web analytics
أخبار عاجلة
الشيخ عبد الناصر بليح

خطبة بعنوان : “بتفعيل فروض الكفاية تسترد الأمة عافيتها “، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 13 من جمادي الأولى 1438هـ، الموافق 10 فبراير 2017م

خطبة بعنوان : “بتفعيل فروض الكفاية تسترد الأمة عافيتها  “، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 13 من جمادي الأولى 1438هـ، الموافق 10 فبراير 2017م.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:

الحمد لله رب العالمين .. يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ولي الصالحين ..وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفعينا وأستاذنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها محمد صلي الله عليه وسلم القائل :” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”(متفق عليه( .

اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله وعلي ألك وصحبك الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فيا جماعة الإسلام :

لا تخلو أمة من الأمم ولا مجتمع من المجتمعات من الفقراء والمساكين والمرضى والمحتاجين للكساء والسكن والدواء والتعليم والتوجيه والخلافات والمشاكل والغلاء والعنوسة وغيرها من مناحي الحياة المختلفة وقد تميزت الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم بأنها صاحبة الفقه الجامع والوافى والعلاج الناجع الشافي .

وكان فقه فروض الكفايات هو الفقه المسئول عن سد احتياجات المسلمين عبر قرون طويلة من الزمان لم تشهد فيها الدولة الإسلامية جائعاً ولا معتراً ولا فقيراً. ولكن بعد ذلك عانت الدولة الإسلامية فى فترات مختلفة نتيجة الخلل والتقصير في أداء فروض الكفاية مما نتج عنه أعداد كبيرة من مرضى يحتاجون للعلاج فلا يتداوون وفقراء يمدون يدهم فلا يجدون ومساكين بلا مأوى ولا سكن!! ازادت وارتفعت حالات الطلاق والعنوسة ..حدث غلاء رهيب للأسعار .. الخ وما حدث بسبب إهمال فروض الكفاية إما ظناً بإنه قام بها البعض فسقط عنا ..وإما تهاوناً وتكاسلاً وهملاً وعبثاً..

أخوة الإسلام :

الفروض قسمان :

 أخوة الإسلام  والفقهاء قسموا الفروض إلى فروض كفاية وفروض أعيان التي هي فرض على كل إنسان بعينه فعلى الإنسان أن يصلى ويصوم ويحج إن استطاع بنفسه أما فروض الكفاية فهي فروض مفروضة على الأمة كلها وهى مطلوبة شرعاً من كل مسلم ولكن إذا قام بها بعض أفرادها سقط الإثم عن الباقين ولا يتخلص أى إنسان في الأمة من الإثم والذنب إلا إذا قام أحد منها أو طائفة منها بإنجاز هذا الفرض وكلمة سقط الإثم عن الباقين تعنى:أن الإثم شامل لايسقط ولاتسقط المطالبة به ولا الحساب عليه إلا إذا تأكد الفرد وعلم أن غيره قد قام به.

هل يوجد فرق بين فرض العين وفرض الكفاية ؟

لا فرق بين فرض العين والكفاية من حيث الوجوب، فكلاهما مطلوب من المكلف طلباً جازماً.

أما الفرق بأنه يتميز فرض العين عن الكفاية ـ بأن فرض العين ـ هو الذي طلب الشارع حصوله من كل عين، أي واحد من المكلفين، كالصلاة والصوم والزكاة والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام….إلخ وغير ذلك، أو من عين مخصوصة كالنبي صلي الله عليه وسلم  فيما فرض عليه دون أمته. فرض العين يثاب فاعله وينال الأجر والثواب العظيم،وتاركه يحاسب على تركه لها.

فرض العين لا يمكن أن يتحول إلى فرض كفاية.

أما فرض الكفاية :” فهو ما طلبه من  المجموع  ولم يطلبه من كل فرد من أفراد المكلفين طلباً جازماً .واحد فإن قام العدد الذي يكفي سقط عن الباقين ، وإلا أثموا جميعاً .

أي هو ما قصد الشارع فعله في الجملة، بحيث إذا عمله البعض سقط الطلب الجازم به والإثم عن الباقين، ويتناول ما هو ديني كصلاة الجنازة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودنيوي كالحرف والصنائع. .  

فرض الكفاية يمكنه أن يتحول إلى فرض عين مثال ذلك: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلا إذا رأيت إنسانا يرتكب معصية وكان لا بد من نهيه ولا يوجد مع ذالك الشخص إلا أنت فبذلك يتحول فرض الكفاية إلى فرض عين عليك.

 

كنوز الفقه:

  إن فروض الكفاية كنز من كنوز الفقه الإسلامي حيث لم يقصر الأئمة المسلمون فى بيان مجالاتها الواسعة التي تشمل كل شيء في المجتمع فقد فهموا هذا الدين فهماً صحيحاً غير أن الأمة الإسلامية وبكل أسف نست أو تناست هذه الفروض التي قامت عليها الحضارة الإسلامية والوحدة التكافلية التى عمت الأمة الإسلامية. وتنطلق من قوله تعالى:”كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ” وهذه الآية تعنى أن كل فرد في الأمة يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وقال الرسول:” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”(متفق عليه( .

فرض الكفاية أفضل من فرض العين :

 إن الفقهاء حين قارنوا بين فرض العين وفرض الكفاية من حيث الفضل والأجر قالوا: إن القائم بفروض الكفاية له خيرية عن القائم بفروض العين وذلك لإسقاط الحرج عن المسلمين ..وورد عن إمام الحرمين: “إنه أفضل من فرض العين” بمعنى إنه إذا خير الإنسان بين فرض العين وفرض الكفاية وليس هناك فرصة لفرض العين فعلى الإنسان أن يقوم بفرض الكفاية فإنقاذ المشرف على الغرق مثلاً أولى من الصيام فى حق صائم لا يتمكن من إنقاذه إلا بالإفطار وصلاة الكسوف لمن قال إنها فرض كفاية حين يخاف فوتها هى أولى من المكتوبة التى لم يضق وقتها.وقيادة السيارة وتوصيل المسافرين لقضاء حوائجهم ومصالحهم والعمل في الأفران وصناعة الخبز تقدم علي صيام السائق والخباز ..الخ .

أهمية فروض الكفاية :

 إن فرض الكفاية أمر مهم بقصد حصوله دون نظر بالذات إلى فاعله ويقولون هو واجب على الجميع عند الجمهور ويسقط الطلب الجازم والإثم بفعل من يكفى من الأمة ويجب على من ظن أن غيره لا يقوم به أن يكون واجباً عليه هو وإذا بدأ الإنسان فى فرض من فروض الكفاية وجب عليه أن يتمه.. ويقول الرافعي: “فروض الكفاية أمور كلية تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها وطلب الشارع تحصيلها بلا تكليف أحد بعينه وإذا قام بها من به كفاية سقط الحرج عن الباقين فإن تعطل هذا الفرض أثم كل من قدر عليه إن علم به وكذا إن لم يعلم إن كان قريباً منه ويليق به البحث والمراقبة ويختلف بكل البلد وقد ينتهى خبره إلى سائر البلاد فيجب عليهم جميعاً.

متى يسقط فرض الكفاية؟

 وأجاب أن سقوط فرض الكفاية عن الأمة يكون إما بالقيام به أو بعدم القدرة على القيام به وفى الحالة الثانية يجب حض الآخرين على فعله ولذلك جاء فى القرآن الكريم أن عدم الحض على إطعام المسكين يوجب عقاب الله قال تعالى: “خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ”.

إن الحض متاح ومباح لكل إنسان سواء كان فقيراً أو غنياً فالإنسان مكلف به فإذا حض غيره ولم يستطع أن يقوم به سقط الإثم عنه وفيما يتعلق بالقادر فقال العلماء إنه إذا علم وهو قادر على أن يقوم به ولم يفعل أخذ إثم الأمة كلها وإذا لم يعلم عليه أن يبحث كما يبحث فى تنمية أمواله يبحث أيضاً فى ما تحتاج إليه الأمة وما يحتاج إليه المريض والفقير والمسكين وهذا ما دفع الفقهاء إلى القول بأن دفع الضرر عن المسلمين من فروض الكفاية وأن تخليص بيت المقدس فرض كفاية على الأمة جميعاً وأنها لن تنجو من الإثم ولن يسقط عنها إلا إذا حرر بيت المقدس كذلك دفع الضرر عن العارى والجائع  فرض كفاية على من علم بحاله.

إن إغاثة الملهوف وكسوة العارى وإطعام الجائع وكفالة اليتيم وتعلم الطب والزراعة والتجارة وتعلم اللغات الأجنبية وتعلم الصنائع والحرف… كل هذه من فروض الكفاية لأن الأمة لا تستطيع أن تحيا وتتقدم بدونها كذلك تعليم وتدريب جيش يدافع عن الأمة فالجهاد والتحصينات يعد من فروض الكفاية لأن الأمة لابد أن تكتفى فى كل مجال يقودها إلى القوة لأنه سبحانه وتعالى طالبها بقوله:”وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُم اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ” ولم يحدد الله تعالى نوع هذه القوة فهى شاملة لكل قوة تصلح الأمة سواء كانت قوة روحية أم علمية أم فنية أم جسدية.

و هناك أموراً اختلف فيها العلماء حول كونها فرض كفاية أو سنة كفاية ومثال ذلك الأذان والإقامة فالأذان والإقامة مثلاً شعار يدل على أن أهل هذه المنطقة مسلمون فإذا امتنع الجميع عن إقامة الأذان فإنهم يأثمون جميعاً لأنهم ضيعوا فرضاً من فروض الكفاية وذهب بعض الفقهاء إلى أن الأذان سنة كفاية مثل تشميت العاطس وعيادة المريض وصلاة الجماعة وصلاة العيد وصلاة الكسوف والخُسوف والاستسقاء والاعتكاف فى شهر رمضان.

 **  مسألة مهمة وهى أن محاويج أهل الذمة جعلها فقهاء الأمة مثل محاويج المسلمين لابد أن تقضى من خلال فروض الكفاية حتي من الوقف والنذر وغيرهما وأن هذا الأمر ينفى تماماً ما قد يدعيه البعض من العنصرية والتمييز ويقطع الطريق على من يدعو إلى فتنة طائفية على أساس أن الإسلام قد يحرم أهل الذمة ولكن جاءت هذه الجملة “ومحاويج أهل الذمة” لتكتب بماء الذهب وتنفى أي شبهة مغرضة.

صور من فروض الكفاية :

 أخوة الإيمان والإسلام :

  زيادة علي ما ذكرنا فإن فروض الكفاية   كثيرة فى الأمة ومن بينها – كما ذكر الفقهاء-  **التكافل الاجتماعي والاهتمام باليتامى والمساكين الذين لا عائل لهم ولا مأوى والعجزة الذين لا يجدون سبيلاً من أسباب الكسب يعد أيضا من فروض الكفاية.

والتكافل الاجتماعي و تحقيق حد الكفاية من ناحية المطعومات والمشروبات والملبوسات والنواحى السكنية لجميع فئات المسلمين وهو الأمر الذي لم يتحقق بكل أسف إذ ما زالنا نمد يدنا  لتستجدى الغذاء من الدول غير المسلمة في حين لم يتحقق حتى الآن لبلدان العالم الإسلامي ما بات يعرف بالأمن الغذائي فالأمة مهددة من ناحية النقص المائى فضلا عن تلوثه.

**و توفير المياه النقية الصالحة للاستعمال الآدمي يجب في الأساس على الدولة إضافة إلى أن الأمة كلها مطالبة بتنقية هذه المياه وعدم إلقاء المخلفات الآدمية أو غير الآدمية أو إلقاء مخلفات المصانع والمواد الكيميائية أو الحيوانات النافقة فيها وألا تكون مياه البحار والأنهار وسيلة من وسائل التخلص من الفضلات فى البيوت عن طريق جعل الصرف الصحي يصب في هذه المياه.

**وتوفير السكن لمن لا سكن له يعد فرضاً من فروض الكفاية وقد كان في مسجد النبي –وعلى الرغم من صغر مساحته مكان لمن لا مأوى لهم من المهاجرين والأنصار وهؤلاء أطلق عليهم أهل الصفة حتى إنه من إيثاره لهم على أقاربه لما جاءته السيدة فاطمة رضي الله عنها تطلب منه خادماً يعينها على أعمال المنزل بعد أن شكت ما فعلت الرحا بيديها! قال لها “لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تلوى بطونهم من الجوع” وهذا يعد نوعاً من أنواع التكافل الاجتماعي والإحساس بالمسئولية ونوعاً من إيواء من لا مأوى له.

**وتعبيد الطرق ورصفها والمحافظة عليها و عدم إلقاء القاذورات على الطرقات وجعل هذه الطرقات صالحة للمشى فيها بدون أذى من فروض الكفايات أيضا ولذلك يقول الرسول: “الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله محمد رسول الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق”.

**تعلم علوم التفسير والحديث :و من فروض الكفايات تعلم علوم التفسير والحديث وعلم اللغة والصرف والفقه وعلم الأصول وإقامة من يعلم الناس هذه العلوم.

**تعلم جميع العلوم النافعة :فليس هناك علوم إسلامية وعلوم غير إسلامية وليس هناك ما يسمى بالعلوم الشرعية والعلوم غير الشرعية فكل العلوم تخدم الإسلام ما دامت هذه العلوم نافعة للإنسان في دينه ودنياه فلولا تعلم الطب ما تعلم الناس كيفية علاج الأبدان وقد كان رسول الله يعالج وكانت امرأة في عهد النبي  تسمى رفيدة صنع لها خيمة فى مسجده في غزوة الخندق وكانت تمرض فيها سعد بن معاذ سيد الأوس ..فمن فروض الكفاية أن يكون في الأمة الطبيب والمهندس والاقتصادي والزراعي والكيميائي والصيدلي.

**مرصد للرد علي الشبهات :ومن فروض الكفاية وجود المرصد للرد علي الشبهات التي تلصق بالإسلام والمسلمين وتفعل هذا المرصد وانتقاء القائمين عليه واتصافهم بالعلم والأمانة والكياسة والحصافة ..

** الرد علي الملحدين :ومن فروض الكفايات أيضا تعلم العلوم التى بها يقيم المسلمون الحجة على وحدانية الله تعالى ويردون الشبهات الباطلة خاصة وأن كثيراً من المواقع على الشبكة العنكبوتية تأتي بأفكار مضللة ولهذا فعلى المسلمين أن يعدوا العدة بتعلم الحجج والبراهين لدحض الشبهات التى يريد بها أعداء الإسلام تشكيك المسلمين فى عقائدهم وشريعتهم.

**إعداد العدة :ومن فروض الكفاية :”إعداد العدة والجيش والوقوف بجانبه و تحصين الثغور المُتَاخِمة لبلاد الكفار ووضع العتاد الحربي والجند الكثيف. مطلوب من الأمة أن تكون أمة قوية عسكريا لقول الله تعالي :” وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ومِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّكُمْ (الأنفال/60).  هذا الخطاب ليس موجّه لفرد معين لكن للأمة في مجموعها، فليس الخطاب هنا متوجّه إلى شخص أو الاهتمام.. إنما متوجّه بهدف يجب أن يتحقق، إن الأمة يجب أن تكون قوية من الناحية العسكرية حتى لا يطمع فيها الطامعون، حتى يرهبها الأعداء :”تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّكُمْ”فإذا أرهبتموهم.. هذا ما يسمس بالسلم المسلح، السلم المسلح أن تكون قويا لا تحارِب ولكن قوتك تجعل الآخرين لا يطمعون في أن يغزوك أو يدخلوا أرضك فهذا..

**مكافحة الفساد و الأمر بالمعروف ومن  أبرز وأهم فروض الكفايات هو مكافحة الفساد و الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر  و هو ما كان يسمي ب:” الاحتساب أو المحتسب “. وهذا المحتسب أو المراقب علي الأسواق فإن السبب الرئيسي في غلاء الأسعار اليوم عدم الرقابة علي الأسعار وترك التجار يفعلون ما يحلو لهم وقد يكون متعدداً وقد يكون متطوعاً أو معيناً من قبل الدولة و قد يكون هذا المحتسب مباحث التموين أو الرقابة الإدارية    وقد يكون المفتش  أو أجهزة المتابعة في كل وزارة أو مديرية أو إدارة  فالمسلمون جميعاً مطالبون بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لقوله تعالى:”كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ”(آل عمران/).  فخيرية هذه الأمة لأنها تقيم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وأشد مانعانيه اليوم هو غياب الضمير وتقاعس المكلف بهذه الأمور عن أداء واجبه فازداد الفساد وعم الجميع وكاد أن يأكل الأخضر واليابس ..

** مجالس الصلح: و من فروض الكفاية  أيضاً الصلح بين الناس  وإقامة من يقضى بين الناس بالعدل والإصلاح بين الناس من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين فرضهما الله علي المسلمين .. قال تعالي : ” لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا”(النساء/114).

وهو أفضل عند الله من الصيام والصلاة والصدقة قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :”ألا أخبركم علي ما هو أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة قالوا بلي :”قال :إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هو الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن أقول تحلق الدين “.

داء واجبه

وأنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الرجل معيناً من قبل الدولة أو أن يأخذ راتباً على فصل المنازعات بين الناس وإنما المطلوب هو أن يكون هناك إنسان محكم من قبل اثنين يفصل بينهما بشرع الله ويرتضيان حكمه.

كما أن دفع الضرر سواء كان هذا الدفع عن طريق رد الأذى أو رد الظلم عن المظلومين أو دفع الضرر عن المضرورين أو إغاثة من يشرف على الهلاك سواء كان مريضاً أو فى لجة أو محرقة أو هدم… كل هذا من فروض الكفايات لهذا فإنه ينبغي على كل إنسان وجد إنساناً مشرفاً على الهلاك أن يغيثه لأن إغاثة المسلم وغير المسلم من الفروض.

علاج الخلافات الزوجية ومن فروض الكفاية علاج الخلافات الزوجية لقول الله تعالي :” وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً “( النساء /34).

إن الحياة الزوجية لا تخلوا من مشاكل يومية والعاقل الذي يتغلب عليها ويعالجها بهدوء لتسير عجلة الحياة الزوجية ولتستمر كما أرادها الخالق لتعمير الكون ولكي تسير الحياة وتستمر كما أرادها الله فلا يعرف الزوج أن له القوامة كما قال الله عز وجل”الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”( النساء/33).

والوعظ والهجر والضرب علاج  بشروطهم وهذا العلاج ينفع في بعض الحالات مع بعض النفوس الشاذة المتمردة التي لا تفهم الحسنى ولا ينفع معها الجميل وقد تناول المريض الدواء المر ولكنه يتحمله حتى يعالج ويشفى من مرضه .. “وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً “(النساء /35). ومهمة الحكمين مهمة شاقة فإنهما يجب عليهما أن يختليا بالزوج ويتعرفا أسباب الخلاف ويذكراه بمصير الأولاد وحسن العشرة بينهما وبالمصاهرة وبالفصل الذي بينهما وعلى الحكم من أهل الزوجة أن يختلي بها ويشترط أن يكون من المحارم ويتعرف منها أسباب الخلاف وأن يذكرها بالله وحسن الصحبة وكل شيء حسن فعله الزوج معها إن كانت قد نسيت بطبيعتها وكفرت بالعشرة كما يذكرها نتيجة الطلاق وما فيه من متاعب ونظرة المجتمع للمطلقة ومصير الأولاد إن كان بينهما أولاد وهكذا سلامة النية : والحكمان إذا أرادوا صلحاً وأخلصوا النية لله كان توفيق الله حليفهما وكانت هداية الله لكل من الزوجين أما إذا أراد طرف والطرف الآخر لم يرد إلا الطلاق فليس هناك توفيق بينهما..

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين ..والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين ..أما بعد فيا أخوة الإيمان والإسلام .لازلنا نواصل الحديث عن أهمية فروض الكفاية

** وعلي الجملة : ففروض الكفايات تتسع لتشمل شتى مجالات الحياة وأنه إذا كان فرض العين متوجها إلى الإنسان وعلاقته بخالقه فإن فرض الكفاية يتوجه إليه لنفع غيره من سائر المسلمين لذلك فإن فرض الكفاية يتعدى فاعله إلى غيره ففائدته أعم من فرض العين وبالتالى إذا أدى المسلمون فروض الكفاية فإنها سوف تسد جانباً من جوانب حياة المسلمين الحاضرة والمستقبلية.فروض الكفاية تشمل مناحي الحياة وكل ما تتم به المعايش كالبيع والشراء والحرث والطب وتولى الإمامة والشهادة وأدائها والقضاء وإعانة القضاة على استيفاء الحقوق وحتى تزويج العزب والعانس إذ أن حل مشكلة العنوسة فى المجتمع تدخل في إطار فروض الكفاية لأن القرآن الكريم قال:”وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” والخطاب في الآية الكريمة موجه للأمة كلها فلو عجز إنسان عن تزويج ابنه أو ابنته توجه الأمر إلى الأمة كلها حتى لا يكون فيها عزب ولا عانس إن  وجود 11 مليون عانس فى مصر ووجود 200ألف حالة ظلاق بالمحاكم مثلا وأيضاً زيادة النسبة في كثير من الدول الإسلامية إنما هو دليل على إغفال الأمة لفروض الكفاية.  

الحقيقة أن مجالات فروض الكفاية تشمل الحياة كلها، كان  الشيخ محمد الغزالي رحمه الله يعيب على العلماء أنهم إذا ذكروا فروض الكفاية ذكروا مسألة.. يعني تغسيل الميت وتكفينه وصلاه الجنازة عليه وهذه وكأن هذه هي كل فروض الكفاية، حقيقة فروض الكفاية تشمل كل أمور الدين والدنيا، يعني لابد أن تتكامل للأمة مقومات حياتها بحيث تتحقق شخصيتها الدينية، هذه أمة قامت على أساس ديني من وحي الله عز وجل، أمة ارتبطت بالسماء، فالجانب الديني لابد أن يتوافر، لابد أن تتوافر لها المساجد التي تصلي فيها ولابد أن تتوافر.. من فروض الكفاية صلاة الجماعة، الأذان، الإقامة، الدروس الدينية وهذه لها.. يعني العلماء عندهم قاعدة تقول ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولذلك هذا يرتبط بإقامة مؤسسات تُخرِّج للناس أئمة وخطباء ووعاظ إلى آخره،فالجانب الديني لابد أن يتوافر للأمة كل ما تحتاج إليه الأمة في دينها، لابد أن يكون لها علماء متبحرون في الدين، يعني مش بس مجرد علماء سطحيين أو يعرفوا قليل، لابد أن يعرف الدين بفروعه المختلفة، التفسير والحديث والعقيدة والفقه وأصول الفقه والأخلاق، هذه الأشياء كلها لابد.. وقالوا لابد أن يصل فيها إلى درجة من التبحّر والتعمّق بحيث يصل إلى درجة الاجتهاد والاستنباط، لأن العلماء قالوا إن وصول العالم إلى مرتبة الاجتهاد هو فرض كفاية، يعني الأمة لابد أن يكون فيها عدد من المجتهدين بحيث إذا عرضت عليهم المشكلات المستجدة للحياة الإسلامية سواء في الأمور المدنية، في الأمور السياسية، في الأمور الدستورية، في الأمور الجنائية، في العلاقات الدولية، في هذه الأمور كلها لابد أن يوجد من العلماء مَن يكونوا مقتدرين.

أخوة الإيمان والإسلام :

  السبب فى تدهور واقع المسلمين  اليوم عن ركب الصدارة  هو تخليهم عن تطبيق دينهم وفقه فروض الكفايات وتطبيقها.حيث  إن الكفار سبقوا المسلمين في التقدم والتكنولوجيا عندما سخروا الكون والأرض والبحار وكل شيء لخدمة دنياهم بينما ظل المسلمون لا يعرفون شيئاً عن أساليب الفقه الكونى والتكنولوجي الذي يعلمهم كيف يقرأون الكون قراءة ربانية وليست قراءة مادية ليصنعوا بها الحياة ومن خلالها يتعاملون مع الطاقات التى أخرجها الله لهم من السماء والأرض والبحار والمحيطات.

أخوة الإسلام :

كيف طبق صحابة النبى صلي الله عليه وسلم  والخلفاء الراشدون والتابعون فروض الكفاية وكيف أنهم قننوا هذا الفقه فكان لهم نظامهم السياسي والإداري المستمد من الكتاب والسنة وكانت عصورهم أبهى عصور التكافل الاجتماعي والقوة والعظمة السياسية والاجتماعية.

و إغفال المسلمين لفقه فروض الكفايات تسبب في تقهقرهم وتخلفهم اليوم حيث إن  أداءهم لهذه الفروض في الماضي كانت سبباً في ريادتهم وتصدرهم الموكب ..

   وتطبيقاتها اليوم كفيلة بصناعة الإنسان وصناعة الحضارة وأنه بتطبيق هذه الفروض يتحقق التقدم والمنافسة فى السباق الحضارى وأن التكافل الاجتماعي ما هو إلا جزء من هذه الفروض التي لو طبقت لتغير واقع البشرية ولأصبحت الأمة الإسلامية خير أمة  أخرجت للناس.

والجميع مطالبون بتطبيق فروض الكفاية فهذه مسؤولية الأمة جميعا،ولا يقول أحد بأن المسؤولية على العلماء والعلماء يقولون المسؤولية على الحكام والحكام يقولوا المسؤولية على الاستعمار وكل واحد يفر.. كل الأمة مسؤولة ولكن ، أصحاب القدرة العقلية والعلمية والمالية عليهم مسؤولية أكبر، أولوا الأمر الذين ولا هم الله أمر قيادة الأمة ومسئولين.. عليهم الأمر الأكثر، إحنا كلنا الأمة العربية والأمة الإسلامية كلنا موصومين بأننا في دائرة التخلف، من البلاد النامية أو من العالم الثالث، لابد أن نتجاوز هذا وأن تنهض الأمة من غفوتها وتصحو وتستفيق قبل أن نستيقظ  جميعاً علي زلزال يدمر كياننا :” ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين“(الذاريات).

عن admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

شاهد أيضاً

اختبار صرف بدل التميز العلمي : الأسماء ومواعيد الاختبارات والكتب والاختبارات السابقة

اختبار صرف بدل التميز العلمي : الأسماء ومواعيد الاختبارات والكتب والاختبارات السابقة

اختبار صرف بدل التميز العلمي : الأسماء ومواعيد الاختبارات والكتب والاختبارات السابقة أولاً : الإعلان …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الثامن عشر: أوصاف وأنواع النفس في القرآن، للدكتور خالد بدير

الدرس الثامن عشر: أوصاف وأنواع النفس في القرآن، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الثامن عشر: أوصاف وأنواع النفس في القرآن، للدكتور خالد بدير. لتحميل …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير

الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير. …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السادس عشر: قيمة الوقت في الإسلام ، للدكتور خالد بدير.

الدرس السادس عشر: قيمة الوقت في الإسلام ، للدكتور خالد بدير

  لتحميل درس قيمة الوقت في الإسلام بصيغة word أضغط هنا لتحميل درس قيمة الوقت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »