خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة القادمة : السلام رسالة الإسلام – للشيخ ثروت سويف

خطبة الجمعة القادمة للشيخ ثروت سويف : السلام رسالة الإسلام – بتاريخ 9 محرم 1447هـ – موافق 4 يوليو 2025.

خطبة الجمعة القادمة للشيخ ثروت سويف word : السلام رسالة الإسلام 

خطبة الجمعة القادمة للشيخ ثروت سويف pdf : السلام رسالة الإسلام 

خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 4 يوليو /2025 م الموافق 8 محرم / 1447ه
بعنوان ( الإسلام رسالة السلام ) للشيخ ثروت سويف
اقرأ في هذه الخطبة
اولا : محمد ﷺ رسول السلام
ثانيا : الاسلام دين السلام
ثالثا : من فضائل السلام ..
الخطبة الأولي
الحمد لله رب العالمين شرع السلام لأهل الإسلام وجعله تحية أهل الإسلام يقول ربنا جل وعلا (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) النساء
فجعله لنا طمأنينة وأمان وسلام
اللهم لك الحمدُ ربَّنا أنت السلام، ومنك السلام، تبارَكتَ يا ذا الجلال والإكرام.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملِكُ القُدُّوسُ السلام، اللهم احينا بالسلام وادخلنا الجنة دار السلام {تحيتهم فيها سلام )
وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا مُحمدًا عبدُ الله ورسولُه المبعُوثُ بأزكَى القِيَم للأنام رسول الملك العلام ونبي الهدي والسلام صلَّى الله عليه وعلى آله البَرَرة الكرام، وصحبِه الأئمة الأعلام، والتابعِين أهلِ الوُدِّ والوِئام، ومن تبِعَهم بإحسانٍ يرجُون مِن المَولَى الجِنان، وسلَّم تسليمًا كثيرًا يبقَى على الدَّوام.
اما بعد
فاعبدوا ربكم على الدوام وخذوا بكل خصلة تنشر بينكم المودة والوئام وتورثكم الجنة دار السلام وكل ذلك موجود فيما هداكم الله له من ملة الإسلام وسنة سيد الأنام .
تعريف السلام
السلام مصدر سلم وهو الأمن والأمان والحصانة والاطمئنان، والبراءة من كل آفة ظاهرة وباطنة، ومادة السلام تدل على الخلاص والنجاة من كل مكروه وعيب والسلام بمعناه العام يشمل مجالات الحياة كافة فهو بمعنى السلامة و الأمن والنجاة من الآفات والبراءة من العيوب والبعد عن أسباب وآثار الفتن والنزاعات والحروب
أولا : محمد ﷺ رسول السلام
عباد الله : إن هجرة الرسول ﷺ، غيرت مجرى التاريخ ومعالم الحياة، وحققت العدلَ والرحمةَ في المجتمع الذي كان يعاني من الظلمِ والإستبداد والجور، حيث أزال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الجهل ونشر العلمَ ورسخ الإيمانَ في نفوس الناس وقضى على العصبيات والقوميات، وأنقذ أجيالاً من براثن الجاهلية، وقاد البشرية نحو العزة والسؤدد، فقد أرسله الله تعالى إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.
وفي ذكري هجرته ﷺ نتذكر حال النبي ﷺ في نشر المحبة والألفة والسلام بين الناس، فعلمنا خطوات كثيرة لنشر الود منها “إذا أحَبَّ الرَّجلُ أَخاه فلْيُخْبِرْه أنَّه يُحبُّه”
سيدي يا رسول الله يا حبيب الله
الحق أنت وأنت إشراق الهدى ولك الكتاب الخالد الصفحات
من يقصد الدنيا بغيرك يلقها تيها من الأهوال والظلمات
لو شرّق القوم الكبار وغربوا فإليك حتما منتهى الخطوات
لو أحسنوا فهم السلام لأسلموا
ما غير دينك سُلما لنجاة
وبهذه المناسبة التي تعطرت بها الدنيا لا يسعنا إلا أن نتكلم عن السلام في ذكري نبي السلام
إنها قضيَّةُ “السِّلم والسلام”، ونَمِيرُ الأمنِ والأمانِ بين الأنام التي جلَّاها دينُ الإسلام في وَرِيفِ أحكامِه ومقاصِدِه العِظام، التي شمِلَت المعانِيَ الإنسانيَّةَ الرائِقة، والخُلُقيَّة الرائِعة، لاسيَّما في زمنٍ رفَعَت فيه الفِتنُ أجيادَها، وجمَعَت للشرِّ أجنادَها، وتنامَى الغلُوُّ والإرهابُ، والقتلُ والطائفيَّةُ والإرعابُ.
إن نبينا محمد ﷺ رسول السلام
نبي الهدي يا رسول السَّلام … ويا مرسلاً رحمة ً للأنام
عليك الصَّلاة عليك السلام … وصحبك والتابعين الكرام
فكم هو جميل يا عباد الله، كم هو جميل أن نقتدي بخير خلق الله، نبي الله وصحابته الكرام، فتكون قلوبنا متأسية بالصادقين، أصحاب الأخلاق الفاضلة النبيلة والخلال الحميدة.
عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَكُنْتُ فِيمَنِ انْجَفَلَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ” أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ ” مسند احمد
الله أكبر، ما أصدق فراسته، يقول هذا وهو لما يٌسلم.
يقول هذا الكلام بمجرّد أن رأى وجهه الأبهر وجبينه الأنور، رأى فيه الصدق باديا، والتواضع ظاهرا، والزهد مرتسِما، ورأى غير ذلك من الأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة التي لا تكون إلا في الصادقين.
ثم قال : فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: ((يا أيها الناس أفشوا السلام)).
أمرنا في هذا الحديث بأمر عظيم، ولعظمته بدأ به، ولأهميته بادر إليه، ألا وهو إفشاء السلام
ولله در القائل
لما بدا في الأفق نورُ مُحَمَّدٍ كالبدر في الإشراق عند كماله
نشر السلام على البرية كلها وأعاد فيها الأمن بعد زواله
واخْضَرَّ وجهُ الأرض ليلة وَضْعِهِ وانهَلَّ كلُ الغيث باستهلالهِ
بل إنَّ دَعوَتَهُ السَّلامُ ودِينُهُ *** رِفقٌ ولَمْ يَثلِمْ تُقَاهُ خِصَامُ
فوُعُودُه دارُ السَّلامِ، وربُّه *** مِنهُ السَّلامُ، ودِينُهُ الإسلامُ
عباد الله : اعلموا أن السلام والمصافحة يسببان مغفرة الذنوب
عن البراء قال: قال رسولُ الله ﷺ: ما من مُسْلِمَين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفِرَ لهما قبل أن يفترقا) رواه أبو داود والترمذي، سوقال الترمذي: حديث حسن غريب
وإن الله سمي نفسه السلام واشتق من الاسم اسما لأمة محمد وسماهم المسلمين وسمي نفسه المؤمن وسمي أمة محمد المؤمنون
روي بن ابي شيبة في مصنفه والبزار في مسنده عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ حَقٌّ فَأَتَاهُ يَطْلُبُهُ فَلَقِيَهُ , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَشَرِ , لَا أُفَارِقُكَ وَأَنَا أَطْلُبُكَ بِشَيْءٍ ” , فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: مَا اصْطَفَى اللَّهُ مُحَمَّدًا عَلَى الْبَشَرِ , فَلَطَمَهُ عُمَرُ فَقَالَ: ” بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو الْقَاسِمِ , فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ قَالَ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَشَرِ قُلْتُ لَهُ: مَا اصْطَفَى اللَّهُ مُحَمَّدًا عَلَى الْبَشَرِ , فَلَطَمَنِي , فَقَالَ: «أَمَّا أَنْتَ يَا عُمَرُ , فَأَرْضِهِ مِنْ لَطْمَتِهِ , بَلَى يَا يَهُودِيُّ , سُمِّيَ اللَّهُ بِاسْمَيْنِ سَمَّى بِهِمَا أُمَّتِي هُوَ السَّلَامُ وَسَمَّى أُمَّتِي الْمُسْلِمِينَ , وَهُوَ الْمُؤْمِنُ وَسَمَّى أُمَّتِي الْمُؤْمِنِينَ , بَلَى يَا يَهُودِيُّ , طَلَبْتُمْ يَوْمًا وَذُخِرَ لَنَا , الْيَوْمَ لَنَا وَغَدًا لَكُمْ , وَبَعْدَ ذَلِكَ لِلنَّصَارَى , بَلَى يَا يَهُودِيُّ , أَنْتُمُ الْأَوَّلُونَ وَنَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , بَلَى إِنَّ الْجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى أَدْخُلَهَا , وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأُمَمِ حَتَّى يَدْخُلَهَا أُمَّتِي»
ثانياً: الاسلام دين السلام
عباد الله : إن ديننا الإسلامي هو دين التسامح والمحبة والسلام، وهو عقيدة قوية تضم جميع الفضائل الاجتماعية والمحاسن الإنسانية
ولله در القائل
دِينِي هو الإسلامُ دينُ محبَّةٍ *** دِينُ السلامَةِ سَالِمُ البُنيَانِ
دِينُ المَودَّةِ والتسامُحِ والهُدَى *** شَتَّانَ بين الحَقِّ والبُهتَانِ
والسلام مبدأ من المبادئ التي عمق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين، وأصبحت جزءاً من كيانهم، وهو غاية الإسلام في الأرض.
الإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة ولا غرابة في أن كلمة الاسلام تجمع نفس حروف السلم والسلام، وذلك يعكس تناسب المبدأ والمنهج والحكم والموضوع.
فالسلام جوهر الرسالة المحمدية وروح الإسلام .. عقيدة وعبادة وأخلاقا ومعاملة يقول ربنا جل وعلا ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)البقرة
وفيها دعوة المسلمين لتحقيق منهج السلام والمسامحة
وتحية أهل الإسلام السلام
قال تعالى ( فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) النور
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا» رواه أبو داود
قصة السلام
أول من أمر بالسلام هو الله جل وعلا لحظة خلق آدم عليه السلام واول من سلم هو آدم عليه السلام فقال السلام عليكم فزادته الملائكة ورحمة الله
وزاد سيدنا ابراهيم عليه السلام لفظة وبركاته وكل لفظة في السلام لها اجرها
عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ علَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِراعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ علَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ المَلائِكَةِ، جُلُوسٌ، فاسْتَمِعْ ما يُحَيُّونَكَ؛ فإنَّها تَحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم، فقالوا: السَّلامُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ اللَّهِ، فَزادُوهُ: ورَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حتَّى الآنَ. ) (أخرجه البخاري ومسلم ).
والدليل أن كل لفظة في السلام لها اجرها ما رواه الدارمي وأبي داود والترمذي عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال السَّلامُ عليكم فردَّ عليه ثمَّ جلس فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عشرٌ ثمَّ جاء آخرُ فقال السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ فردَّ فجلس فقال عشرون ثمَّ جاء آخرُ فقال السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه فردَّ فجلس فقال ثلاثون” قال الترمذي: حديث حسن.
وفي رواية لأبي داود، من رواية معاذ بن أنس رضي الله عنه، زيادة على هذا، قال: ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال: “أربعون”، وقال: “هكذا تكون الفضائل”
وأول من جاء بالمصافحة هم أهل اليمن، وقد ثبت ذلك في ما رواه أبو داود عن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال : ” قد جاءكم أهل اليمن، وهم أول من جاء بالمصافحة “
أما اصْلُ الْمُعَانَقَةِ وَالْمُصَافَحَةِ فإليكم تلك القصة لنعلم اول من كان سلامه عناقا
روي صاحب كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: ” سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، عَنْ مُعَانَقَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ إِذَا لَقِيَهُ؟ قَالَ: كَانَ تَحِيَّةُ الأُمَمِ وَخَالِصُ وُدِّهِمُ الْعِنَاقَ، وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ عَانَقَ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ خَرَجَ يَرْتَادُ لِمَاشِيَتِهِ بجبلٍ مِنْ جِبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، إِذْ سَمِعَ صَوْتَ مقدسٍ يُقَدِّسُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَذُهِلَ عَمَّا كَانَ يَطْلُبُ، فَقَصَدَ ذَلِكَ الصَّوْتَ، فَإِذَا هُوَ بِشَيْخٍ طُولُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: يَا شَيْخُ! مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: مَنْ فِي السَّمَاءِ
قَالَ: فَمَنْ رَبُّ مَنْ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ، قَالَ: أَلَهَا رَبٌّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: مَالهَا رَبٌّ غَيْرُهُ، وَهُوَ رَبُّ مَنْ فِيهَا وَرَبُّ مَنْ تَحْتَهَا وَمَنْ فَوْقَهَا، لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَيْنَ قِبْلَتُكَ؟ فَأَوْمَأَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَسَأَلَهُ عَنْ طَعَامِهِ، قَالَ: أَجْمَعُ مِنْ هَذَا التَّمْرِ فِي الصَّيْفِ فَآكُلُهُ فِي الشِّتَاءِ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ مَعَكَ مِنْ قَوْمِكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: لَا أعلم أحدٌ بَقِيَ مِنْ قَوْمِي غَيْرِي، قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ: أَيْنَ مَنْزِلُكَ؟ قَالَ: فِي تِلْكَ الْمَغَارَةِ قَالَ: أَفَتُرِينَا بَيْتَكَ، قَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَهُ وادٍ لَا يُخَاضُ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَيْفَ تَعْبُرُهُ؟ قَالَ: أَمْشِي عَلَيْهِ ذَاهِبًا وَأَمْشِي عَلَيْهِ جَائِيًا، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: فَانْطَلِقْ بِنَا لَعَلَّ الَّذِي ذَلَّلَهُ لَكَ أَنْ يُذَلِّلَهُ لِي، قَالَ: فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَيْهِ، فَمَشَيَا عَلَيْهِ، كُلُّ وَاحِدٍ يَتَعَجَّبُ مِمَّا أُوتِيَ صَاحِبُهُ، فَلَمَّا دَخَلا الْمَغَارَةَ إِذَا قِبْلَتُهُ قِبْلَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَيُّ يومٍ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى أَشَدُّ؟ قَالَ الشَّيْخُ: يَوْمُ الدِّينِ، يَوْمَ يَضَعُ كُرْسِيَّهُ، يَوْمَ تُؤْمَرُ جَهَنَّمُ فَتَزْفُرُ زَفْرَةً فَلا يَبْقَى نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ إِلا تَهُمُّهُ نَفْسُهُ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا شَيْخُ! ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يُؤَمِّنِّي وَإِيَّاكَ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَقَالَ الشَّيْخُ: وَمَا تَصْنَعُ بِدُعَائِي، إِنَّ لِي فِي السَّمَاءِ دَعْوَةً مَحْبُوسَةً مُنْذُ ثَلاثِ سِنِينَ، قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: ألا أُخْبِرُكَ بِمَا حَبَسَ دَعْوَتَكَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا حَبَسَ دَعَوَاتِهِ لِحُبِّ صَوْتِهِ، ثُمَّ يُجِيبُهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا عَجَّلَ لَهُ الْحَاجَةَ وَأَلْقَى الْيَأْسَ فِي صَدْرِهِ لِبُغْضِ صَوْتِهِ، مَا دَعْوَتُكَ يَا شَيْخُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ مَحْبُوسَةٌ؟ قَالَ: مر بِي هَاهُنَا شَابُّ فِي رَأْسِهِ ذُؤَابَةٌ مُنْذُ ثَلَاث سِنِينَ وَمَعَهُ غنمٌ كَأَنَّهَا حَشَفٌ، وبقرٌ كَأَنَّهَا حَفِيَتْ …
حَفِلَتْ أَيْ جُمِعَ اللَّبَنُ فِي ضُرُوعِهَا وَأُخِّرَ حِلابُهَا، قُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: لِخَلِيلِ الرَّحْمَنِ إِبْرَاهِيمَ، قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لَكَ فِي الأَرْضِ خليلٌ فَأَرِنِيهِ قَبْلَ خُرُوجِي مِنَ الدُّنْيَا، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكَ، فَاعْتَنَقَا، فيومئذٍ كَانَ أَصْلُ الْمُعَانَقَةِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ السُّجُودُ هَذَا لِهَذَا وَهَذَا لِهَذَا، ثُمَّ جَاءَ الصِّفَاحُ مَعَ الإِسْلامِ فَلَمْ يَسْجُدُوا وَلَمْ يُعَانِقُوا، وَلا تَتَفَرَّقُ الأَصَابِعُ حَتَّى يَغْفِرَ اللَّهُ لِكُلِّ مُصَافِحٍ. كتاب الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف: أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريرى النهرواني (المتوفى: 390هـ)
ثالثاً : من فضائل السلام
أنه تحية المؤمنين فيما بينهم في الحياة الدنيا وتحيتهم في الجنة.
قال تعالى: ﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ [الأحزاب44].
وقال: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ﴾ [يونس10
ومن فضائل السلام أنه زيادة في الأجر وزيادة في الحسنات ورفع لدرجة الإيمان.
من فضائل السلام أن الله عز وجل هو السلام
قال سبحانه ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر:22-23].
والمعنى أنه السالم من العيب فليس مشابها لخلقه وليس كمثله شيء وهو السميع البصير
روى البيهقي عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ” إِنَّ السَّلَامَ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَضَعَهُ اللهُ فِي الْأَرْضِ، فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَرَّ عَلَى الْقَوْمِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ دَرَجَةٍ بِأَنَّهُ أَذْكَرَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَأَطْيَبُ ” هَكَذَا جَاءَ مَوْقُوفًا، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ
ومن الله السلام كما قال سبحانه: ( سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ ) يس: 58
والتلفظ بذكره سـلام حيث قال سيد الأنام «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلالِ وَالإكْرَامِ» أخرجه مسلم
وهو السَّلامُ على الحَقيقَةِ سَالِمٌ *** مِن كلِّ تَمثِيلٍ ومِن نُقصَانِ
فلتفخروا أيها المسلمون بهذه الشعيرة العظيمة، ولتعتزوا بها، فإن اليهود يحسدونكم عليها عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ، مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ» ابن ماجة وفي رواية: ((ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين)).
من فضائل السلام أنه طمأنينة للنفس ……..
قال تعالي (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) الفرقان
ان السلام النفسي هو احساس الانسان بأن الآخرين جزءٌ منه، يشعرُ بهم، يفرح لفرحهم يحبُ لنفسه ما يحبُ لهم، ويساعدهم ليكون لهم مثل ما لديه، ويسعى ليكون له مثل ما لديهمْ. …
والأسس الأربعة لقيام السلام النفسي هي الحياة والحب والتعلم والذكرى الطيبة كل ذلك مع استخدام الملكات الأساسية وهي ادراك الذات والوعي والارادة المستقلة.
وجاء في حديث الرجل الذي بشره الرسول بالجنة ثلاثا أنه كان ينام في سلام مطمئن النفس سليم الصدر …
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنَّا جلوسًا مع الرَّسول صلى الله عليه وسلم فقال: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلع رجل من الأنصار، تَنْطِفُ لحيته من وضوئه، قد تَعَلَّق نَعْلَيه في يده الشِّمال، فلمَّا كان الغد، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرَّجل مثل المرَّة الأولى، فلمَّا كان اليوم الثَّالث، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرَّجل على مثل حاله الأولى، فلمَّا قام النَّبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إنِّي لَاحَيْت أبي فأقسمت ألَّا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تُـؤْوِيَني إليك حتَّى تمضي، فَعلتَ. فقال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدِّث أنَّه بات معه تلك الليالي الثَّلاث، فلم يره يقوم من اللَّيل شيئًا، غير أنَّه إذا تعارَّ وتقلَّب على فراشه، ذَكَر الله عزَّ وجلَّ وكبَّر حتَّى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أنِّي لم أسمعه يقول إلَّا خيرًا. فلمَّا مضت الثَّلاث ليال، وكدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، إنِّي لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هَجْرٌ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مِرَار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلعت أنت الثَّلاث مِرَار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أنِّي لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق))
ومن فضائل السلام أنه تحية أهل الجنة، وتحية المؤمنين يوم يلقون ربهم تحيِّيهم بها الملائكة الكرام، وذلك عندما يُساق أهل الجنَّة إلى الجنَّة زُمَراً، وتفتح لهم أبوابها الثمانية، فيتلقَّاهم خزنتُها فالتحيَّة بالسلام ، قال الله تعالى (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد/23، 24
والسلام تحيَّة أهل الجنَّة بينهم، كما قال تعالى: { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23) ابراهيم
والسلام التحية عند اللقاء وهو للخروج من الصلاة بعد التمام
ان إفشاء السلام من الدعائم التي أرسى عليها النبي بنيان المجتمع المسلم
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله وارث الأرض ومن عليها من الخلق، وباعث محمد رسوله بالهدي ودين الحق وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، المتصرف في خلقه بما يشاء ويختار، يقبض ويبسط ويرفع ويخفض، يجعل بعض خلقه لبعض فتنه، وله في كل تصريف حكمة، وفي كل محنة على المؤمن منحة
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
أيها المسلمون يفهم مما مضى ما يأتي:
السلام من أسماء الله تعالى وهو المسلم لعباده المسلم على أوليائه.
والجنة دار السلام فهي دار السلامة من الآفات.
والسلام أمان الله في الأرض، وهو تحية المؤمنين في الجنة وتحية أهل الإسلام في الدنيا وهو طريق المحبة والتعارف بين المسلمين.
والبخل بالسلام أشد من البخل بالمال وفي المداومة عليه تمييز للمسلمين وكيد لأعداء الدين.
لابد ان يسلم المجتمع من كل حواس الانسان وافعاله واقواله حتى يكون مسلما وتحقيق معنى الإسلام
وبتطبيق المعنى الحقيقي للإسلام يسود السلام سائر المجتمع لأن كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي السليم كل فرد حين إذ يتمثل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم روي البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ»
فحبس الشر عن الناس سلام وامان للنفس والكون فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أنه قال: سأل رجل رسول الله : أيّ الأعمال أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله، والجهاد في سبيل الله))، قال: فإن لم أستطع؟ قال: ((تعين صانعًا أو تصنع لأخرق))، قال: فإن لم أفعل؟ قال: ((فاحبس نفسك عن الشر، فإنها صدقة تصدقتَ بها على نفسك))، وفي رواية: ((احبس شرَّك عن الناس، فأنها صدقة منك على نفسك)).
لا تؤذي جيرانك ودعهم يعيشون في سلام لان تقويض امنهم وسلامهم تقويض لامن وسلامة المجتمع ولعنة من الله وقلة ايمان فلا تنظر في رزقه ولا الي اهله انما اعطه حقه وامنه وسلامه
ويتمثل ذلك في قول المصطفي صلى الله عليه وسلم: فيما روي الامام احمد والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللهُ الدِّينَ، فَقَدْ أَحَبَّهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ، وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ “، قَالُوا: وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: ” غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ، وَلَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالًا مِنْ حَرَامٍ، فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَلَا يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلَّا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ ” رواه احمد في مسنده
وما حديث اطرح متاعك في الطريق عنا بغريب او بعيد فقد جاء الخبر بلعن من يؤذي جاره
ففي حديث أبي جُحيفة قال: جاء رجل إلى النبي يشكو جاره، فقال له: ((اطرح متاعك في الطريق))، قال: فجعل الناس يمرون به فيلعنونه ـ أي: يلعنون من كان يؤذي جاره ـ فجاء إلى النبي فقال: يا رسول الله، ما لقيتُ من الناس، قال: ((وما لقيتَ منهم؟)) قال: يلعنوني، قال: ((فقد لعنك الله قبل الناس))، قال: يا رسول الله، فإني لا أعود. أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي
ان من أعظم وأخطر صور الأذية للجار الخيانةُ والغدر به، كالتجسس عليه، والوشايةِ به عند أعدائه، وتتبع عوراته وتحويل امنه وسلامه الي تنغيص في العيش فلا يفعل ذلك الا جار السوء الذي استعاذ منه الانبياء
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ، وَمِنْ زَوْجٍ تُشَيِّبُنِي قَبْلَ الْمَشِيبِ، وَمِنْ وَلَدٍ يَكُونُ عَلَيَّ رِبًا، وَمِنْ مَالٍ يَكُونُ عَلَيَّ عَذَابًا، وَمِنْ خَلِيلٍ مَاكِرٍ عَيْنَهُ تَرَانِي وَقَلْبُهُ يَرْعَانِي إِنْ رَأَى حَسَنَةً دَفَنَهَا، وَإِذَا رَأَى سَيِّئَةً أَذَاعَهَا ) اهـ. أخرجه الطبراني في الدعاء
وفي رواية عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال:
” كان من دعاء داود عليه السلام اللهم إني أعوذ بك من جار السوء ومن زوج تشيبني قبل المشيب ومن ولد يكون علي ربا ومن مال يكون علي عذاباً ومن خليل ماكرٍ عيناه ترياني وقلبه يرعاني إذا رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها “. اهـ. ابن عساكر في تاريخ دمشق
ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين النبي العدنان فصلُّوا وسلِّمُوا عليه رحِمَكم الله – سِرًّا وجَهرًا علي خَيرِ الورَى طُرًّا، وأفضَلِهم شَرَفًا وقَدرًا نبيِّنا مُحمدِ بن عبدِ الله القُرشيِّ الهاشِميِّ فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال عز من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56].
فلا تنس كثرة السلام على نبيك الكريم صلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحد يسلم علي ّ إلا رد الله علي ّ روحي حتى أرد عليه السلام)) [رواه أبو داود واللفظ له، وأحمد في المسند
وقال – صلى الله عليه وسلم -: “مَن صلَّى علَيَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عَشرًا”.
مِنِّي علَيه سَلامٌ نَشرُهُ عَطِرُ *** ما سَارَ بَدرُ الدُّجَى في الأُفْقِ مُنتَقِلَا
فاللهم صل وسلم عليه تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وارضَ اللهم عن الخُلفاء الراشِدين، والأئمةِ المهديِّين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ الصحابةِ والتابِعِين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، واحشرنا معَهم برحمتِك يا أرحم الراحِمِين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصر اهل غزة علي عدوهم وفك حصارهم واطعم جائعهم واكس عاريهم وارحم شهداءهم وسدد رميهم وقوي سواعدهم واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائِرَ بلادِ المُسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا ووُلاةَ أمورِنا
جمع وترتيب / ثروت سويف – امام وخطيب بوزارة الاوقاف المصرية

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى