقة ، اغتم لذلك واعتزلهن شهرا حتى نزل قوله تعالى: يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالن أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً .
ومن حقوق الزوج على زوجته أن تترك له وقتا يفرغ فيه لنفسه ولفكره ، فإن كان عابدا تركت له وقتا للعبادة وإن كان عالما تركت له وقتا لطب العلم ، وإن كان تاجرا وإن كان عاملا ، وهكذا ما لم يصل الأمر إلى حد (النفرة والجفاء) .
أيها الزوجات احرصن على سعادة أزواجكن واجعلن من بيوتكن جنات يأوي إليها الأزواج حتى يجدوا من قلوبكن وبشركن ونظافتكن وتعاونكن ، ومن قبل ومن بعد من فوقكن الله ومن تقواه التمسك بدينه ، (ما يجعل من هذا كله ما يحبب إلى أزواجكن لبيوتكن ونساءكن )، وحذار حذار من الغفلة والتفريط والتساهل في الحقوق التي شرعها الله تعالى .
قال رسول الله ﷺ : ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة)) أحمد وأبو داود وابن ماجة .
وللحديث: ((المختلعات هن المنافقات) الموسوعة الفقهية مجلد 10 ص205 .
بل عليها أن تترك ما يشغلها عن تلبية حاجة زوجها للحديث: ((إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور))
فيا من يريد الطلاق ، إن كانت زوجتك ساءتك اليوم، فقد سرَّتك أيامًا، وإن كانت أحزنتك هذا العام، فقد سرَّتك أعوامًا.
يا من يريد الطلاق، صبرٌ جميلٌ؛ فإن كانت المرأة ساءتك، فلعلَّ الله أن يُخرج منها ذريَّةً صالحةً تقر بها عينك، فالمرأة تكون عند زوج تؤذيه وتسبه وتهينه وتؤلِمه، فيصبر لوجه الله ويَحتسب أجره عند الله، ويعلم أنَّ معه الله، فما هي إلا أعوامٌ حتى يقر الله عينه بذرِّية صالحة، وما يدريك فلعلَّ هذه المرأة التي تكون عليك اليوم جحيمًا، لعلها أن تكون بعد أيام سلامًا ونعيمًا، وما يدريك فلعلها تَحفظك في آخر عمرك، صبرٌ فإن الصبر عواقبه حميدةٌ، وإن مع العسر يسرًا
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي نزَّل على عبده الفرقان ليكون للعالمين نذيرًا
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إنه كان بعباده خبيرًا بصيرًا
وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، ﷺ عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
أيها المسلمون:
إن الشارع الحكيم رغَّب في الإبقاء على عقد النِّكاح، وأمر الزوج بالمعاشرة بالمعروف، ولو مع كراهته لزوجه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، ووصف الله تعالى عقد النِّكاح بالميثاق الغليظ، فقال: ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، ومقتضى وصفه بالميثاق الغليظ: أنَّه يلزم منه الإلزام والاستدامة، والسَّكَن والاستقرار، وعلى هذا فيجب على الزوجين أن يقاوما كلَّ ما يتهدَّد ذلك.
ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، واستحالت الحياة بين الاثنين؛ لكثرة الخلافات المنفِّرة للقلوب، فإنَّ الطلاق هو آخر الحلول؛ لذا عدَّه الشارِع الحكيم من أبغض الحلال؛ أي: إنه في المرتبة الأخيرة من المباح في تقسيم الحكم التكليفي.
ومما يدلُّ على كراهية الطلاق في الإسلام، ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال: ((ليس منا مَن خبَّب امرأة على زوجها أو عبدًا على سيده((.
وعن ثوبان، أنَّ رسول الله ﷺ قال: ((أيما امرأة سألَت زوجها طلاقًا من غير بأس، فحرامٌ عليها رائحة الجنة(( يقول ابن قدامة في هذا المقام: “فإنه ربما فسدَت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النِّكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النَّفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العِشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النِّكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه.
ويقول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130]، وقد جاءت هذه الآية بعد الآيات الداعية إلى الإصلاح عند نشوز أحد الزوجين؛ فإنَّ الطلاق لم يشرع إلَّا بعد محاولات الإصلاح بين الزوجين، عند نشوب الخلافات بينهما؛ إذ إنَّ الأصل في الزواج هو استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “الأصل في الطَّلاق الحَظر، وإنما أُبيح منه قدر الحاجة؛ كما ثبت في الصحيح عن جابر، عن النبي ﷺ: ((إنَّ إبليس يضَع عرشَه على الماء، ثم يَبعث سراياه، فأدناهم منه مَنزلة أعظمهم فِتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعتَ شيئًا، قال: ثمَّ يجيء أحدهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نِعْمَ أنت))، قال الأعمش: أراه قال: ((فيلتزمه ) وقد قال تعالى في ذمِّ السِّحر: ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾ [البقرة: 102]، وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المنتزعات والمختلعات هنَّ المنافقات ) ولهذا لم يبح إلَّا ثلاث مرَّات، وحرمت عليه المرأة بعد الثالثة، حتى تَنكِح زوجًا غيره، وإذا كان إنما أُبيح للحاجة، فالحاجة تندفع بواحدة، فما زاد فهو باقٍ على الحظر”
منهج النبي صلى الله عليه وسلم في حل الخلافات الزوجية
قصة خلاف السيدة عائشة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم …
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته ومع أهله مثالاً للخلق العالي الذي يجب أن يقتدي به فيه أتباعه، فهو في بيته في خدمة أهله ويحلم عليهم ويصبر ولا يكثر الانتقاد ولا يسب ولا يضرب ولا شتم وليس حلافا بالطلاق فكان رحيما لينا حتى مع الخدم، ويداعب أهله فيسابقهم في السفر للترويح عنهم وإدخال السرور عليهم فهو القدوة وهو الأسوة .
روي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى قالت فقلت من أين تعرف ذلك فقال أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين لا ورب م يبحمد وإذا كنت علي غضبى قلت لا ورب إبراهيم قالت قلت أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك [ ص: 237 ] فتح الباري شرح صحيح البخاري
روي أبي داوود عن الصحابي الجليل النعمان بن بشير رضي الله عنه ، ولفظه : ” اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا ، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ : أَلَا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْجِزُهُ ، وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ : كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدَهُمَا قَدِ اصْطَلَحَا ، فَقَالَ لَهُمَا : أَدْخِلَانِي فِي سِلْمِكُمَا ، كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ فَعَلْنَا ، قَدْ فَعَلْنَا ) .
رواه أبو داود في ” السنن ” (4999) من طريق حجاج بن محمد ، عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه .
ورواه أيضا ابن أبي الدنيا في ” النفقة على العيال “
نسأل الله جل وعلا أن يلهمنا رشدنا وأن يقينا شر نفوسنا وأن يهدينا سبل السلام
فاتقوا الله أيها المسلمون وتمسكوا بوصايا دينكم، وتأسوا بهدي نبيكم، فقد كان صادق اللهجة، حسن العشرة، ليس بغماز ولا لماز ولا فاحش ولا متفحش
وصلوا وسلموا على عبد الله ورسوله فقد أمركم الله بذلك فقال تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا [الأحزاب:56]..
صلي الله وسلم علي سيدي خير البرية محمد وعلى آله الأطهار عدد مامشى على الأرضين ودرج والحمد لله الذي عنده مفاتيح الفرج وارضى اللهم عن المهاجرين والانصار ماتعاقب الليل والنهار ،، حبا للنبي المختار يملأ قلوبنا لمحمدٍ وآله واصحابة يغيظ المنافقين الكفار والفجار ويلهب في قلوبهم النار
جمع وترتيب / ثروت سويف / امام وخطيب ومدرس