لتحميل الخطبة بصيغة word إضغط هنا
لتحميل الخطبة بصيغة pdf إضغط هنا
الاسراء والمعراج
العناصر:
الاسراء رحلة تعجز عندها العقول
الدين عند الله واحد
محمد سيد الاولين والآخرين وإمامهم
وبعد
*** مع الله تمحى المسافات وتنتفي المقاييس!!!
لذا الزم الأدب !!! هذا الأدب الذي ادبك به ربك في مطلع سورة الإسراء فنبهك قبل أن يحدثك!!! وعلمك قبل أن يكلمك!!! فقال لك قبل أن تقرأ ….(أسرى) اقرأ (سبحان) واعتقد سبحان …فإذا قرأت واعتقدت شهدت للآية أنوارا أي أنوار….
بدأت الآية بقول ربنا عزوجل (سبحان الذي أسرى بعبده) التسبيح… التنزيه فكأن الله يقول لك قبل أن تقرأ أثبت لله تنزيها …ولكن أي تنزيه؟؟؟!!! إنه تنزيه مجرد عن الزمان وهذا ما يقتضيه التعبير باسم الفعل …فقد جاءت صيغة التسبيح في القرآن بلفظ الماضي كما جاء في سورة الحشر والصف… والمضارع كما جاء في صدر سورة الحديد وختام سورة الحشر وصدر سورة الجمعة وجاء بلفظ الأمر في صدر سورة الأعلى… لكن بدأ الإسراء باسم…وكما يقول اللغويون واسمالفعل مجرد من الزمن …كأن الله عز وجل يقول لك… نزه ربك بما نزّه به نفسه… فالمصدر فعل منزه عن الزمن…. وكذاك فعل ربك منزه عن الزمن… فافهم!!!! (د/ محمد سالم)
فإذا فهمت فهذا فعل ربك الذي أسرى بعبده فشرح له صدره وكشف له من أنواره مالم يكشفه لأحد من خلقه قبله… ولن يكشف لأحد من خلقه بعده!!! إلا هناااااك… في دار كرامته …ويكون محمد صلى الله عليه وسلم هناك عند الكشف إماما. ونحن ان شاء الله له تبع.(د/ محمد سالم)
فلا تقس بعقلك المحدود فعل ربك الموجود الواحد المعبود ومن أجمل ما عبر به الشعراء هذه الابيات الرائقات التي يقول فيها الشاعر:
دع عنك ما قيل في المعــراج حيث *** رقى إلى مقــام تهاوت دونه الفكر
فـــذاك أمر يراه العقل ممـــتنعا *** و يمــلك المــرء في تصديقه بهَــــر
فإن في الجـــو أبعادا مفــــرغة *** من الهــــواء و فيها يكمن الخـــطر
لو جـــازها المرء لاقى حتــفه و مضى*** إلى الفـناء الذي في الجو ينتظر
هذا كــلام الذي قــد راح معترضا *** و راح ينــكر في جهل و يدكــر
و فـــاته أن مــولانا بقدرته *** يسخــر الكـــون للهادي و يقتـــــدر
و المعجزات سمت فوق العقول*** فلا جن يعي سرها في الكون أو بشر
و تلك معـــجزة المختار كرمه بها *** إله عظيمٌ عظيمُ الشأن مقــــتدر
فلا الهواء هـــواء عند من عرفوا *** و لا المكان مكـــان عند من نظروا
و إنما الله – جل الله – نظـــمها *** للمصطفى رحــــــلة في طيها عبر
***الاسراء دليل على خيريه هذه الامة وتشريف لها
فرحلة الإسراء تمثل أعظم تكريم لبشر على الاطلاق…ومن صور هذا التكريم والعظمة أن سجلها ربنا سبحانه وسمى في القرآن باسمها سورة… لتكون ذكرى التكريم لرسول الله باقيه ببقاء كلام ربنا وكلام ربنا باق ببقاءه …. فهذا تكريم دائم متواصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولامته من بعده فياعبد الله اتبع ولا تتبتدع.
*** من ارتقى عن أرضيته حل مكرما في ملكوت ربه
ولا يكون ارتقاء إلا بكمال العبودية لله رب العالمين… لذا وصف ربنا سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم بالعبوديه في هذا المقام….والعبودية لكل أحد ضَعَةٌ الا لله فتشريف…. فكيف وربك قد أضافه لنفسه فقال أسرى بعبده ….
فتخل عن أرضيتك تكن في ملكوت ربك …من تخل عن غله وحقده… وحسده وكفره…. وضلاله وغيه…. كان عبدا ربانيا …يرفع الله في الدنيا ذكره… وفي الاخرة درجته ومقامه …ولكن رفع الدرجات على الحقيقة فلنا في الآخرة… أما الحبيب ففي الدنيا قبل الاخره لثبوت كمال المحبة …لذا كان فرض الصلاة هناك لأنها مرقاه القبول… ومنتهى أمل الآملين …. وسر الأسرار… ومكامن الأنوار التى قال عنها الحبيب …ارحنا بالصلاة يا بلال…فمن أراد أن يرتقى فليلزِم نفسه السجود …اعِنّي على نفسك بكثرة السجود… فاذا كان القرب…ووطء البساط ذاق ما لا يوصف… ورأى ما لا يستطيع لسان التعبير عنه… بل كان الحال كسابق الحال… مازاغ البصر وما طغى…وكيف يطغى نظر أو يزيغ قلب.. وهو في بحر الأنوار عند ذي الجلال والاكرام؟؟؟؟.(د/ محمد سالم)
فمن تخلى عن ارضيته ارتقت روحه الى ربه… وساحت في ملكوته مع الاطمئنان والسكينة (واسجد واقترب) … بل من جالس من جالس النور سبحانه فقد سرت فيه الأنوار وتغشته الأسرار لذا لا تعجب من قول الصحب الكرام كما جاء في صحيح مسلم ج4/ص2106 فعن حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قال وكان من كُتَّابِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لَقِيَنِي أبو بَكْرٍ فقال كَيْفَ أنت يا حَنْظَلَةُ قال قلت نَافَقَ حَنْظَلَةُ قال سُبْحَانَ اللَّهِ ما تَقُولُ قال قلت نَكُونُ عِنْدَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حتى كَأَنَّا رأى عَيْنٍ فإذا خَرَجْنَا من عِنْدِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا قال أبو بَكْرٍ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هذا فَانْطَلَقْتُ أنا وأبو بَكْرٍ حتى دَخَلْنَا على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قلت نَافَقَ حَنْظَلَةُ يا رَسُولَ اللَّهِ فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وما ذَاكَ قلت يا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حتى كَأَنَّا رأى عَيْنٍ فإذا خَرَجْنَا من عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفْسِي بيده إن لو تَدُومُونَ على ما تَكُونُونَ عِنْدِي وفي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ على فُرُشِكُمْ وفي طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ..
أعرفت…. أن الانوار في الأكوان تسري؟؟؟!!…وأعظم سريانها على أيدي من اصطفاهم الله …ومن ساروا على منهج الله متبعين منهج رسول الله …فيا فرحة من وجد شيخا مربٍ على منهاج النبوة…. فحق له والله ان يحمد ربه ليله ونهاره لان شيخه سيذيقه من الانوار ويفتح له من مشكاه الاسرار ما يأخذ بلبه… ولكن أين تجد أمثال هؤلاء؟؟؟!!!.
*** الليل وقت التجلي …وفيه جلوة القلوب
الليل تلفه الأستار لذا كان زمان فتح كنوز الأسرار والانشغال بالواحد القهار…اما النهار ففيه الانشغال عن العزيز الغفار ….فالنهار للدنيا مُظْهِرَ والليل لها ساترا …لهذا كان الاسراء ليلا… حتى يكون محمد لربه… لا يلتفت إلى شيئ… رغم ان الرحله أولها أرضية لكن انسه بربه جعل الرحلة رحلة ايناس…. وإكرام وإعظام من الله لنبيه …ووقوف بالأدب من الحبيب مع القريب المجيب….فاكرم الله نبيه بارسال البراق له يقود به جبريل فكان جبريل لمحمد مؤنسا ومشيرا ومبعوث من الله إلى حبيب الله ….فكان المبعوث مع كونه صاحب مهمه لكنه كان أخا …فنعم الصحبة كانت…. يسير بين يديه ويستأذن للحبيب حتى اذا بلغ المقام كان التقدم للضيف ليقف جبريل عند نهايه معلومه فلا يتخطي ليدنوا الحبيب . فمن أراد القرب من الله فليلزم ركعات الليل فان لها أسرارا !!!!
***الدين واحد وويل لمن حرف الكتاب
المسجد الحرام كالمسجد الاقصى بيت الله ينبغي ألا يدعوا فيها أحد الا لله (وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا) ولكن في لفت الانظار الى المسجد الاقصى دليل على ان دين الله واحد وأولي الناس رسول الله فقد جاء ليصحح مسار البشرية ليردها إلى التوحيد الذي هو المنهج… ويرد على ادعاء المبطلين… ولكن هل سألت نفسك مرة لم الصلاة هناك؟؟؟
ولم يجمع الله له الأنبياء حتى يصلي بهم إماما؟؟؟ صلى بهم حتى يعرفوا فضل ربهم عليهم وأن الله أرسل من بشروا به في كتبهم واعلموا به أممهم …صلى بهم حتى يكون شاهدا عليهم يشهد لهم بأنهم بلغوا أقوامهم أخرج البخاري في صحيحه(3/ص1215/3161) عن أبي سَعِيدٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ فيقول الله تَعَالَى هل بَلَّغْتَ فيقول نعم أَيْ رَبِّ فيقول لِأُمَّتِهِ هل بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ لَا ما جَاءَنَا من نَبِيٍّ فيقول لِنُوحٍ من يَشْهَدُ لك فيقول مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتُهُ فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قد بَلَّغَ وهو قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ على الناس)لهذا صلى الحبيب بالنبياء هناك وفيه ما فيه من تشريف لرسول الله …ومن ثم تشريف لامته
وفي الاسراء عبر وأيات اكتيفت منه بهذه اللفتات أسأل الله القبول والاخلاص ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا.
كتبه (د/ محمد سالم)
