خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل
خطبة الجمعة القادمة ( العقول المحمدية ) للشيخ ثروت سويف

خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 14 جمادي الثانية 1447هـ ، الموافق 5 ديسمبر 2025م. تحت عنوان ( العقول المحمدية ) للشيخ ثروت سويف
خطبة الجمعة القادمة word ( العقول المحمدية ) للشيخ ثروت سويف
خطبة الجمعة القادمة pdf ( العقول المحمدية ) للشيخ ثروت سويف
اقرأ في هذه الخطبة
أولاً : نعمة العقل ومكانته في الإسلام
ثانياً : عقول محمدية علي نهج خير البرية
ثالثاً : كن إيجابياً في تفكيرك
رابعاً: التحذير من التشكيك والحيرة ونشر روح التشاؤم في كل شيء
الخطبة الأولي
الحمد لله الملك المعبود.. ذي العطاء والمن والجود.. واهب الحياة وخالق الوجود
الذي اتصف بالصمدية وتفرد بالوحدانية والملائكة وأولو العلم على ذلك شهود
ونعوذ بنور وجهه الكريم من فكر محدود، وذهن مكدود، وقلب مسدود
سبحانه وهب من شاء عقولاً راشدة قادتهم إلى كل خير ومنعتهم من كل شر وجحود
وأشهد أن لا إله إلا الله جعل مناط التكليف في الإنسان عقله فمتى زال العقل سقط عنه التكاليف وكانه غير موجود نسألك يا ربنا الهداية والرعاية والعناية، وأن تجعلنا بفضلك من الركَّع السجود
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أكملُ الناس عقلاً وأرجحُهم رأياً وأكثرهُم فكراً اختصه ربه بالوسيلة والفضيلة وبشَّره بالمقام المحمود والظل الممدود، والحوض المورود، واللواء المعقود…
وجعله يوم القيامة شهيدًا على الشهود اللهم إنا نسألك كما أمرتنا أن تُصلي وتسلم وتبارك عليه وعلى آله وصحبة بعدد كل ذرة في الوجود
اما بعد
فإن الْعقل نور خلقه الله تَعَالَى وقسمه بَين عباده على مَشِيئَته فيهم وَعلمه بهم فالعقل نور فِي الْقلب وَالْبَصَر نور فِي الْعين رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «الْعَقْلُ نُورٌ فِي الْقَلْبِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ )) أدب الدنيا والدين
وقِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] أَيْ بِحَسَبِ عَقْلِهِ
فَروِيَ ابن ابي الدنيا في العقل وفضله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَقْلَ قَالَ لَهُ: قُمْ، فَقَامَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: اقْعُدْ فَقَعَدَ فَقَالَ عز وجل: مَا خَلَقْتُ خَلْقًا خَيْرًا مِنْكَ وَلَا أَكْرَمَ مِنْكَ وَلَا أَفْضَلَ مِنْكَ وَلَا أَحْسَنَ مِنْكَ بِكَ آخُذُ وَبِكَ أُعْطِي وَبِكَ أُعِزُّ وَبِكَ أُعْرَفُ وَإِيَّاكَ أُعَاتِبُ بِكَ الثَّوَابُ وَعَلَيْكَ الْعِقَابُ ” وفي رواية ( وَمَا أكرمتك بِشَيْء أفضل من الصَّبْر)
اولاً : نعمة العقل ومكانته في الإسلام
إِنَّ مِن أَكبَرِ النِّعَمِ الَّتِي أَنعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى الإِنسَانِ نِعمَةَ العَقلِ، الَّتِي تَمَيّزَ بِهَا الإِنسَانُ عَن سَائِرِ الحَيَوَانَاتِ، وَلِأَجلِ هَذِهِ النِّعمَةِ الَّتِي تَمَيّزَ بِهَا الإِنسَانُ كَلّفَهُ اللَّهُ بِحَمْلِ الأَمَانَةِ، فَأَرسَلَ إِلَيهِ الرُّسُلَ، وَأَنزَلَ عَلَيهِ الكُتُبَ، وَأَظهَرَ لَهُ الآيَاتِ، وَشَرَعَ لَهُ الشَّرَائِعَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالتَّفَكّرِ فِيمَا جَاءَهُ مِن رَبِّهِ، لِيَقُودَهُ عَقلُهُ إِلَى الإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ والتقوي بل إنك لتعجب من كثرة ما يرد في كتاب الله من الآيات التي تتحدث عن العقل ودوره وأهميته ، والإنسان مطالب شرعاً أن يفكر تفكيراً صحيحاً يستطيع من خلاله أن يميز بين الأمور ويحكم على الأشياء والأشخاص، ويبتكر ويبدع في جميع المجالات قال تعالي ( إِنَّا أَنْزَلنَاهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعقِلُونَ ) يوسف 2 . وَقَالَ تَعَالَى ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ ) البقرة
والْعقل نور خلقه الله تَعَالَى وقسمه بَين عباده على مَشِيئَته فيهم وَعلمه بهم فبالْعقل يقبل الإنسان ويدبرَ وبه ينطق ويصمت ويفكر ويبتكر وما خلق الله خلقا أحب إِلَيه وَلَا أكْرم عَليه مِنْ عقل راجح به يعرف وَبِه يحْمد وَبِه يطَاع وَمَا أكرم الله العقل بِشَيْء أفضل من الصَّبْر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَرَمُ الْمَرْءِ دِينُهُ، وَمُرُوءَتُهُ عَقْلُهُ، وَحَسَبُهُ خُلُقُهُ )) رواه ابن ابي الدنيا في العقل وفضله وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَصْلُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ، وَحَسَبُهُ دِينُهُ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ
لقد قسم الله تَعَالَى الْعقل بَين خلقه على علمه بهم ثمَّ قسم بَين الْمُوَحِّدين عقل الْهِدَايَة على علمه بهم فتفاوت الْقسم فَكلمَا اسْتَقر فِي عبد كَانَ دَلِيله على مقداره الَّذِي كَانَ فِيهِ يَوْمئِذٍ فَكل فعل فعله يلهم الْعقل صَاحبه فِي كل مَا أذن لَهُ وَمَا خطر عَلَيْهِ فَكل من كَانَ حَظه من الْعقل أوفر فسلطان الدّلَالَة فِيهِ أعظم وأنور وَمن شَأْن الْعقل الدّلَالَة على الرشد وَالنَّهْي عَن الغي
لقد كرم الاسلام العقل ومن مظاهر تكريم العقل والمحافظة عليه ،أنه نهى عن كل ما يؤثر في سيره أو يغطيه فضلاً عما يزيله ،لذلك حرم شرب الخمر ،بل وحرم كل مسكر ،بل وامتد التحريم إلى الكمية التي لا تسكر منها فقال عليه الصلاة والسلام: فيما اخرج الامام احمد في مسنده عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ ) كل هذا حفاظاً على العقل وعلى بقائه
وأسند إلى العقل استنباط الأحكام التي لا يوجد فيها نص من كتاب أو سنة. لكن بالضوابط المعروفة وما حديث معاذ عنا ببعيد
روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه – باسناده – عن معاذ – رضي الله عنه حين بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً ، فَقَالَ: ” كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ ” قَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ. قَالَ: ” فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ؟ ” قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: ” فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ ” قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، لَا آلُو. قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ:” الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللهِ ” مسند احمد
فجعل من اجتهاد العقل أساساً للحكم ومادة للقضاء عند فقدان النص لكن هذا الاجتهاد ليس بالهوى ،لكن يكون في إطار الوحي والشريعة وهذا هو ديدن العلماء المصلحون المتقون ولذلك فان خشية العلماء لله جاءت من عقولهم وامعان تفكيرهم
قَالَ الله عز وجل { إ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ}( ص29 ) } يَعْنِي أولي الْعُقُول
قال ابن عباس رضي الله عنه: “ذَوُو الْعُقُول من النَّاس”. وقال الطبري: “يعني: إلا أولوا العقول، الذين عقلوا عن الله عز وجل أمره ونهيه
واعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ فَضِيلَةٍ أُسًّا وَلِكُلِّ أَدَبٍ يَنْبُوعًا، وَأُسُّ الْفَضَائِلِ وَيَنْبُوعُ الْآدَابِ هُوَ الْعَقْلُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلدِّينِ أَصْلًا وَلِلدُّنْيَا عِمَادًا، فَأَوْجَبَ الدِّينَ بِكَمَالِهِ وَجَعَلَ الدُّنْيَا مُدَبَّرَةً بِأَحْكَامِهِ روي الامام احمد في مسنده عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ” رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ “
رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «أُثْنِيَ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ عَقْلُهُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ مِنْ عِبَادَتِهِ، إنَّ مِنْ خُلُقِهِ، إنَّ مِنْ فَضْلِهِ، إنَّ مِنْ أَدَبِهِ. فَقَالَ: كَيْفَ عَقْلُهُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُثْنِي عَلَيْهِ بِالْعِبَادَةِ، وَأَصْنَافِ الْخَيْرِ وَتَسْأَلُنَا عَنْ عَقْلِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الْأَحْمَقَ الْعَابِدَ يُصِيبُ بِجَهْلِهِ أَعْظَمَ مِنْ فُجُورِ الْفَاجِرِ وَإِنَّمَا يَقْرَبُ النَّاسُ مِنْ رَبِّهِمْ بِالزُّلَفِ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ» أخرجه داود بن المحبر في كتاب العقل وهو ضعيف
إن أمتنا أمة إعمال العقل فإذا هرم العالم فنحن شبابه , وإذا مرض العالم فنحن علاجه , وإذا أظلمت الدنيا فنحن النور والهدى , وإذا انقطعت الأسباب فإن أسبابنا موصولة بالله إلى يوم القيامة , وإذا ضل الناس الطريق فطريقنا لا إله إلا الله محمد رسول الله , القرآن دستورنا والرسول قائدنا والوسطية السمحاء منهجنا .
يقول عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه
إنَّ الْمَكَارِمَ أَخْلَاقٌ مُطَهَّرَةٌ … فَالْعَقْلُ أَوَّلُهَا وَالدِّينُ ثَانِيهَا
وَالْعِلْمُ ثَالِثُهَا وَالْحِلْمُ رَابِعُهَا … وَالْجُودُ خَامِسُهَا وَالْعُرْفُ سَادِيهَا
وَالْبِرُّ سَابِعُهَا وَالصَّبْرُ ثَامِنُهَا … وَالشُّكْرُ تَاسِعُهَا وَاللِّينُ بَاقيهَا
وَالنَّفْسُ تَعْلَمُ أَنِّي لَا أُصَدِّقُهَا … وَلَسْت أَرْشُدُ إلَّا حِينَ أَعْصِيهَا
وَالْعَيْنُ تَعْلَمُ فِي عَيْنَيْ مُحَدِّثِهَا … مَنْ كَانَ مِنْ حِزْبِهَا أَوْ مِنْ أَعَادِيهَا
فمن وظائف العقل إرشاد صاحبه إلي الهداية واختيار الصواب فقَد رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا اكْتَسَبَ الْمَرْءُ مِثْلَ عَقْلٍ يَهْدِي صَاحِبَهُ إلَى هُدًى، أَوْ يَرُدُّهُ عَنْ رَدًى» .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ عُمِلَ دِعَامَةٌ وَدِعَامَةُ عَمَلِ الْمَرْءِ عَقْلُهُ فَبِقَدْرِ عَقْلِهِ تَكُونُ عِبَادَتُهُ لِرَبِّهِ أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الْفُجَّارِ {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} أدب الدنيا والدين
أَيْ: لَوْ كَانَتْ لَنَا عُقُولٌ نَنْتَفِعُ بِهَا أَوْ نَسْمَعُ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ الْحَقِّ، لَمَا كُنَّا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَالِاغْتِرَارِ بِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَنَا فَهْمٌ نَعِي بِهِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَلَا كَانَ لَنَا عَقْلٌ يُرْشِدُنَا إِلَى اتِّبَاعِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأصْحَابِ السَّعِيرِ }
روي عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: دَخَلْت الْبَادِيَةَ فَإِذَا أَنَا بِعَجُوزٍ بَيْنَ يَدَيْهَا شَاةٌ مَقْتُولَةٌ وَجَرْوُ ذِئْبٍ مُقْعٍ، فَنَظَرْت إلَيْهَا، فَقَالَتْ أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ قُلْت لَا. قَالَتْ جَرْوُ ذِئْبٍ أَخَذْنَاهُ وَأَدْخَلْنَاهُ بَيْتَنَا، فَلَمَّا كَبِرَ قَتَلَ شَاتَنَا، وَقُلْت فِي ذَلِكَ. قُلْت مَا هُوَ؟ فَأَنْشَدَتْ:
بَقَرْت شُوَيْهَةً وَفَجَعْت قَوْمًا … وَأَنْتَ لِشَاتِنَا ابْنٌ رَبِيبُ
غُذِيت بِدَرِّهَا وَرُبِّيتَ فِينَا … فَمَنْ أَنْبَاكَ أَنَّ أَبَاك ذِيبُ
إذَا كَانَ الطِّبَاعُ طِبَاعَ سُوءٍ … فَلَا أَدَبٌ يُفِيدُ وَلَا حَلِيبُ
فوقع ما كانت تحذر بسبب سوء اختيارها
ثانياً : عقول محمدية علي نهج خير البرية
لقد ربي الحبيب محمدا اصحابة ربي اخلاقهم وكَانَ يَقُولُ: إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا.»البخاري
وربي عقولهم علي الفهم والخير عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا عُوَيْمِرُ ازْدَدْ عَقْلًا تَزْدَدْ مِنْ رَبِّك قُرْبًا. قُلْت: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَمَنْ لِي بِالْعَقْلِ؟ قَالَ: اجْتَنِبْ مَحَارِمَ اللَّهِ، وَأَدِّ فَرَائِضَ اللَّهِ تَكُنْ عَاقِلًا ثُمَّ تَنَفَّلَ بِصَالِحَاتِ الْأَعْمَالِ تَزْدَدْ فِي الدُّنْيَا عَقْلًا وَتَزْدَدْ مِنْ رَبِّك قُرْبًا وَبِهِ عِزًّا )) نوادر الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم للحكيم الترمذي
فخرج جيل اخرج الدنيا من ظلمات الجهل الي نور الهداية والعلم فكانت تلك النماذج نور سطع حَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مَرَّ بِصِبْيَانٍ يَلْعَبُونَ وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَهَرَبُوا مِنْهُ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا لَك؟ لِمَ لَا تَهْرَبُ مَعَ أَصْحَابِك؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أَكُنْ عَلَى رِيبَةٍ فَأَخَافُك، وَلَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا فَأُوَسِّعُ لَك.
وان زِيَادَةُ الْعَقْلِ فَضِيلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَسَبَ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَفْضَلُ النَّاسِ أَعْقَلُ النَّاسِ» مسند الحارث
يا صاحب العقل المحمدي قم والعن الظلام وأوقد للدنيا شمعة , ولا تكن مع المسيء إذا أساء , بل كن مع المحسن إذا أحسن , ولا تقل كالذي قال :
وما أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشد
اخرج من استسلامك وأعمل عقلك , راجع أفكارك وأقبل على الله صافيا , لا هوى ولا تبعية ولا تقليدا أعمى , انظر من جديد, ثم ارجع البصر كرتين ترى في الأمة ألف ألف ابن سلول , وألف ألف ابن سبأ , يشربون من دم المسلمين ويقتاتون من لحومهم , ليس لهم مهمة إلا التضليل وبث السموم والأوهام .
لابد من أن يكون هناك قدرة على استثمار الطاقات الماهجرة ومعرفة بالاحتياجات والتخصصات التي تزدهر بها بلادنا ولنا في رسول الله اسوة حسنة في احتضان المواهب واستثمار العقول المحمدية واليكم بعض تلك النماذج .
1ـ استثمار ذكاء سلمان في حفر الخندق والإستعانة به في هندسته
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما حاصره وأصحابه الأحزابُ ذلك الحصار العسكري التاريخي المشهور المنصوص في سورة الأحزاب بقوله: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} إلى قوله: {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب / 10 – 11] وقال له سلمان: كنا إذا خضنا خَنْدَقْنا أخذ تلك الخطة العسكرية فانتفع بها، ولم يمنعه من ذلك أن أصلها من المجوس الكفرة
ذكر الواقدي في المغازي ( لَمّا فَصَلَتْ قُرَيْشٌ مِنْ مَكّةَ إلَى الْمَدِينَةِ خَرَجَ رَكْبٌ مِنْ خُزَاعَةَ إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ بِفُصُولِ قُرَيْشٍ، فَسَارُوا مِنْ مَكّةَ إلَى الْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، فَذَلِكَ حِينَ نَدَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَ عَدُوّهِمْ، وَشَاوَرَهُمْ فِي أَمْرِهِمْ بِالْجِدّ وَالْجِهَادِ، وَوَعَدَهُمْ النّصْرَ إنْ هُمْ صَبَرُوا وَاتّقُوا، وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ. وَشَاوَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلم، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ يُكْثِرُ مُشَاوَرَتَهُمْ فِي الْحَرْبِ، فَقَالَ: أَنَبْرُزُ لَهُمْ مِنْ الْمَدِينَةِ، أَمْ نَكُونُ فِيهَا وَنُخَنْدِقُهَا عَلَيْنَا، أَمْ نَكُونُ قَرِيبًا وَنَجْعَلُ ظُهُورَنَا إلَى هَذَا الْجَبَلِ؟ فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: نَكُونُ مِمّا يَلِي بُعَاثَ إلَى ثَنِيّةِ الْوَدَاعِ إلَى الْجُرْفِ. فَقَالَ قَائِلٌ: نَدْعُ الْمَدِينَةَ خُلُوفًا!
فَقَالَ سَلْمَانُ يَا رَسُولَ اللهِ، إنّا إذْ كُنّا بِأَرْضِ فَارِسَ وَتَخَوّفْنَا الْخَيْلَ خَنْدَقْنَا عَلَيْنَا، فَهَلْ لَك يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ نُخَنْدِقَ؟ فَأَعْجَبَ رَأْيُ سَلْمَانَ الْمُسْلِمِينَ، وَذَكَرُوا حِينَ دَعَاهُمْ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ أَنْ يُقِيمُوا وَلَا يَخْرُجُوا، فَكَرِهَ الْمُسْلِمُونَ الْخُرُوجَ وَأَحَبّوا الثّبَاتَ فِي الْمَدِينَةِ
2 ـ اشيروا عليا ايها الناس في غزوة بدر الحبيب النبي يوقظ عقول اصحابه ومشورة الحباب
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحُدّثْت عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، أَنّهُمْ ذَكَرُوا: أَنّ الْحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَنْزِلَ، أَمَنْزِلًا أَنْزَلَكَهُ اللهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدّمَهُ، وَلَا نَتَأَخّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ: بَلْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلِ، فَانْهَضْ بِالنّاسِ حَتّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ، فننزله، ثم نعوّر مَا وَرَاءَهُ مِنْ الْقُلُبِ، ثُمّ نَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضًا فَنَمْلَؤُهُ مَاءً، ثُمّ نُقَاتِلُ الْقَوْمَ، فَنَشْرَبُ وَلَا يَشْرَبُونَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرّأْيِ. فَنَهَضَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ مَعَهُ مِنْ النّاسِ، فَسَارَ حَتّى إذَا أَتَى أَدْنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ نَزَلَ عَلَيْهِ، ثُمّ أَمَرَ بالقلب فعورت، وَبَنَى حَوْضًا عَلَى الْقَلِيبِ الّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ فملىء مَاءً، ثُمّ قَذَفُوا فِيهِ الْآنِيَةَ ) مغازي الواقدي.
ان الإسلام دين يحرر العقل، ويهتم جداً بالحجة والبرهان والدليل، فهو يأمر المسلمين بالتدبر والتفكر في كل شيء، حتى إنه يناقش أموراً في غاية الحرج، يناقش أمور العقيدة، والعقيدة: أن تؤمن بالله عز وجل عن طريق الحجة والبرهان والدليل، لا يقول لك: هو كذا وانتهى، لا، {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:78 – 79]
إنَّ أُبيّ بن خَلَف أخذ عظمًا باليًا، ثمَّ جاء به إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ففتَّه في يده، وقال: يا محمَّد! أترى الله يُحِيي هذا بعدما رَمَّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، ويَبعثك، ويُدخِلك النَّار» هذا دليل عقلي على أن القادر على الإنشاء من لا شيء -من العدم- أقدر على الإعادة من شيء، هذا بالحجة العقلية: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا} [يس:79 – 80] قد يقول قائل: كيف يجعل من الشجر الأخضر الذي بداخله ماء ناراً؟ نقول له: أليس الميت يخرج منه الحي؟! وقال في الأخير: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81] فهذه حجج عقلية تأتي واحدة بعد الأخرى في قضية واحدة، وهناك آيات أخرى كثيرة في نفس السياق يقيم سبحانه وتعالى الحجة على الخلق أنه هو الخالق، وأنه هو الذي يجب أن يعبد، مع ما جاء عن طريق حبيبه صلى الله عليه وسلم.
إن العقول المحمدية يستوي فيها الرجال والنساء إن أم المؤمنين حفصة بنت عمر كانت أول طبيبة في الاسلام وعن تعلم أم المؤمنين عائشة العلوم والطب وثمار ما درسته فإن السيدة عائشة بدأت بالدفع الذاتى لتنطلق المعارف الطبية، والتفتيش عنها وكثرة السؤال فيها والتأمل والتفكر، ثم وصف الوصفات الطبية للصحابة، فتأتى ثمر، وتبحث فى كل شيء، وبدأ يتكون عندها بناء علمى تراكمى، وبرزت فى الطب بروزا فاق غيرها من الصحابة، وتألفت به وسئلت فيه كثيرا
ثالثاً : كن إيجابياً في تفكيرك
الإيجابية : هي أن يكون الشخص متفائلًا وواثقًا من نفسه ويفكر بالجوانب الجيدة للمواقف المختلفة بدلاً من السيئة، وأن يبحث دائمًا عن حلول لأي عقبات قد تواجهه، فأن تكون شخصًا إيجابيًا ليس فرض أو شرط، بل هو اختيار وإصرار.
عباد الله : ان المؤمن لابد ان يكون ايجابيا مسارعا الي الخير قال تعالي “إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ” [الأنبياء:90 ]
الايجابية عند رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة في حياته كان إيجابيا ويعلم هذا لأصحابه ومواقفه في هذا أكثر من أن تحصى حتي اصعب اللحظات فالحبيب الأعظم (صلي الله عليه وسلم ) وهو على فراش الموت، ماذا فعل؟ هل حزن؟ هل كان يائساً؟ هل كان قلقاً أو مكتئباً أو خائفاً أو سلبياً؟ أبداً.
فعن أنس قال: لمّا ثَقُل النبي ﷺ جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه. فقال: ليس على أبيك كرب بعد اليوم، فلما مات قالت: يا أبتاه، أجاب ربا دعاه! يا أبتاه، جنة الفردوس مأواه! يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه! فلما دفن قالت فاطمة رضي الله عنها: أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله ﷺ التراب؟! رواه البخاري
انظروا إلى هذا التفاؤل، النبي لحظة الموت كان سعيداً وفرحاً بلقاء ربه، فماذا عنا نحن، هل نقتدي بهذا الرسول الرحيم؟
ومن إيجابيته صلى الله عليه وسلم وضع الحجر في الكعبة، جمعت الحجارة لبنائها، كل قبيلة تجمع على حدة ثم بنوها، حتى بلغ البنيان موضع الحجر الأسود، فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، حتى تجاوزوا، وتحالفوا، وأعدوا للقتال.
ووصل الأمر بهم إلى أن بني عبد الدار أعدت جفنة وملئوها دما، ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب على الموت، وأدخلوا أيديهم في جفنة الدم؛ إيذانا باستعدادهم للقتال حتى الموت؛ ولذلك سموا “لعقة الدم”، وكل ذلك من حمية العصبية .
ثم إن أهل مكة فكروا في مصير مكة إذا وقعت الحرب، واشتركت فيها القبائل جميعا، وأخذوا في تدبر الأمر، والبحث عن حل مقبول.
وتوقف العمل خمس ليال بسبب هذا التنافس، إلا أنهم في النهاية اجتمعوا في المسجد الحرام، ورأوا تحكيم أسنهم، وهو أبو حذيفة بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، فتدبر في الأمر، ثم قال لهم: يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون أول من يدخل من باب هذا المسجد، ويقضي بينكم فيه، فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر قال صلى الله عليه وسلم: “هلموا إليَّ ثوبا”، فأتي به، فأخذ الحجر الأسود فوضعه فيه بيده، ثم قال: “لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، وليمثلها شيخها”فجاء الأربعة، وحملوا الثوب، ورفعوه حتى إذا بلغ الحجر الأسود موضعه حمله صلى الله عليه وسلم بيده، ووضعه حيث هو الآن، وبنى عليه، واستمروا في البناء، كل في جهته حتى ارتفع البناء ثماني أذرع، ثم كسوها بالقباطي والبرود
الم يكن ايجابيا في موقف رد حق الأعرابي الْإِرَاشِيُّ من أبي جهل!! وهذا الموقف رواه ابن كثير وابن إسحاق وابن هشام في السيرة النبوية عن عبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ، وَكَانَ وَاعِيَةً، قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ إرَاشٍ بِإِبِلِ لَهُ مَكَّةَ، فَابْتَاعَهَا مِنْهُ أَبُو جَهْلٍ، فَمَطَلَهُ بِأَثْمَانِهَا. فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيُّ حَتَّى وَقَفَ عَلَى نَادٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ جَالِسٌ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَنْ رَجُلٌ يُؤَدِّينِي عَلَى أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ، فَإِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ، ابْنُ سَبِيلٍ، وَقَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقِّي؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ: أَتَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ الْجَالِسَ- لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ يَهْزَءُونَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ مِنْ الْعَدَاوَةِ- اذْهَبْ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّيكَ عَلَيْهِ.
فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيُّ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إنَّ أَبَا الْحَكَمِ بْنَ هِشَامٍ قَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقٍّ لِي قِبَلَهُ، وَأَنَا رَجُلٌ غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ، وَقَدْ سَأَلْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ عَنْ رَجُلٍ يُؤَدِّينِي عَلَيْهِ، يَأْخُذُ لِي حَقِّي مِنْهُ، فَأَشَارُوا لِي إلَيْكَ، فَخُذْ لِي حَقِّي مِنْهُ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ، قَالَ: انْطَلِقْ إلَيْهِ، وَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ مَعَهُ. قَالُوا لِرَجُلِ مِمَّنْ مَعَهُمْ: اتْبَعْهُ، فَانْظُرْ مَاذَا يَصْنَعُ.
قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَهُ فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، فَاخْرُجْ إلَيَّ، فَخَرَجَ إلَيْهِ، وَمَا فِي وَجْهِهِ مِنْ رَائِحَةٍ [مَا فِي وَجهه قَطْرَة من دم] ، قَدْ اُنْتُقِعَ لَوْنُهُ، فَقَالَ: أَعْطِ هَذَا الرَّجُلَ حَقَّهُ، قَالَ: نَعَمْ، لَا تَبْرَحْ حَتَّى أُعْطِيَهُ الَّذِي لَهُ، قَالَ: فَدَخَلَ، فَخَرَجَ إلَيْهِ بِحَقِّهِ، فَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لِلْإِرَاشِيِّ: الْحَقْ بِشَأْنِكَ، فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيُّ حَتَّى وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، فَقَالَ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَاَللَّهِ أَخَذَ لِي حَقِّي.
وَجَاءَ الرَّجُلُ الَّذِي بَعَثُوا مَعَهُ، فَقَالُوا: وَيْحَكَ! مَاذَا رَأَيْتُ؟ قَالَ: عَجَبًا مِنْ الْعَجَبِ، وَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَخَرَجَ إلَيْهِ وَمَا مَعَهُ رُوحُهُ فَقَالَ لَهُ: أَعْطِ هَذَا حَقَّهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، لَا تَبْرَحْ حَتَّى أُخْرِجَ إلَيْهِ حَقَّهُ، فَدَخَلَ فَخَرَجَ إلَيْهِ بِحَقِّهِ، فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ. قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَبُو جَهْلٍ أَنْ جَاءَ، فَقَالُوا (لَهُ) وَيْلَكَ! مَا لَكَ؟ وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَنَعْتُ قَطُّ! قَالَ: وَيْحَكُمْ، وَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ ضَرَبَ عَلَيَّ بَابِي، وَسَمِعْتُ صَوْتَهُ، فَمُلِئَتْ رُعْبًا، ثُمَّ خَرَجْتُ إلَيْهِ، وَإِنَّ فَوْقَ رَأْسِهِ لَفَحْلًا مِنْ الْإِبِلِ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَامَتِهِ، وَلَا قَصَرَتِهِ ، وَلَا أَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قَطُّ، وَاَللَّهِ لَوْ أَبَيْتُ لَأَكَلَنِي.
وتلك صورة بسيطة لإيجابيته عليه الصلاة والسلام- في دفع الضرر عن المجتمع، كما أنها صورة بسيطة لإيجابيته في رد الحقوق إلى المظلومين.
لقد بث الإيجابية في نفوس الأفراد والمجتمع: كان الرسول المعلِّم حين يشجع على الإيجابية للأفراد والجماعات؛في احلك الظروف روي احمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ. قَالَ: وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنَ الخَنْدَقِ، لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ. قَالَ: فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ عَوْفٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَضَعَ ثَوْبَهُ، ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ، فَقَالَ: ” بِاسْمِ اللهِ “. فَضَرَبَ ضَرْبَةً، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: ” اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا “. ثُمَّ قَالَ: ” بِاسْمِ اللهِ “، وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: ” اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا “. ثُمَّ قَالَ: ” بِاسْمِ اللهِ “، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: ” اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا”مسند أحمد
فما أعظم اهتمامه بأمته؟!، وأعظِم به من شخصية إيجابية متميزة، فائقة الروعة والجدية والعمل، حتى عند الموت.
الخطبة الثانية
الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِالتَّفَكُّرِ فِي آيَاتِهِ، وَضَرَبَ الأَمثَالَ لِنَتَدَبَّرَ فِي بَيّنَاتِهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَنزَلَ القُرآنَ لِنَتَأَمَّلَ فِي عِظَاتِهِ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرسَلَهُ رَبُّهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ وَأَيّدَهُ بِمُعجِزَاتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى أَصحَابِهِ المُقتَفِينَ لِخُطُوَاتِهِ
أَمّا بَعدُ
لَقَد خَلَقَ اللَّهُ الإِنسَانَ أَوّلَ مَا خَلَقَهُ لَا يَعلَمُ شَيئًا، ثُمَّ أَعطَاهُ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالعَقلَ لِيَستَدِلَّ بِهَا عَلَى رَبِّهِ، فَيُؤمِنَ بِهِ، وَيَعبُدَهُ، وَيَشكُرَهُ عَلَى نِعمَتِهِ، قَالَ تَعَالَى( وَاللَّهُ أَخرَجَكُمْ مِن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصَارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ)
رابعاً: التحذير من التشكيك والحيرة ونشر روح التشاؤم في كل شيء
إن بعض الناس يبثون روح التشاؤم بين الناس تخويفا ويأساً ليقوضوا أصول الأمن المجتمعي وإن التشاؤم ضعف في التوكل واعتماد على الوهم وهذا يخالف المنهج القرآني الذي يقول الله تعالى فيه ( وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) يوسف
وقد يتطور إلى اتخاذ أسباب ليست بأسباب حقيقة شرعاً ولا قدراً، فتشبه حالته حالة أصحاب التمائم والرقى الشركية والتبرك ونحو ذلك
عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الْأَسَدِ.» البخاري
وفي رواية مسلم فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَجِيءُ الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ فِيهَا فيجربها كلها؟ قال “فمن أعدى الأول؟ “. مسلم
جاءَ الإسلامُ ليَهدِمَ مُعتقَداتِ الجاهِليَّةِ، ويَبنيَ للمُسلمِ العقيدةَ الصَّحيحةَ المبنِيَّةَ على صِحَّةِ التَّوحيدِ، وقوَّةِ اليَقينِ، والابتِعادِ عنِ الأوْهامِ والخَيالاتِ التي تعبَثُ بالعقولِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه أنَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ: «لا عَدْوَى»، وهذا نَفْيٌ لِما كانوا يَعتَقِدونه مِن مُجاوَزةِ العِلَّة مِن صاحِبِها إلى غَيرِه، وأنَّها تُؤثِّرُ بطبْعِها، فأعلَمَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الأمرَ ليس كذلك، وإنَّما اللهُ عزَّ وجلَّ هو الذي يُقدِّرُ المرَضَ ويُنزِلُ الدَّاءَ
فقال بعض الحاضرين له ﷺ، يا رسول الله الإبل تكون في الصحراء كأنها الغزلان، فيدخل فيها البعير الأجرب فيجربها، فقال ﷺ: فمن أعدى الأول
فر من المجذوم فرارك من الأسد؛ وذلك لأن المخالطة له قد تسبب انتقال المرض منه إلى غيره، وثبت عنه ﷺ أنه أكل مع مجذوم، وقال: كل بسم الله ثقة بالله ليبين ﷺ أن انتقال الجذام من المريض إلى الصحيح إنما يكون بإذن الله، وليس هو شيئًا لازمًا.
والخلاصة: أن الأحاديث في هذا الباب تدل على أنه لا عدوى على ما يعتقده الجاهليون من كون الأمراض تعدي بطبعها، وإنما الأمر بيد الله سبحانه، إن شاء انتقل الداء من المريض إلى الصحيح، وإن شاء سبحانه لم يقع ذلك، ولكن المسلمين مأمورون بأخذ الأسباب النافعة، وترك ما قد يفضي إلى الشر.
أما قوله ﷺ: ولا طيرة فالمعنى إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم فأبطلها النبي ﷺ.
وقال في الحديث الآخر: الطيرة شرك، الطيرة شرك وقال ﷺ: إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك
وروي عنه ﷺ أنه قال: من ردّته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: أن يقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك
وأما الهامة: فهو طائر يسمى البومة، يزعم أهل الجاهلية أنه إذا نعق على بيت أحدهم فإنه يموت رب هذا البيت، وكان بعض أهل الجاهلية يزعمون أن القتيل الذي لم يأخذ أهله بثأره فإنه يخرج منه طائر يسمى البومة “الهامة” ويصوت ويقول: اسقوني اسقوني يعني خذوا لي بالثأر! فأبطل النبي ﷺ ذلك.
وأما قوله ﷺ: ولا صفر فهو الشهر المعروف وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون به. فأبطل النبي ﷺ ذلك، وأوضح ﷺ أنه كسائر الشهور ليس فيه ما يوجب التشاؤم.
وأما النوء: فهو واحد الأنواء، وهي النجوم، وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون ببعض النجوم، فأبطل النبي ﷺ ذلك.
وقد أوضح الله سبحانه في القرآن العظيم أنه خلق النجوم زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر، كما قال الله سبحانه: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ [الملك:5]، وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ الآية [الأنعام:97]. وقال سبحانه: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل:16].
وأما الغول: فهو جنس من الجن يتعرضون للناس في الصحراء، ويضلونهم عن الطرق ويخوفونهم، وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيهم، وأنها تتصرف بقدرتها، فأبطل الله ذلك.
وروي عنه ﷺ أنه قال: إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان
والمعنى: أن ذكر الله يطردها، وهكذا التعوذ بكلمات الله التامات من شرّ ما خلق، يقي من شرها وشر غيرها، مع الأخذ بالأسباب التي جعلها الله أسبابًا للوقاية من كل شر.
أما الفأل: فهو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي ﷺ الفأل بذلك، فقال ﷺ: ويعجبني الفأل. قالوا: يا رسول الله، وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة.
ومن أمثلة ذلك أن يسمع المريض من يقول: يا سليم يا معافى فيسره ذلك، وهكذا إذا سمع من ينشد ضالة من يقول: يا واجد، أو يا ناجح، أو يا موفق، فيسره ذلك ويتفاءل به. والله ولي التوفيق.
1- إثبات التوحيد ونبذ الخرافة: الحديث دليل قوي على محاربة الإسلام للخرافات والأوهام التي كانت سائدة في الجاهلية، وتصحيح الاعتقاد بأن النفع والضرر بيد الله وحده.
2- الالتزام بالأسباب المشروعة: الإسلام يدعو إلى الأخذ بالأسباب المادية مع الاعتقاد الجازم أن الله هو الذي خلق السبب والمسبب.
3- الوقاية من الأمراض: الحديث أصل عظيم في مبدأ الوقاية في الطب الإسلامي، والحفاظ على الصحة العامة بتجنب مصادر العدوى.
4- التوازن في حياة المسلم: المسلم يعيش بتوازن؛ لا يغفل عن الأسباب ولا يعتمد عليها بمعزل عن الله، بل يجمع بين الصحيح من الاعتقاد والصحيح من العمل.
5- رفع التعارض بين النصوص: قد يُتوهم تعارض بين هذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ على مُصِحّ» (رواه البخاري). والجمع بينهما أن النفي في حديث “لا عدوى” هو نفي للاعتقاد الفاسد، بينما الحديث الآخر أمر بالأخذ بالسبب الحسي.
الأول ينفي التشاؤم (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)، والثاني يأمر بالاحتياط (وفر من المجذوم كما تفر من الأسد). يكمن التوفيق بينهما في أن الحديث الأول ينفي الاعتقاد بأن هذه الأشياء تسبب الضرر بنفسها دون تقدير من الله، بينما يوضح الحديث الثاني أن الأخذ بالأسباب المأمور بها لا ينافي التوكل على الله، فالجذام مرض معدٍ يجب الاحتياط منه بدليل قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة: 195
هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا – رحمكم الله – على خير الورَى، كما أمركم بذلك – جل وعلا -، فقال – عزَّ من قائلٍ كريمًا -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
وقد قال – عليه الصلاة والسلام – فيما أخرجه مسلمٌ في “صحيحه”: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
فصلواتُ الله مع تسليمه ما جرى له في البحر فُلكٌ سَبْحُ أبدًا تُهدَى إلى الخير الورَى من له في كُتْب الرحمن مَدحُ أحمدُ والآلُ والصحبُ ومَنْ لهم يقفُو على الإثر ينحُو
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، وانصر الضعفاء في فلسطين واجعل هذا البلد آمنًا مستقرًّا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف: 23].
عباد الله إن الله يأمر بثلاث وينهى عن ثلاث يأمر بالعدل والإحسان وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون اذكروا يذكركم واستغفروه يغفر لكم واقم الصلاه ان الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا
جمع وترتيب \ ثروت علي سويف \ امام وخطيب بالأوقاف المصرية






