web analytics
أخبار عاجلة

دار الإفتاء المصرية.. حكم احتفال المسلمين بالسنة الميلادية وتهنئة غيرهم بها

المسلمون يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنها من أكبر نِعم الله تعالى على البشر، والأيام التي وُلِدَ فيها الأنبياء والرسل أيامُ سلام على العالمين، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك؛ فقال عن سيدنا يحيى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 155]، وقال عن سيدنا عيسى:﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 33]، وقال تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾[الصافات: 79]، وقال تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الصافات: 109]، ثم قال تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ﴾[الصافات: 120]، إلى أن قال تعالى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: 181-182].
فإذا كان الأمر كذلك، فإظهار الفرح بهم، وشكر الله تعالى على إرسالهم، والاحتفال والاحتفاء بهم؛ كل ذلك مشروع، بل هو من أنواع القرب التي يظهر فيها معنى الفرح والشكر لله على نعمه، وقد احتفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيوم نجاة سيدنا موسى من فرعون بالصيام؛ فروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يومًا -يعني: عاشوراء-، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرًا لله، فقال: «أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ» فصامه وأمر بصيامه. فلم يعدَّ هذا الاشتراك في الاحتفال بنجاة سيدنا موسى اشتراكًا في عقائد اليهود المخالفة لعقيدة الإسلام.
وبناءً عليه: فاحتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح من حيث هو: أمرٌ مشروعٌ لا حرمة فيه؛ لأنه تعبيرٌ عن الفرح به، كما أن فيه تأسِّيًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم القائل في حقه: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» رواه البخاري.
هذا عن احتفال المسلمين بهذه الذكرى، أما تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به؛ سواء في هذه المناسبة أو في غيرها؛ فلا مانع منها شرعًا، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلمين صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية، وخاصة إذا كانوا يبادلونهم التهنئة في أعيادهم الإسلامية؛ حيث يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 866]، وليس في ذلك إقرار لهم على شيء من عقائدهم التي يخالفون فيها عقيدة الإسلام، بل هي من البرِّ والإقساط الذي يحبه الله؛ قال تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 88]، فالآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبِرَّهم، وصلتهم، وإهداءهم، وقبول الهدية منهم، والإحسان إليهم بوجه عام؛ كل هذا مستحبٌّ شرعًا؛ يقول الإمام القرطبي في “أحكام القرآن” (18/ 59، ط. دار الكتب المصرية): [قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَنْ تَبَرُّوهُمْ﴾ … أَيْ لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنْ أَنْ تَبَرُّوا الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ … ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ أَيْ تُعْطُوهُمْ قِسْطًا مِنْ أَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

عن admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

شاهد أيضاً

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير

الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير. …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السادس عشر: قيمة الوقت في الإسلام ، للدكتور خالد بدير.

الدرس السادس عشر: قيمة الوقت في الإسلام ، للدكتور خالد بدير

  لتحميل درس قيمة الوقت في الإسلام بصيغة word أضغط هنا لتحميل درس قيمة الوقت …

خطبة الجمعة القادمة 29 مارس 2024م بعنوان : فضل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر فيها ، للدكتورعمر مصطفي، بتاريخ 19 رمضان 1445هـ ، الموافق 29 مارس 2024م

خطبة الجمعة القادمة 29 مارس 2024م : فضل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر فيها ، للدكتور عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 29 مارس 2024م بعنوان : فضل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر …

خطبة الجمعة القادمة 29 مارس 2024م بعنوان : فضل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر فيها ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 19 رمضان 1445هـ ، الموافق 29 مارس 2024م

خطبة الجمعة القادمة 29 مارس 2024م بعنوان : فضل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر فيها ، للشيخ خالد القط

خطبة الجمعة القادمة 29 مارس 2024م بعنوان : فضل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »